سِرْتُم على بصيرَة ... فأتِمُّوا المسيرَة
----------------------------------------------------------------
لقد كانت معركة غزة بحق "فرقانا " كما سماها الرجال الأوفياء ، رجال المقاومة ، تميزت فيها المواقف وانقشع الظلام ، وتراءت الحقائق للناظرين ، وكانت وما تزال امتحانا للجميع ربح فيها من ربح، وخسر فيها من خسر "{ لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ {{37} الأنفال
اصطِفاء واجْتِبَاء
ولقد شاء الله لنا وقَدَّرَ أن نحمِل الرسالة، ونؤدي الأمانة، ونسلك طريق الأصالة في دعوتنا لننهض بأمتنا في زمن تاهت فيه معالم الطريق ، وادْلَهَمَّتِ الخطوب ، وكَثُرت الفتن ، فَقُمْتُم أيها الرجال بالواجب خلال أحداث غزة الأخيرة ومازلتم ، فَضَحَّيُتم بأموالكم وأوقاتكم وجهودكم ،وأرشدتم أمَّتكم ، وذكَّرْتُم حكامكم ، فأُوذي منكم من أُوذي ، واعتقل منكم من اعتُقل ، بغيا وعدوانا ، وظلما وطغيانا ، وقد كان حَقُُّّكم على أنظمة الحكم أن تقدم لكم الشكر والتحية على القيام بواجبكم - مع أنكم لا تنتظرون ذلك - وذلك لأنكم قمتم بالواجب الشرعي ، وبالواجب الوطني، وبالواجب الإنساني .. ، ولكن حسبنا وحسبكم أن الله يرى ويسمع ، أوليس الأنبياء والمرسلون هم قدوتنا وأئمتنا ، فماذا كان شعارهم ؟ "{فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }يونس72{يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }هود51{قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }سبأ47
نعم .. هذا هو قدرُنا الطيب ونحن معتزون وراضون باختيار الله لنا ، فقد قال الإمام البنا "أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبًا سياسيًّا ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داوٍ يعلو مرددًا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلَّى عنه الناس".
دروسٌ تَحقََّقت وثِمارٌ أينعت
لقد كان لهذه المعركة " معركة الفرقان" ثمار وفوائد على جميع المستويات:
** على مستوى الفرد :
تحققت مقومات البناء التالية :
1-سلامة العقيدة :
لقد تحققت ثمار التربية العقدية فى أجَلِّ معانيها ، فتحقق معنى الولاء والبراء ، وتحققت الأخوة الإيمانية والتي من أعلى مظاهر الإيمان ، وظهر جلياً الفرقُ بين دراسة مسائل الإيمان والعقيدة نظرياً في المساجد ، وبين تطبيق مقتضياتها في ميادين الجهاد وعلى أرض الواقع، حيث تُمحَّص القَناعات، فأحداث غزة باتت امتحاناً عملياً اجتازه من وفقه الله وسقط فيه من لم يرد الله به خيراً ﴿ أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ ﴾ [التوبة:49
2- صحة العبادة :
لقد عاش الفرد خلال هذه الفترة معسكرا إيمانيا ربانيا ، تقرب فيه الفرد من ربه ، قام بين يديه بالليل ، وصام النهار ، ولهج لسانه بالدعاء صباحا ومساءا طلبا للنصرة منه سبحانه ، وذرفت العيونُ الدمعَ ، وخشعت القلوب ، أوليست هذه هي العبادة فى قمتها وفى أعلى مراتب صحتها؟!
3-متانة الخلق :
كيف تُمتَحن الأخلاق ؟ ومتى؟ وكيف؟إن لم يكن فى مثل هذه المحن والابتلاءات ؟ إن هذه المحنة قد أثبتت متين الخلق من غيره . فأخلاق العزة ، والتضحية ، والمروءة ، ونصرة المظلوم ، وزجر الظالم متى تتحقق وتثبت إن لم تكن فى مثل هذه المواقف ؟ فاحمدوا الله الذي هداكم لهذا .
4- مجاهدة النفس :
ماذا تعنى مجاهدة النفس إن لم تكن تغيير ما أَلِفْتَه من حياة راتبة ، من منام ، وطعام ؟ ماذا تعنى مجاهدة النفس إن لم تكن قهرها على الطاعة ، وزجرها عن الغي ، وتغلبها على الخوف ؟ وقد تحقق ذلك بفضل الله ، حيث تغلب الداعية على خوفه ، وهجر فراشه ، وعاف الحلال تأثرا لما رآه من آلام وأحزان ، وضحى بملذاته ومشتهياته نُصرة لإخوانه ، أو ليست هذه مجاهدة ؟!
5-نفع الغير :
لقد حققت بفضل الله نفع الغير فى أسمى صوره ومعانيه ، فبالنسبة لإخوانك المجاهدين فى غزة سعيتَ لنصرتهم بكل ما تستطيع حفاظا على دينهم وأرضهم وعرضهم ، وهذا أعظم نفع يقدمه المرء لأخيه . وبالنسبة لمجتمعك ، سعيت لإرشاده وفتح أبواب الخير والجهاد أمامه وهذا وجه عظيم من أوجه النفع أن تأخذ بيد أخيك إلى الله وإلى ما يصلحه فى أخراه قبل دنياه.
6-الحرص على الوقت :
لقد كانت المهمات عظيمة وجسيمة ، لا يقدر عليها إلا من ظل مستيقظا على مدار الساعة . وأنا أعلم أنه كان هناك الكثير من شباب وشيوخ هذه الدعوة المباركة يصلون ليلهم بنهارهم من أجل نصرة إخوانهم وتجهيز لوازم دعمهم وما يقتضيه إرشاد أمتهم ، ومع ذلك كانوا يذهبون لأعمالهم كغيرهم من الناس , أو ليست هذه قمة الحرص على الوقت ؟ نعم والله ، لأنهم كانوا يوقنون جيدا أن الواجبات أكثر من الأوقات.
7- تنظيم الشئون :
لقد بُذِل جهد كبير بفضل الله خلال الاثنين والعشرين يوما التي مضت، وكان هذا الجهد مطلوبا فى وقت كانت تؤدى فيه بعض أعمال الامتحانات وغيرها ، ومع ذلك استطاع المخلصون بفضل الله أن يوفقوا بين دراستهم أو عمالهم وبين حركتهم فى مجتمعهم ودروسهم فى مساجدهم وحضور وقفاتهم والقيام بواجباتهم الأخرى ، أقول عندما يحدث كل هذ أليس فى هذ تدريب على حسن تنظيم المرء لشئونه ؟ فالحمد لله على فضله ومَنِّه.
8- ثقافة الفكر :
لقد تحققت ثقافة الفكر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية عامة وقضية غزة خاصة من أوسع الأبواب ، فمن جهة كانت وسائل الإعلام الإخباري منها والديني على مدار الساعة لا حديث لها إلا عن غزة وفلسطين والجهاد والعقيدة ووجوب النصرة وتحليل الأحداث وغير هذا ، ولا شك أن هذا قد أسرى الفكر لدى الجميع بصفة عامة ولدى الدعاة بصفة خاصة . ومن جهة أخرى قيام الدعاة إلى الله بالتسلح بالثقافة الشرعية والواقعية لأنهم يقومون بواجب الإرشاد ، وفاقد الشيء لا يعطيه.
** وعلى مستوى البيت:
من مظاهر الإصلاح التى تحققت:
1- وهو حمل الأهل على احترام الفكرة :
حيث تفاعل الأولاد والأزواج مع الحدث بصورة كبيرة من الوجوه التالية :
ا- فأولادنا وأزواجنا جادت نفوسهم بما يملكون من حُلِى وغيره حتى مصروف الجيب .
ب- خروجهم للوقفات لأداء واجب النصرة .
ج- التعلق النفسي والعاطفي بالقضية الفلسطينية.
د- كان لهم دور مع أقرانهم وزملائهم وجيرانهم فى شرح القضية والحث على التفاعل والمشاركة.
ه- كان غالب حديثنا خلال هذه الفترة عن القضية وأبعادها وهذا وعى مهم ولازم حتى تكون الحركة على بينة وبصيرة.
2- كما تم المحافظة على الآداب الإسلامية فى مظاهر الحياة المنزلية :
ا- فقد كان الذكر والدعاء والقيام هو الروح التي سادت أجواء البيت خلال الحدث ، وهذه نعمة كبرى.
ب- كانت وسائل الإعلام فى بيوتنا لا تخرج عن كونها إما إخبارية لمتابعة الحدث، أو دينية لمعرفة آراء العلماء الصادقين وحكم الشرع ومعرفة الواجب . وهذا جو طيب وكريم فلنحافظ عليه .
3- حسن تربية الأولاد:
ا- لا شك أن هذا الحدث أحدث نقلة نوعية مع أولادنا إيمانيا وفكريا .
ب- لقد كشف هذا الحدث عن المواهب الكامنة فى نفوس أولادنا من مواهب أدبية أو قدرات اجتماعية وغيرها.
ب- لقد علم الحدثُ أولادَنا الإيجابية ومعنى الأخوة الإسلامية ، وأكسبهم الوعي النسبي بالقضية الفلسطينية وغير هذا .
وهذا كله يُحَمِّلك الواجب والمسئولية فى أن يكون لهذه الخطوات ما بعدها .
** وعلى مستوى المجتمع :
من مظاهر الإرشاد للمجتمع التى تحقَّقَت :
1- تم كسب قدر لا بأس به من الرأي العام إلى جانب الفكرة الإسلامية عامة ، وثقافة المقاومة والجهاد بصفة خاصة .
2- وأثناء الحدث كثر الحديث فى المساجد والفضائيات وغيرهما عن ضرورة التوبة والرجوع إلى الله ، وترك المنكرات والرذائل حتى ينصر الله المجاهدين ، وكثير من الناس أدرك ووعى هذا جيدا. أو ليست هذه بداية طيبة لمحاربة الرذائل والمنكرات فى المجتمع ؟!
3- كما تم حث الناس على المبادرة إلى فعل الخيرات والمساهمة فى نصرة المسلمين المجاهدين على أرض غزة ، ولقد رأى الجميع نماذج مشرفة لم تكن فى الحسبان .
4- النفرة المجتمعية التي حدثت تُبَين أن المجتمع على استعداد لتحمل المسئولية تجاه قضايا الأمة إذا ما هُيئت له الظروف، وأُزيلت الغشاوة من العيون ، وهذا دورُك.
5- لقد عرف الناس أن هناك شيئا فى العقيدة يسمى بعقيدة الولاء والبراء. فهلا أكَّدت عليها ؟!
6- اليقظة التي حدثت لقطاع عريض من الشباب ، وإن ما يعنينا هو هذا القطاع العريض من الشباب الذين وُلِدوا خاصة بعد حرب 1973 ، فهذا الجيل يكاد لا يعرف شيئا اسمه القضية الفلسطينية ولا عدوا اسمه اليهود ، فكان هذا الحدث بمثابة انتفاضة وإزاحة للركام ، وهذه ثمرة مهمة . فهلا استثمرت ذلك ؟
7- إعادة الثقة بالمجتمع وبإمكانية مشاركته الفعالة فى التغيير ، صحيح أن حركة المجتمع كانت دون المأمول منها ، إلا أنه لا بد وأن تأخذ فى الاعتبار حجم الضغوط التي تواجه المجتمع وتمنعه من القيام بالواجب المستحق.
ومع هذا فإن الإسهامات التي قدمها الناس بالرغم من حالة البؤس والفقر التي يعيشه غالبهم ، والمشاركة فى وقفات النصرة ، والتواجد الفعال فى أنشطة غزة المسجدية ، وقيام معظم الأئمة بدورهم فى الحديث عن غزة ، وكذلك المشاعر الطيبة الفياضة التي عبر الناس عنها اتجاه القضية الفلسطينية عامة ، واتجاه حماس خاصة ، كذلك ما عّبَّر الناس عنه من كراهية وبغض للأنظمة المتآمرة وغير هذا ، ولو أنفقت مثل الأرض ذهبا على أن تهيئ مثل هذه الأجواء ما استطعت ، أوليست هذه مظاهر تعيد الثقة إلى قدرة المجتمع على التغيير ، ولكن ما دورك أنت فى استثمار هذا ؟!.
هل انتهى دوُرنا؟
إن هذه الحركة المباركة وهذا الجهد الطيب ماهو إلا حلقة فى سلسلة فى سبيل نصرة القضية الفلسطينية ، فالقضية ليست غزة ولا حتى الضفة ، ففلسطين كلها مازالت محتلة ، والقدس مازال أسيرا وطريق النضال مازال طويلا وشاقا .
ولذ وجب الاّتى :
1- أن نستفيد من الثمار السابقة التي تحققت على المستويات الثلاثة .
2- أن نُجَدِّد الآمال فى نفوسنا بإمكانية تحقيق الأهداف :
فالثقة بنصر الله لعباده المؤمنين يجب أن تكون قوية وراسخة فى القلوب رسوخ الشم الرواسي :
فمن كان يظن أن بضعة مئات أوحتى آلاف من المجاهدين شبه العزل يقفون ويثبتون بل ويدحرون رابع أقوى جيش فى العالم بكامل أسلحته الحربية الحديثة المحرم منها فى الحروب وغير المحرم دوليا وذلك لمدة 22 يوما ، يُجبَر بعدها العدو على الإندحار بعدما فشل فى تحقيق أي من أهدافه ؟ أوليست هذه آية من آيات الله تُثَبِّت المؤمنين على الحق الذي هم عليه وتجعلُهم يعتزون بربهم وإيمانهم ويتمسكون بتلابيب دعوتهم ويعضون عليها بالنواجذ ؟! نعم إنها آية لتثبيت قلوب أصحاب الدعوات.
3- أن نُعَمِّق فهمنا لحقيقة النصر فى الإسلام :
-- فللنصر صور عديدة :
فلا ينحصر في انتصار المعارك فحسب وهو نصر العزة والتمكين في الأرض وجعل الدولة والجولة للإسلام ، بل قد يُقتل النبيّ أو يُطرد العالم أو يسجن الداعية أو يموت المجاهد ، ومع ذلك يكون كل هؤلاء قد انتصروا بل وحققوا نصراً مؤزراً وتحقق فيهم قول الله تعالى (وَكَانَ حَقًّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) .
فعدم تحقيق العدو لهدفه نصر ، وثبات المؤمنين على إيمانهم والتضحية بأبدانهم حماية لأديانهم نصر . فنبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا عن الدعوة إليها ،أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة ؟! وصبى الأخدود حين حدد طريقة موته بنفسه لتنتصر فكرته ،أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة ؟! في النظرة القريبة قد يُظن أن هؤلاء قد انهزموا لكنهم في الحقيقة انتصروا وأيّ انتصار وإن كانت نهايتهم الحرق بالنار . ولذا قال الله عن جنة المؤمنين بعد عرض قصة أصحاب الأخدود وما حصل لهم من الإبادة الجماعية حرقا بسبب ثباتهم على دينهم ومبادئهم {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ }البروج11
-- كما أن نصر العزة والتمكين قد يتأخر لأسباب كثيرة:
منها : أن البنية للأمة لم تنضج بعد ، فلو نالت النصر حينئذٍ لفقدته لعدم قدرتها على حمايته.
ومنها: أنه قد يتأخر النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله وهي تعاني وتتألم وتتأذى ، وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على المنهج الصحيح بعد النصر ، فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها الله به .
ومنها: أن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً فلو غلبه المؤمنون حينئذٍ فقد يجد الباطل له أنصاراً من المخدوعين فيه لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة فيشاء الله أن يبقى الباطل مدة من الزمن حتى يتكشف عارياً للناس وإذا ما ذهب فإنه يذهب غير مأسوف عليه .
ومنها: أن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة . فلو انتصر حينئذٍ للقيت معارضة من البيئة حولها لا يستقر معها قرار ، فيظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر ولاستبقائه .
من أجل هذا كله ومن أجل غيره مما يعلمه الله ولا نعلمه نحن قد يتأخر نصر الله فتتضاعف التضحيات وتتضاعف الآلام وتتضاعف معها الأجور وفي كل ذلك خير ، مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية.
4-استشعار فضل الله على التوفيق لأداء الواجبات :
- واجب النصرة :
تحقيقا لقول رسول الله "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ وَمَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَن فَرَّجَ عَن مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" صحيح البخاري (2262)، ومسلم (4677(
- وعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نصر أخاه بالغيب وهو يستطيع نصره نصره الله في الدنيا والآخرة"، رواه البزار، ورواه الطبراني.
- واجب الجهاد :
- ابتغاء تحقيق ثواب المجاهدين فى الميدان ، فقد حَبَسَكُم العذر {وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }التوبة121
- وتطبيقا لقول رسول الله "من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا" البخاري ، مسلم
5- الاستفادة من طاقات الخير الكامنة فى أعماق نفوسنا:
ففي هذه الأحداث تحققت نفرة الجهاد من كل الوجوه : جهاد المال ، جهاد البيان ، جهاد الأبدان ، حسن الصلة والتعبد والدعاء والرجاء ..... فهذا يبرهن على أن لدى الإنسان طاقات هائلة من الخيرات تحتاج لمن يستحثها ويفتش فى أعماق نفسه عن جوانبها . فالحركة أثناء هذه الأحداث لم تترك عذرا لمعتذر بعد ذلك للقعود والتعلل بقلة الإمكانيات وضعف القدرات . وحتى لو لم يفعل الإنسان ما كان واجبا عليه فعله وأداءه فأعتقد أنه يشعر بالتقصير والندم لفواته ثواب المجاهدين ، فليبدأ فما زالت أبواب الجِنان مفتحة ، فأقبل يا باغي الخير..
6- حسن الظن بالله:
نظرا لما يراه المرء من أحداث مؤلمة تقع على المسلمين دون غيرهم ، قد يظن أن الحق سيظل مغلوباً من قبل الباطل، أو أن ما يجري لا حكمة فيه ، وهذه إساءة ظن بالله ، والله تعالى يقول محذراً من سوء الظن به ﴿يظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [آل عمران:154] فهذه الأمور المؤلمة التي نراها إنما تحدث لحكمة يعلمها الله، فَالله تعالى مَا قدَّرها سُدًى، ولا أنشأها عبثاً، ولا خلقها باطلاً، وهذا من حسن الظن بالله تعالى.
7- تجديد لغة الخطاب حول قضايا المسلمين عامة والقضية الفلسطينية خاصة والتأكيد على المعاني التالية:
أولا : شرعية القضية ( الفلسطينية) بصفة عامة.
ثانيا : أن القضية ليست قضية غزة وإنما قضية فلسطين كأرض محتلة
ثالثا : بيان أن الصراع مع اليهود صراع عقيدة ودين وليس صراع أرض وطين
رابعا : رد الشبهات المثارة حول القضية الفلسطينية عامة وقضية غزة وحماس خاصة.
خامسا : مدارسة حول القضية مع أفراد البيت حتى ينتقل الأمر من مجرد عاطفة إلى قضية عقيدة واقتناع
8- التأكيد فى الخطاب الدعوى عامة على المعاني والقيم التالية :
أولا : مقتضيات العقيدة ولوازم الإيمان ، ومن ذلك عقيدة الولاء والبراء.
ثانيا : مقتضيات الأخوة الإيمانية من وجوب النصرة وحرمة السكوت عن نصرة المظلوم وما شابه ذلك.
ثالثا : غرس روح الجهاد بمفهومه الواسع فى نفوس الناس عامة والشباب خاصة وتنمية ثقافة وروح المقاومة.
رابعا : تنبيهِ العامَّةِ والخاصَّةِ إلى أنَّ تركِ الذُّنوبِ صغيرِها وكبيرِها أمرٌ لازم عندَ المحن ليعلمَ اللهُ صدقَ تأثرِنا بما حلَّ في ديارِ المسلمين؛ فحريٌ بأهلِ المعاصي الكبيرةِ الرجوعُ إلى اللهِ والتوبةُ منْ الرِّبا والفجورِ والظلم؛ فقدْ هُزمَ خيرُ جيشٍ سارَ على الأرضِ بسببِ معصيةٍ واحدةٍ منْ الرُّماةِ فكيفَ بأكوامِ المعاصي والمخالفات؟.
خامسا : تعميق قيم التعاون والتكاتف والتراحم والتعاطف بين المسلمين .
سادسا : بيان صفات اليهود كما تحدَّث عنها القرآن الكريم.
سابعا : بيان أن القوة الحقيقية لأهل الإيمان والمبدأ والحق ، وأن النصر للإسلام لامحالة .
9- تنمية جوانب الخير التي برزت فى المجتمع والعمل على تزكيتها ،
مع الاستفادة من العناصر الصالحة التي تفاعلت مع الحدث كل على حسب إمكاناته وجهده.
10- الاهتمام بالعلماء والدعاة الذين برز خيرهم فى هذه المُلِمَّات.
11- -كشف وفضح المنافقين ،
وذوى الفهم العليل ، وأصحاب الهوى والمصالح ليتم التعامل مع كل بالصورة المناسبة. من غير تجريح لأشخاص ولا هيئات.
12- أن تَسِير فى دربك بلا التفات ، مُتَخَطِّيا ما قد يعرض لك من عقبات ، فلا التفات لـــ : المُعوِّقين ،ولا المبَطِّئِين ، ولا مثيري الشبهات ،ولا الوعد ولا الوعيد .
وماذا بعد أيها الأوفياء؟!
فلينظر كلٌّ منا فيما عاهد الله عليه؛ من الثبات على العقيدة والذكر الكثير والتخلق بأخلاق المجاهدين؛ حتى يمكننا ريادة الأمة في طريق تحرير فلسطين، هكذا كان قَدَرُكم، وتلك هي رسالتكم، فهل أنتم على استعداد لحمل الرسالة وأداء الأمانة؟! هل ترضون أن تكون صحبتكم في الدنيا صحبة الأخيار، وفي الآخرة تلقون جزاء الأبرار؟! أَنْعِمْ بهم من أصحاب وأَكْرِمْ به من جزاء!.
ولطالما بايعتم ورضيتم فهذه هي مقومات الأوفياء، وهذا هو درب الأمناء كما حددها إمامُ دعوتِنا وقائدُ نهضتنا؛ حيث قال: "إن تكوين الأمم، وتربية الشعوب، وتحقيق الآمال، ومناصرة المبادئ تحتاج من الأمة التي تحاول هذا أو الفئة التي تدعو إليه على الأقل، إلى قوة نفسية عظيمة تتمثل في عدة أمور:
- إرادةٍ قويةٍ لا يتطرَّق إليها ضعف.
- ووفاءٍ ثابتٍ لا يعدو عليه تلوُّنٌ ولا غدرٌ.
- وتضحيةٍ عزيزةٍ لا يحول دونها طمعٌ ولا بخلٌ.
- ومعرفةٍ بالمبدأ وإيمانٍ به وتقديرٍ له يعصِم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه، والخديعة بغيره".
-------------------------------------------
فهل وفيتم؟! هل أدَّيتم؟!.. انطلقوا في طريقكم، فلن يضيع جهادكم ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ محمد: 35.
وصلى الله وسلم على معلم الناس الخير سيدنا محمد
----------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق