- إن حمد الله والثناء عليه هو العبادة الواجبة والمستحقة فى هذه اللحظات الفارقة والمجيدة فى تاريخ أمتنا الحبيبة ، والتى فيها أذن الله للحق أن يسود ، ولدولته أن تعلو ،وللعدل أن ينتشر ، كما أنه بقدرته وقوته وجبروته شاء لدولة الباطل الباغية الظالمة أن تتهاوى وتندثر وتندحر" {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
-نعم فالشكر لذي الفضل موصول:{وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ }والشكر يكون بالعودة إلى الإيمان والعمل الصالح، قال الله تعالى:" الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ" (الحج41)،- لقد كان فضل الله على الشعب المصري بل والعالم الإسلامي عظيما بهذه الثورة المباركة التي تمت يوم 25 يناير 2011 وأبهرت العالم كله ، ، حيث حفظ الله مصر ونجاها وخلصها من شرور المفسدين الطغاة ،ولم لا ؟!وهى من البلدان التى ذكرها الله فى قرآنه، فهى أرض الأنبياء والصالحين والشهداء والأطهار والأخيار ، فمصر مشى على أرضها نبى الله إبراهيم وإسماعيل وإدريس ويعقوب ويوسف والكثير من أصحاب رسول الله، وعاش على أرضها أم موسى وأم عيسى عليهم جميعا السلام، وقال عنها عمرو بن العاص "ولاية مصر تعدل الخلافة".- مصر نامت ومرضت وطال مرضها، لكن ما ماتت بتقدير الله، فالأشخاص المفسدون إلى زوال وفناء، وسبحان مغير الأحوال !! أين أصحاب النفوذ والسلطان الذين كانت تتزلزل الأرض تحت أقدامهم ؟ إنهم الآن يشربون من الكأس الذى سقوا منه الملايين من شعبنا الطيب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم }إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) قال : ثم قرأ :}وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ{ متفق عليه
- لقد عشنا سنين عجاف ، انقلب فيها الحال ، فعظم الحقير وحقر العظيم ، ونكست الحياة تنكيسا ، ووصلنا للحال الذى أشار إليه الحبيب : }"سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ" قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: "الرَّجُلُ التَّافِهُ- وفي رواية: السَّفِيهُ، وفي رواية: الْفُوَيْسِقُ- يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ".- كان النفاق هو سلم الوصول وطريق القبول ، والتزلف بمعسول القول للمسئولين الظلمة كان أوراق الاعتماد لديهم ، وهذه كانت الكارثة ، كهذا المنافق الكذوب :
الشاعر محمد بن هانيء الاندلسي : يتزلّف; للسلطان " الخليفة المعز لدين الله الفاطمي " ويرجو رضاه بحفنة من الدنانير..فيقول له ويا قبيح ماقال: ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحـكم فأنت الواحد القهار- بل ومنهم من يقلب الحقائق، ويرتزق من ورائها؛فقد كان أحد الشعراء في العهد المملوكي في مصر بعد أن أصابها زلزال جاء إلى الحاكم، فقال متملقاً ببيت من الشعر: ما زُلْزِلت مصرُ من كيدٍ أُريد بها *** لكنها رقصت من عدلكم طرباً !!
لا بل تأمل هذا المثل :فلما كانت الجمعة الثالثة قال مثل مقالته، فقام رجل ممَّن شهد المسجد فقال: كلا، بل المال مالنا، والفيء فيئنا، من حال بيننا وبينه حاكمناه بأسيافنا. فلما صلى أمر بالرجل فأُدخل عليه، فأجلسه معه على السرير، ثم أذن للناس فدخلوا عليه، ثم قال: أيها الناس! إني تكلمت في أول جمعة فلم يردَّ عليَّ أحد، وفي الثانية فلم يردَّ علي أحد، فلما كانت الثالثة أحياني هذا أحياه الله، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "سيأتي قوم يتكلمون فلا يُرَدُّ عليهم، يتقاحمون في النار تقاحم القردة، فخشيت أن يجعلني الله منهم، فلمَّا ردَّ هذا عليَّ أحياني أحياه الله، ورجوت أن لا يجعلني الله منهم" (حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة
- ولعل ماحدث هو بداية للعهد الجميل الذى بشرنا به رسول الله :
*ولكن....بعد الثورة....حدث مالم يكن فى الحسبان:أصبح ذكر الإسلام مفزعة ، والبعد عن ذكره منجاة ،
وأصبح الناس أمام المشروع الإسلامي ونهضته ،أمام الهوية الإسلامية واحد من ستة :
ا- مؤمن به :
- يُروَى أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه خطب في يوم جمعة فقال: إنما المال مالنا، والفيء فيئنا، مَنْ شئنا أعطيْنَا، ومَنْ شئنا منعْنَا، فلم يردَّ عليه أحد. فلما كانت الجمعة الثانية قال مثل مقالته، فلم يردَّ عليه أحد.}تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، ثُمَّ سَكَتَ )
*- ولا شك أن هؤلاء الأئمة دفعوا وسيدفعون نيابة عن أمتهم ثمن العزة والكرامة ، ولذلك فإن الكريم سبحانه سيحقق فيهم سنته التى لا تتبدل ولا تتغير ولكن فى الوقت الذى يقدِّره هو سبحانه{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}القصص5 وسيتحقق لهم مايريدون.
ب-مؤيد له:
وهم من أحبوا الإسلام ومشروعه ولكنهم لم يبدؤوا بعد ولم يلحقوا بقطاره .ولكنهم مستعدون ،ونقول لهم ابدؤا ونرجوا لهم أن يلحقوا بركب الأئمة :عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ وَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ"
جمتردد فى أمره
لا يدرى إلى أين يسير!. فنقول له هيا ولا تترد. فالناس رجلان : رجل صالح فى ذاته ورجل فاسد فى ذاته وهؤلاء وهؤلاء يلقون جزءهم عند لقاء ربهم {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ }آل عمران30 .فحدد الآن الآن موقفك والحق بركب الخير.
د-جاهل به :فهذا يحتاج إلى تعليم فعلموه ، وهذا واجب الصنف الأول.
ه-نفعى :هؤلاء يدورون مع مصالحهم ، كحال من قال الله فيهم " ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين" كحال من ذهبوا من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين مع أحداث الثورة. ونقول لهؤلاء ، هذه ليست بأخلاق الكبار ، لا تهيمون على وجوهكم ، ولا تأكلون على كل الموائد. فهذا هو طريق النفاق ونعيذكم بالله منه " {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً }.
و- متحامل عليه :وهم أئمة فى الشر وفيهم قال الله {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ }القصص41 وهؤلاء سيحملون أوزارهم وأوزار من يتبعهم يوم القيامة {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } حيث يكون الموقف عسيرا هكذا {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا *رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً }الأحزاب67 -68}. وسيخيب مسعاهم.
ولكن أصبح الصوت العالى اليوم للمتحاملين: الذين صاروا يحذرون من وصول الإخوان للحكم، يحذرون من الإسلاميين ،ومما زاد الصورة عتمة ماحدث بعد الثورة من قيام بعض المحسوبين على الفكرة الإسلامية ببعض الأعمال الصبيانية التى لا عقل ولا دين صحيح وراءها كقيامهم بهدم بعض الأضرحة ، وإعلان آخرين الفوز والنصر بغزوة أطلقوا عليها غزوة الصناديق ، وكذا ماقام به شرذمة من قطع أذن مسيحي ، وعمل بعضهم على اعتلاء المنابر بالقوة ، وأيضا المطالبة بالشرطة الحسبية لمنع المنكرات فى الشوارع...والبعض يمسك بلا فتات مكتوب عليها نريد دولة دينية لا مدنية ولا علمانية ، كلا م" لخبطة " فكأن عكس الدولة الدينية الدولة الكفرية...ويبدوا أن الجعبة مازالت ملأى بهذا التُّرَّهات.*ولذا لا بد وأن نقف مع أنفسنا بعد الثورة وقفة تصحيحية حتى لا نتطرف ذات اليمين أو ذات الشمال ، فلا نعتقد ما يعتقده هؤلاء المناوئون للفكرة الإسلامية ، أو نضع أنفسنا فى موضع المتهم الذى يحاول تبرئة ساحته فتضيع الهوية الإسلامية لأمتنا ، وننسى هدفنا الرئيس وهو تحكيم شرع الله فى الأرض، ولا نتحرك بالفكرة الإسلامية فى نفس الوقت بمثل هذه الجهالة التى تحرك بها نفر حديث عهد بسياسة.
- فمن حقنا أن يكون لنا مرجعية إسلامية للدولة المدنية ، كما أن لغيرنا مرجعية ماركسية ورأسمالية.* الإسلام بشعائره وشرائعه ينقسم إلى :
عقيدة وعبادة : وهى التى تنظم علاقة المسلم بربه ، وهى لا تأخذ من المسلم حوالي 5 % من عمره،وهذه لا اجتهاد فيها.أخلاق وسلوك : وهى علاقة المسلم بالغير ،وهى التى تمثل قواعد استقرار المجتمع كتشريعات الزنا والسرقة والكذب. وهى محدودة أيضا ولا خلاف عليها بين كل الشرائع.
تشريعات عامة : وهى التى تنظم حياة المجتمع ،والعلاقات الداخلية والخارجية للدولة الإسلامية وهى جل الإسلام ، وهذه تضمن السعادة للمسلم ولغير المسلم ، وفيها من الاجتهاد ما يواكب تقدم العصر وتقدمه.وهذا كله يكون فى ظل دولة مدنية.* وهناك فرق بين الدولة الدينية التى يخافها الناس والاعتزاز بالهوية الإسلامية
- ولا مبرر لخوف حتى غير المسلمين: ويكفي أن نذكر بقول الله تعالى "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ" وقال :{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ{﴿٢٥٦البقرة﴾.
الواجبات :
1- التمسك بالهوية الإسلامية
فالإسلام هو:
1- الدين عند الله: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾ آل عمران: 19.
2- الدين المقبول: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين﴾ آل عمران: 85.3- هو الدين المرتضى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ المائدة: 3.
4- هو دين الرسل جميعاً، قال صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء أبناء علاّت دينهم واحد وأمهاتهم شتى". رواه البخاري ، ومسلم . قال العلماء : أولاد العلات بفتح العين المهملة وتشديد اللام هم الإخوة لأب من أمهات شتى . وأما الإخوة من الأبوين فيقال لهم أولاد الأعيان . ومعنى الحديث أصل إيمانهم واحد ، وشرائعهم مختلفة ، فإنهم متفقون في أصول التوحيد ، وأما فروع الشرائع فوقع فيها الاختلاف., وهذا ما أخبر الله تعالى به عن حال الأنبياء السابقين كيف أنهم دانوا بالإسلام وأعلنوا ذلك إلى قيام الساعة , فهذا نوح عليه السلام قال الله تعالى على لسانه :{وأمرت أن أكون من المسلمين}, وهذا إبراهيم عليه السلام جاء قومه بالإسلام ووصاهم به فقال تعالى :{ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون}, وهذا يوسف عليه السلام يدعو ربه دعاءه المعروف بقوله تعالى :{توفني مسلما وألحقني بالصالحين}, وهذا موسى عليه السلام يؤكد لقومه الالتزام بالإسلام فقال تعالى :{وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين}, وهذا عيسى عليه السلام قرر قومه بالإسلام فقال تعالى :{فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنّا مسلمون}, وهذا خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم يعلنها لكل البشرية قائدا معتزا بإسلامه حيث قال الله تعالى :{قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين{.5- هو الدين الذي يجب أن يموت عليه الإنسان: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون﴾ [ البقرة: 132.
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون﴾ آل عمران: 102.وفي قوله: ﴿وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون﴾ فوائد:
ا- الحرص على تعليم الإسلام وفهمه وتطبيقه والدعوة إليه على بصيرة.ب- المحافظة على الإسلام نقياً حتى يدركك الموت: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين﴾ [الحِجر: 99].
ج-الحرص على حسن الخاتمة فالأعمال بالخواتيم.د- الحرص على الدعاء المأثور الذي قال نبي الله يوسف: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين﴾ يوسف: 101.
العزة لا تكون إلا من الله:
-- من طبيعة البشر وفطرتهم التي فطرهم الله عليها أن يعتزوا دائما بنسب أو مال أو جاه أو غيره, فالإنسان مجبول على حب البحث عن العزة بأي سبب من الأسباب .نعم يميل الإنسان إلى الاحتماء بقوة عظيمة يستمدّ منها العون، والغلبة، والنصر، فيجعلها مصدر قوة يتقوّى بها، ومبعث فخرٍ يتشرّف بالانتماء إليها. فإذا رأى إنسان ما أنّ تميّزه يكمن في انتمائه إلى بلدٍ ما أو قوميةٍ ما أو جنسيةٍ ما أو طبقةٍ ما، جعل من بلده أو قوميته أو جنسيته أو طبقته مصدر قوّته ، ومبعث فخره ، فيعتزّ بها ويباهي بالانتساب إليها.
إن الناس فى ذلك أقسام؛أول قسم منهم الكفار :
هؤلاء الذين يعتزون بكفرهم وشركهم وقديما اعتز المشركون بعبادتهم للأوثان , فقال تعالى {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً {مريم81 82-, وهؤلاء سحرة فرعون ظنوا أن العزة بيد فرعون فتحدوا موسى بذلك , فقال تعالى :{وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ }الشعراء44 وهذا القسم من الناس خائب في الدنيا خاسر في الآخرة .والقسم الثاني : هم المنافقون :
الذين يطلبون العزة من موالاة الكفار والترامي في أحضان أعداء الأمة ظانين أن الغلبة لهؤلاء ، متجاهلين سنن الله في الكون . فقال تعالى في وصف هؤلاء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ *
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ }المائدة51 -52. وتجد هؤلاء القوم يصرون على موقفهم مع أن الله سبحانه أخبرنا في كتابه خطأ ظنهم , وحسم العزة لنفسه جل جلاله , فقال تعالى : { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً *الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً }النساء138-139. وهذا القسم خائب أيضا في الدنيا وخاسر في الآخرة.
أما القسم الثالث : فهم المؤمنون الصادقون :الذين ارتضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ،هؤلاء الذين علموا وتيقنوا أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين , وساروا طلبا للعزة منطلقين من قوله تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْعزّة فَلِلَّهِ الْعزّة جَمِيعًا{
(فاطر: 10).
وقد أبطل الإسلام اعتزاز البشر بالبشر أو بقومياتهم أو بأعراقهم أو بغير ذلك، وجعل الاعتزاز بالله عزّ وجلّ وحده. قال تعالى: «وَلِلهِ الْعزّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ» (المنافقون: 8)فالمؤمن يعلم أن الله سبحانه هو الذي يعز ويذل , وهو الذي يؤتي الملك وينزعه ولا يقوم بذلك إنس ولا جن لا ملك ولاحاكم ولا طاغوت ولا سواهم ؛ مصداقا لقوله تعالى {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌحج هشام بن عبد الملك، فلما كان في الطواف رأى سالم بن عبد الله وهو يطوف وحذاؤه في يديه، وعليه ثياب لا تساوي ثلاثة عشر درهماً، فقال له هشام: يا سالم، أتريد حاجة أقضيها لك؟ قال سالم: أما تستحي من الله، تعرض عليّ الحوائج وأنا في بيت من لا يُعوز إلى غيره؟! فسكت هشام، فلما خرجا من الحرم قال له: هل تريد شيئاً؟ قال سالم: أمن حوائج الدنيا أو الآخرة؟ فقال: من حوائج الدنيا. فقال سالم: والله الذي لا إله إلا هو ما سألت حوائج الدنيا من الذي يملكها تبارك وتعالى، فكيف أسألها منك؟الإسلام طريق العزة:
إن الحق يخاطب حبيبه قائلاً: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـأَلُونَ الزخرف:44. أي: شرف لك وشرف لقومك وشرف لأتباعك إلى يوم القيامة.وممـا زادني شـرفاً وتيهـاً ** وكدت بإخمصي أطأ الثريادخولي تحت قولك يا عبادي ** وأن صيرت أحمد لي نبياً
جاء جليبيب إلى رسول الله ، فتبسم عليه الصلاة والسلام لما رآه، وقال: ((يا جليبيب أتريد الزواج))؟ فقال: يا رسول الله، من يزوجني ولا أسرة عندي ولا مال ولا دار ولا شيء من متاع الدنيا؟! فقال عليه الصلاة والسلام: ((اذهب إلى ذلك البيت من بيوت الأنصار، فأقرئهم مني السلام، وقل لهم: إن رسول الله يأمركم أن تزوجوني))، فذهب وطرق عليهم الباب، فخرج رب البيت، ورأى جليبيباً، فقال له: ماذا تريد؟ فأخبره الخبر، فعاد إلى زوجته، فشاورها، ثم قالوا: ليته غير جليبيب، لا نسب ولا مال ولا دار، فشاروا الفتاة، فقالت: وهل نرد رسول رسول الله فتزوج بها.وحضر النبي غزوة من الغزوات، فلما كتب لهم النصر قال النبي لأصحابه: ((هل تفقدون من أحد))؟ قالوا: نعم، فلاناً وفلاناً وفلاناً، ثم قال : ((لكني أفقد جليبيباً، فاطلبوه))، فطلب في القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه، فأتى النبي فوقف عليه، فقال: ((قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه))، ثم وضعه على ساعديه، ليس له إلا ساعدا النبي ، ثم حفر له ووضع في قبره. [المسند ، مسلم].فانظروا – رحمكم الله – إلى هذا الرجل الذي يفتخر به النبي ، ويضع ساعده الشريف وسادة له حتى يحفر له القبر إكراماً له، مع أنه من الفقراء في المال، لكنه من الأعزاء بالإسلام المتشرفين بالانتساب له.إنهم عظماء؛ لأنهم عاشوا في كنف محمد .
لقد كان في وسع التاريخ أن يمر بهذا الرجل كما مر بملايين العرب من قبله دون أن يأبه لهم أو يخطروا له على بال ، لكن الإسلام العظيم أتاح لعبدالله بن حذافة السهمي أن يلقى كسرى ملك الفرس ، يروها لسان التاريخ . ففي السنة التاسعة عشرة للهجرة بعث سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشا لحرب الروم فيه عبد الله بن حذافة وكان قيصر الروم قد تناهت إليه أخبار المسلمين وما يتحلون به من صدق الإيمان واسترخاص النفس في سبيل الله ورسوله ، فأمر رجاله إذا ظفروا بأسير من أسرى المسلمين أن يبقوا عليه وأن يأتو به حيا .. وكان عبد الله بن حذافة ممن وقع في الأسر. نظر ملك الروم إلى عبد الله بن حذافة طويلا ثم بادره قائلا : إني أعرض عليك أمراً !! قال : وما هو ؟ فقال : أعرض عليك أن تتنصر ... فإن فعلت خليت سبيلك ، وأكرمت مثواك ، فقال الأسير في أنفة وحزم : هيهات .. إن الموت لأحب إلي ألف مرة مما تدعوني إليه. فقال قيصر : إني لأراك رجلا شهما ... فإن أجبتني إلى ما أعرضه عليك أشركتك في أمري وقاسمتك سلطاني . فتبسم الأسير المكبل بقيوده وقال : والله لو أعطيتني جميع ما تملك ، وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد طرفة عين ما فعلت. قال : إذن أقتلك. قال : أنت وما تريد ، ثم أمر به فصلب ، وقال لقناصته - بالرومية - ارموه قريبا من رجليه ، وهو يعرض عليه مفارقة دينه فأبى. عند ذلك أمرهم أن يكفوا عنه ، وطلب إليهم أن ينزلوه عن خشبة الصلب ، ثم دعا بقدر عظيمة فصب فيها الزيت ورفعت على النار حتى غلت ثم دعا بأسيرين من أسارى المسلمين ، فأمر بأحدهما أن يلقى فيها فألقي ، فإذا لحمه يتفتت ، وإذا عظامه تبدو عارية... ثم التفت إلى عبد الله بن حذافة ودعاه إلى النصرانية ، فكان أشد إباء لها من قبل. فلما يأس منه ، أمر به أن يلقى في القدر التي ألقي فيها صاحباه فلما ذهب به دمعت عيناه ، فقال رجال قيصر لملكهم : إنه قد بكى ... فظن أنه قد جزع وقال : ردوه إلي ، فلما مثل بين يديه عرض عليه النصرانية فأبى ، فقال : ويحك ، فما الذي أبكاك إذا؟! فقال : أبكاني أني قلت في نفسي : تلقى الآن في هذه القدر ، فتذهب بنفسك ، وقد كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعر أنفس فتلقى كلها في هذا القدر في سبيل الله . فقال الطاغية : هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟ فقال له عبد الله : وعن جميع أسارى المسلمين أيضا ؟ قال : وعن جميع أسارى المسلمين أيضا. قال عبد الله : فقلت في نفسي : عدو من اعداء الله ، أقبل رأسه فيخلي عني وعن أسارى المسلمين جميعا ، لا ضير في ذلك علي. ثم دنا منه وقبل رأسه ، فأمر ملك الروم أن يجمعوا له أسارى المسلمين ، وأن يدفعوهم إليه فدفعوا له. قدم عبد الله بن حذافة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأخبره خبره ، فسر به الفاروق أعظم السرور ، ولما نظر إلى الأسرى قال : حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة .. وأنا أبدأ بذلك... ثم قام وقبل رأسه ...
رضى الله عنك ياسلمان الفارسي :فلاحرج من إعلان هويتك الإسلامية:إنّ المسلم الذي أدرك قيمة الإسلام وتميّزه، افتخر بالانتماء إليه، وتَشَرف بذلك. فاعتزّ بهذا الدّين، وبعقيدته، وبنظامه، وبقيمه، وبنمط عيشه، وافتخر بأنه جزء من الأمة الإسلامية. هذه الأمة التي قال فيها الله سبحانه وتعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا» (البقرة: 143) وقال فيها: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّه» (آل عمران: 110)،
فأعلنها صراحة فدعوتك منصورة:أنا مسلم وأقولها ملء الورى *** وعقيدتي نور الحياة وسؤددإن العقيدة في قلوب رجالها *** من ذرة أقوى وألف مهنّدلله أسعى خاضعاً ومجاهداً *** ولغير ربي جبهتي لم تسجدبالشرق أو بالغرب لست بمقتدي *** أنا قدوتي ماعشت شرع محمدحاشاي يطويني سراب خادع *** ومعي كتاب الله يسطع في يديروح الحياة ونورها وجمالها *** من حاد عنه ففي ظلام سرمديسنعيد للدنيا صباحاً مشرقاً *** ونضئ أنواراً بشرع محمدونقولها الله أكبر حسبنا *** وبمنهج الله المهيمن نقتدي- فلماذا يستحي البعض من أن يظهر أنه مسلم أو يطبق بعض شعائره علنا ! بل الأدهى والأمرّ أنك تجد في الأمة من يصر على تحويل كل قضاياها وأمورها إلى شرقية وغربية وقومية وحزبية وغيرها من الشعارات واللافتات والتفاهات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا يتجرأ أبدا أن يتفوه بإسم الإسلام على لسانه وليته مضطرا لفعل ذلك , لهان الأمر قليلا ولكنه الجهل أحيانا والخبث والمكر أحيانا أكثر ؛ ألم ينصر الله سبحانه عباده الصالحين ويعدهم بميراث الأرض فقال تعالى :{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }الأنبياء105, وقال تعالى :{ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }غافر51 و قال تعالى { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55الاعتزاز بهذا الدين لا يكون بالكلام و حسب : رسالتك هى
الصلاح قبل الإصلاح :
فالنّاسُ أربعة: صالحٌ ومصلحٌ وفاسدٌ ومفسدٌ. ، أشدهم خطرا هو المفسد، وأعظمهم خيراً هو المصلح
وفى الحقيقة الصلاح والإصلاح وجهان لعملة واحدة إذا طمس أحد وجهى أى عملة لا تصلح للاستخدام. ولكن الصلاح يكون قبل الإصلاح .. كما أن الوقود قبل المسير .. والتربية قبل التعليموإنَّ المتَتَبِّعَ للمواضع التي ذُكِر فيها كلمة الإصلاحُ في القرآن يظهر له بوضوح أنَّ هذه الكلمة قد تبوّأت مكانًا عليًّا في هذا الكتاب، ويكفي للدِّلالة على أهميَّتها وبروزها أنْ ذُكِرت أكثرَ من مائةٍ وسبعين مرَّة بأساليبَ متنوِّعةٍ.لماذا الصلاح قبل الإصلاح؟2--لا يستقيم البناء إلا بذلك:﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ 4--أساس التمكين والنصر:}وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ { الانبياء:105،صلاح للنفس ابتداءً:ولذلك كان التعامل مع النفوس تغييرًا، ومع القلوب تطهيرًا، ومع العقول صياغةً هي أهم مهام الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2)﴾ (الجمعة.ورَبط الله في كثيرٍ من الآياتِ بين ذكر التَّوبةِ وذكرِ الإصلاحِ، «التَّخْلِيَةِ وَالتَّحْلِيَةِ»؛ فكلُّ مُصْلِحٍ يبدأ بالتَّوبةِ للتَّطهير ، لينتهيَ إلى إحداث التَّغييرِ والإصلاحِ ، وفي هذا يقولُ الله: ﴿فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [المائدة: 39]، ويقول: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً﴾ [النساء: 146].ويقول: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النحل: 119].دليل الصلاح: التطهير -- هاهو –صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيح من رواية [أنس]، وكما في رواية [ابن اسحق] عن [أبي سعيد الخدري]، عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-" أنه لما قسم غنائم حنين أعطى المهاجرين، وتألف قلوب بعض المشركين، ولم يعطِ الأنصار شيئًا، فوجدوا في أنفسهم، فقال قائلهم: وجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قومه فنسينا، وقال الآخر: غفر الله لرسول الله، يعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، فيذهب أحدهم، بل سيد من ساداتهم؛ [سعد بن عبادة] إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ويقول وينقل المقالة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما روى: ما أنت؟ يعني أين موقفك أنت، حدِّد موقفك، هل أنت منهم؟ فيقول: يا رسول الله ما أنا إلاّ رجل من قومي، قد أقول ما يقولون -ما يعرفون الخداع، وما يعرفون الالتواء، إنما صرحاء أتقياء أنقياء-. فقال -صلى الله عليه وسلم-: اجمعهم لي، فجمعهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر الأنصار؛ ما حديث بلغني عنكم، ألم آتيكم ضُلالا فهداكم الله بي؟ وفقراء فأغناكم الله بي؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم بي؟ فيقولون: الله ورسوله أمنّ، الله ورسوله أمنّ. قال: ألا تجيبوني يا معشر الأنصار، والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصُدِّقتم: أتيتنا مُكذَّبًا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلا فواسيناك، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم على لعاعة من الدنيا تألفت بها قلوب أقوام ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم؟ والذي نفسي بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْبًا وسلك الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار، أما ترضون أن يعود الناس بالشاة والبعير، وتعودون أنتم برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فو الله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به، ألا إنكم ستلقون بعدي أَثَرَة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض فبكى القوم حتى اخضلَّت لِحَاهُم بالدموع وهم يقولون: رضينا برسول الله قسمًا وحظًّا، رضينا برسول الله قسمًا وحظًّا." أرأيت كيف استلَّ -صلى الله عليه وسلم- ما في قلوبهم، إنه لو لم يكن فيها إيمان لَمَ استلَّ ما في قلوبهم -رضوان الله عليهم جميعًا-. ب-للجوارح :عصمة وحجاب عن المعاصي والشهوات والشبهات. يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الصحيح-:" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"
---------------------------
ج-للمال :نساء هذا البيت مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات متحجبات ممتثلات لأمر رب الأرض والسماوات، يخرج الزوج المؤمن من البيت المؤمن فتقول الزوجة: اتق الله فينا ولا تطعمنا إلا حلالا؛ فإنا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار. البيوت المؤمنة تُخْرج أشبال الإيمان، وإليكم هذا المثل: [عمر بن عبد العزيز] -عليه رحمة الله ورضوانه- في يوم العيد، وهو خليفة المسلمين يدخل رجال المسلمين ليهنئونه ويدعون له بقبول الصيام والقيام، ثم يذهب الرجال ويدخل الأطفال؛ أطفال الرعية فدخلوا في هيئة حسنة وجميلة، وبينهم طفل من أطفال عمر ثيابه خَلِقَة وثيابه بالية، طأطأ رأسه وبكى، فقال هذا الطفل الصغير، والذي تربى على الإيمان: أبتاه ما الذي طأطأ بك رأسك وأبكاك، قال: يا بني -والله- ما من شيء إلا أني خشيت أن ينكسر قلبك يوم العيد بين أطفال الرَّعية، وأنت بهذه الهيئة وهم بتلك الهيئة، فردَّ ردَّ الرجال المؤمنين، قال: أبتاه إنما ينكسر قلب من عصى ربه ومولاه، وعقَّ أمه وأباه، أما أنا فلا والله. ما الذي علَّم هذا الطفل إلاّ الله الذي رزقه الإيمان من صغره فتربى على الإيمان، فكان منه ما كان. صحيح أخرجه ابن حبان.فالمؤمن :
وقال صلى الله عليه وسلم : (( مثل المؤمن كمثل النخلة ما أخذت منها من شئ نفع )
النخلة تثمر طوال السنة بلح رطب والمؤمن أينما حل نفع كالغيث والنخلة أعضاءها وجذوعها وجريدها يفيد البلاد والعباد والمؤمن كله خير كلامه وماله وحركته ، والنخلة ترمى بالحجر وترد بأطيب الثمر وهكذا المؤمن يدفع الإساءة بالإحسان ،النخلة أصلها ثابت لا يتزعزع والمؤمن ثابت لا تغيره شهوة ولا شبهه ولا غيرها فهو ثابت على دينه وتقواه . النخلة فرعها في السماء والمؤمن لا يأخذ زاده وغذاءه إلا من خالق السماء . -- مثل النحلة:روي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ َلكَمَثَلِ النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا وَوَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِر ولم تُفْسِد .ْ صححه الشيخ أحمد شاكر والشيخ الألباني . ( كل الذباب في النار إلا النحل ) صحيح الجامع-- لا يتغير مع الفتن-- حديث أبوذر-- فيجب التعامل على قاعدة التكريم. قال تعالى : } وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً { الاسراء:70،ـ (( لئن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خيرٌ له من أن يجلس على قبر)) وحُرْمة ترويع المؤمن متحقِّقة، ولو كان بمجرد النظرة ،فقد رُوِيَ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلَ الله عليه وسلم: ''مَن نظر إلى مسلم نظرةً يُخيفه فيها بغير حق أخافَه الله يوم القيامة''، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم ( من آذى ذميًا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله" .(رواه الطبراني بإسناد حسن.
هناك تعليقان (2):
اولا مفيش قطع اذن قبطي و دي خناقة من النوع الصعيدي بين اطراف لا علاقة للدين ولا السلفيين بالمسألة (بلال فضل -المصري اليوم )
ثانيا الاضرحة تهمة لم تثبتها النيابة وقيد المحض ضد مجهول , هوه لازم المجهول ده يبقى سلفي
غزوة الصناديق واحد قالها من شدة الفرحة بعد ما كان في قمة الخوف والرعب من عمل دستور جديد بلجنة من الاشكال الممولة من الخارج لو كانت لا هيه اللي تم اختارها لان مسارها كان غير واضح
مسجد النور اللي حصل فيه غلط بس ياريت تكون عارف ان حافظ سلامه معاه حكم قضائي بتبعية جميع ملحقات المسجد بجمعية الهداية , والجيش نفسه اعطى ليهم الحق ف , يعني الحكومة اصلا عليها جزء كبير من الخطأ
ي تناوب تعيين الخطيب
محدش رفع راية دولة ينية , قلوا اسلامية , دي تزعلك وانت راجل مسلم في ايه , وهي مصر من امتى كانت حاجة تانية غير دولة اسلامية
عايز تبقى محايد , كون محايد بجد مش تجيب احداث محصلتش من اعلام كاذب وتبني على اساسها مسألة وسطيتك فكفى بالمرء اثما ان يحدث بكل ما سمع
وشكرا على باقي المقال الرائع
شكرا يا واحد من الناس على تعليقك
إرسال تعليق