اّه. ثم اّه.
غريب أمر هؤلاء النائحات النادبات من كُتَّاب السلطة، حين يرون "حماس" أخطر على مصر من الغزاةِ النازيين اليهود، الذين أذلونا وقهرونا واستباحونا.. لا أدري مَن الذي يُلقّنهم هذا السخف، أو هذا الهذر، أو هذا السفه الذي لا مسوّغ له، ولا ضرورة منه. صحافة التعري والسيراميك والخردة، رأت أن صواريخ "حماس" تهدد المدن المصرية! وصحافة لاظوغلي حمَّلت حماس كل خطايا البشر، ورأت في صواريخها التي يلعب بها الأطفال(!) سبب المجازر التي مارستها العصابة النازية اليهودية ضد الشعب الفلسطيني الأسير، أما صحافة اليسار المتأمرك، فقد أكدت أن "حماس" لا تفهم الفرق بين منطق الدولة وسلوك الجمعية الخيرية.
واّاّه.. ثم اّاّّه..
وأثبتت صحافة الارتزاق- دون دليل- أنه لولا التحالف الشيطاني بين حماس والإخوان المسلمين ما حدث الاقتحام التآمري على مصر، وفتح المعابر، ورفع العلم الفلسطيني في مدينة الشيخ زويد، ثم ألقت هذه بتبعية ما يمكن أن يحدث لمصر على حماس؛ لأن الدبّابات اليهودية تستطيع أن تصل إلى شاطئ قناة السويس، بعد ثلاث ساعات!.
واّاّّاّه... ثم اّاّّاّه...
إن كتابنا الأشاوس والنشامى، يؤلبون الرأي العام ضد حماس، ويروجون أن صواريخها ستطال المدن المصرية؟!.
لقد نسى هؤلاء أن حماس لم تحارب أبدًا خارج فلسطين، ولم تؤذِ أحدًا خارج فلسطين، ولم تخطف طائرات، ولم تقم باغتيالاتٍ خارج حدود فلسطين، ولم تعمل لحساب أحدٍ من الأنظمة العربية المغوارة، ولم تتورط قيادتها الخارجية في سياسة أي بلدٍ عربي، لقد حافظت على استقلالها ومنهجها؛ مما دفع الشعب الفلسطيني إلى منحها الشرعية في انتخابات عام 2006م؛ حيث فازت بالأغلبية الكبيرة، وصارت لسان الشعب المظلوم، والمعبِّر عن رأيه، ولكن الشيطان الأكبر، والشيطان الأصغر، والحلفاء الصغار في العالم العربي، فضلاً عن قبيلة أبي مازن، رأوا أنه لا بد من القضاء على "حماس"، وتفريق دمها بين القبائل؛ لأنها ستقف حجر عثرة في طريق الاستسلام، والتفريط في القدس، وحق العودة للاجئين.. ومع أن "حماس" جاءت عن طريق الاختيار الشعبي الحر النزيه الذي لم تزوَّر فيه الانتخابات، أو يمارس فيه الموتى حق التصويت، فقد رفض "الديمقراطيون" في واشنطن وتل أبيب، وتبعهم غير الديمقراطيين في العواصم العربية، أن يكون لحماس وجود دولي أو إداري، وأخذ القوم في تحريك الدمى التي تأتمر بأوامرهم وتخضع لتوجيهاتهم، وراحت دولة "دحلانستان" تمارس التحرش، ثم العنف، ثم القتل، ثم تحريك آية الله "محمود رضا عباس ميرزا" رئيس سلطة الحكم الذاتي المحدود، ليقيل حكومة "حماس"، ويبدأ عملية الحصار، بمنع المرتبات عن الموظفين في غزة، والتابعين لحماس في الضفة، ثم يقبل بما فرضه العدو من عدم تحويل مستحقات الفلسطينيين، ورفض التعامل مع البنوك المحلية والدولية، وتشكيل حكومة انقلابية في رام الله موالية للعدوِّ، ثم يبارك الحصار النازي اليهودي لغزة، على النحو الذي انتهى بالإظلام والجوع في ظل القتل والذبح اليومي لأفراد حماس والشعب الفلسطيني؛ قصفًا بالطائرات أو الدبابات أو المدافع، أو عن طريق العملاء.ثم نقض الاتفاقات التي وقعت في القاهرة ومكة المكرمة بين فتح وحماس، إمعانًا في الولاء للعدو النازي اليهودي، وإصرارًا على تدمير المقاومة قربانًا للصهاينة القتلة.
" حماس" ليست شيطانًا، وليست ملاكًا، ولكنهم بشر، صدقوا مع أنفسهم، وضحوا بأرواحهم في سبيل وطنهم السليب، وكان قادتهم: أحمد ياسين، الرنتيسي، الشقاقي، وولدا محمود الزهار، وغيرهم في مقدمة الشهداء الذين لقوا ربهم بعد أن ذبحهم الغزاة النازيون اليهود بالقصف الجوي والقنابل والرصاص، ووصل الأمر بمحمود الزهار، ألا يجد لولده الشهيد الأخير حفنة أسمنت يغلق بها قبره!.
واّاّّاّاّه ....ثم اّاّّاّاّه ....
حين فعل التجويع فعله في الشعب المظلوم، لم يجد أمامه غير الشقيق الأكبر لينجده، ويغنيه من جوع، وكان الخروج العفوي الذي أطاح بالخرافة النازية اليهودية، وقدرتها الخارقة، وأثبت أصالة الشعب المصري التي أكدها رئيس الدولة بأنه لن يسمح بتجويع الشعب الفلسطيني، ومع ذلك فإن الأبواق المأجورة أهالت التراب على هذه الأصالة، وعلى تأكيدها معًا! وأساءت إلى الرئيس والشعب المصري وحماس، والشعب الفلسطيني جميعًا.
إن حماس بشر يصيبون ويخطئون، ومعالجة أخطائهم أمر هين وبسيط، ولكن تحويلهم إلى العدو الأكبر، والشيطان الأعظم، وتجاهل العدو الحقيقي وأتباعه، هو الجرم الكبير بكل المقاييس!.
واّاّّاّاّاّّه .....ثم اّاّّاّاّاّّه .....
في عام 1991 قام العقيد معمر القذافي بعملية مشابهة لما تم في معبر رفح. فقد أحضر البلدوزرات وهدم البوابات المقامة على الحدود بين مصر وليبيا، معتبرا الحدود وراء المخططات الاستعمارية التي كرستها اتفاقية سايكس بيكو (عام 1916)، وبمقتضاها تم تمزيق العالم العربي. ووقتذاك عبر الحدود إلى ليبيا مليونا مصري، وهو رقم يعادل نصف الشعب الليبي. ولم تتصدع علاقات البلدين ولا شكت ليبيا من تهديد أمنها القومي. وبعد ذلك أعيد تنظيم الحدود، وأصبح المصريون يدخلون إلى ليبيا من دون تأشيرة. الذاهبون عبر المعبر الحدودي اشترط عليهم أن يحملوا معهم عقود عمل، والقادمون عبر المطار أصبحوا يدخلون من دون شروط، ويطالبون فقط بالحصول على عقود عمل خلال فترة زمنية معينة. ولأن هذه عملية يصعب ضبطها فقد أصبح في ليبيا الآن مليون مصري، منهم حوالي 650 ألفاً ذابوا في البلد وأقاموا في جنباتها من دون أن يحصلوا على عقود عمل، ومن ثم اعتبرت إقامتهم غير شرعية. وحين سرت شائعة تتعلق باحتمال ترحيلهم قامت الدنيا ولم تقعد، وجرت اتصالات عديدة بين القاهرة وطرابلس، أسفرت عن تهدئة الوضع وإبقاء كل شيء كما هو عليه.
هؤلاء، المصريون الموجودون في ليبيا بصورة غير شرعية، يعادلون تقريباً مجموع الفلسطينيين الذين عبروا الحدود خلال الأيام الثلاثة الأولى بعد اختراق معبر رفح، ومع ذلك فليبيا التي لا يتجاوز تعداد سكانها الملايين الأربعة لم تعتبر ذلك غزواً ولا تهديداً لأمنها القومي، في حين أن بعض الأبواق الإعلامية المصرية ظلت تصرخ منذرة ومحذرة من الغزو الفلسطيني لمصر، رغم أن تعداد سكانها تجاوز 76 مليون نسمة. وهي مفارقة تطرح السؤال التالي:
ماذا يكون موقفنا لو أن الإعلام الليبي عبَّأ المجتمع هناك ضد وجود ذلك العدد من المصريين بصورة غير شرعية، وحرَّض الجماهير ضد احتمال “الغزو المصري”، كما فعلت أبواقنا الإعلامية بالنسبة للفلسطينيين العابرين، علماً بأن مبررات الخوف أكبر في الحالة الليبية (بسبب إغراء النفط وقلة عدد السكان) منها في الحالة المصرية الفلسطينية ؟ أجيبوا بربكم الذى بحمده تسبحون , ما كان سيحدث ؟
إن الحدود الدولية يتعين احترامها، واجتيازها أو تحطيم أسوارها في الظروف العادية جريمة لاريب. لكني أحسب أن أي طفل مصري يدرك جيداً أن ما حدث في ما يتعلق بمعبر رفح كان نتاجاً لظروف غير عادية بإطلاق، من جانب شعب خضع لحصار شرس استمر ثمانية أشهر، وفي غيبة أي أمل لرفعه فقد كان الانفجار هو النتيجة الطبيعية له. من ثم فإن ما جرى لا ينبغي أن يوصف بأكثر من كونه خطأ لا جريمة، وهو ما يحتاج إلى عقلاء يتفهمون أسبابه ويعطونه حجمه الطبيعي ويتحوطون لتداعياته بحيث لا تخدم مخططات العدو “الإسرائيلي” مثلاً.
واّخيرا .......
ماذا يعنى فتح الحدود مع غزة؟
أن فتح الحدود بين غزة ومصر، أثبت حقيقة هامة وهي:
هشاشة اتفاقية الصلح مع العدوّ النازي اليهودي، وأن الحدود المصرية يصعب تأمينها في ظل هذه الاتفاقية بوضعها الحالي؛ وأن سيناء معرضة للاجتياح النازي اليهودي- وليس صواريخ حماس- في أية لحظة يُقرّرها العدوّ مما يعني أن الأمن القومي في خطر!.
وياعجبى أن يجتمع مجلس وزراء العدو المصغر ليقرر ماإذا كان سيسمح لمصر بوضع 1500 جندى على الحدود بدلا من 750 أم لا !! واعجبى اليهود يقررون ذلك وليس نحن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق