فى ظل المحن علمتني دعوتي
بقلم الأستاذ / محمد الشحات
فى هذه الأيام المباركات ، أيام الطاعات والنفحات ، أيام الخيرات والقربات ، أيام العشر من ذي الحجة ، أفضل أيام الله، والتي يتسابق فيها المسلمون جميعا ويسارعون إلى مرضاة الله والفوز بجناته ،نعم فى هذه الأيام قامت أجهزة حماية الفساد والاستبداد بالتقرب إلى الله (أستغفر الله ،أقصد إلى الشيطان ) باعتقال كوكبة من رجالات مصر الشرفاء , الأحرار الأوفياء وترويع النساء والأولاد وسرقة فرحة العيد منهم لا لشيء إلا لأنهم تخلقوا بخلق الرجولة وصفات البطولة ووقفوا نصرة لإخوانهم المنكوبين المحاصرين فى غزة الذين يموتون مرضا وجوعا وألما وحسرة بسبب ظلم ذوى القربى قبل الأعداء .
نعم هذه هى تهمتهم وتلك جريمتهم ولا عجب:
في مصر للتهم النكراءِ قائمةُ **إن لم تكن هذه فبِِأُختها بدَلاً
من قال أفِِّ كأن قد قال منكرةًََ **أو واهٍِِ ثوى فى السجن معتقلاً
يامصرُ حتى متى نعنوا لهم إبلاً** لجَّ الذَِئابُ وبات الليلُ متًَصِلا
عصابةُُ من رفاق السوءِ تحكمنا **أرهقت شعبَنا من حكمها عِللا
الناس من هونهم ملوا حياتهم **وغدا شعبُنا في سوئِه مثلاً
هذه ليست دياريَ الذي عرفتُ **ولولا إيماني وحبي لقليتها مللا
وقد تًخًيًّلْتُ فقط من باب الخيال والذي حتى أصبح من المحرمات فى هذه الأيام ، أقول تًخًيًّلْتُ لو خرج هؤلاء الرجال الكرام تأييدا لجناح العمالة والخيانة فى رام الله والذين هم أصهار وذوى قربى لمن يحمونهم ويدافعون عنهم ويتبنون مواقفهم من الأنظمة البائدة ، نعم لو خرجوا شكرا لهؤلاء - الذين باعوا قضيتهم- على جهودهم العظيمة في محاربة المجاهدين وكذلك شكرا لحماة الصهاينة هنا وهناك فى الداخل وعلى الحدود. أقول أتخيل لو حدث ذلك، وهو من تخيل المستحيل!!! لو حدث لصُوِّرت وقفاتُهم إعلاميا ولخرجت الصحافة الصفراء ، ممن يَحْبُون خلف ذيول الخيبة والهوان كصحيفة الأهرام تُهلل وتُصفق وتشدوا طربا بهذه الوقفات المناهضة لحماس التى ... والتى ... والتى ... (والله إن حيائي من رجالات حماس الأطهار وخجلي من نفسي العاجزة يجعلني لا أستطيع أن أكرر مانعتَتْهم بهم هذه الصحيفة الصفراء مؤخرا) كما يزعمون طبعا. .. وحقا :
يعيش المرء- ما استحيا- بخير** ويبقى العود ما بقي اللحاء
إذا لم تخشَ عاقبة الليالي** ولم تستح؛ فافعل ما تشاء
إنني أقول لهؤلاء الرجال الذين يدفعون ثمن الكرامة والعزة عن الأمة جمعاء وليس عن الإخوان فقط - كما قد يظن ظان - ،أقول لهم ولمن سبقهم ولمن سيأتي الدور عليهم ممن يُعِدون أنفسهم لدفع ما يملكون من غال ومن نفيس, من نفْس ومن مال ثمنا لإعادة مجد الأمة الإسلامية وتطبيق شرع الله فى الأرض لتسعد الدنيا بأسرها ، أقول لهم تذكروا - وهم أهل لأن يًتًذكروا ويُذًكِّرو- ا ما قاله الله سبحانه لخير قوم فى خير قرن " {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }آل عمران139 ،140،أي ولا تضْعُفوا -أيها المؤمنون- عن منازلة خصوم دعوتكم ودينكم والوقوف لهم بالمرصاد , ولا تحزنوا لما أصابكم , وأنتم الغالبون والعاقبة لكم, إن كنتم مصدقين بالله ورسوله متَّبعين شرعه. وإن أصابتكم -أيها المؤمنون- جراح أو لأواء فحزنتم لذلك, فقد أصاب خصومكم جراح ولأواء مثل ذلك . وتلك الأيام يُصَرِّفها الله بين الناس, جولة وجولة, لما في ذلك من الحكمة, حتى يظهر ما علمه الله في الأزل ليميز الله المؤمن الصادق مِن غيره, ويُكْرِمَ أقوامًا منكم بالشهادة. والله لا يحب الذين ظلموا, وقعدوا عن الجهاد في سبيله.
وأذكرهم أيضا بقول الله سبحانه فى معرض ذكره لما حدث فى غزوة أحد ، حين ابتعد المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصابهم ما أصابهم - وإن كان هناك فارق فى الحالتين - {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }آل عمران153 ،أي اذكروا -يا أصحاب محمد- ما كان مِن أمركم حين أخذتم تصعدون الجبل هاربين من أعدائكم, ولا تلتفتون إلى أحد لِمَا اعتراكم من الدهشة والخوف والرعب, ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت في الميدان يناديكم من خلفكم قائلا إليَّ عبادَ الله, وأنتم لا تسمعون ولا تنظرون, فكان جزاؤكم أن أنزل الله بكم ألمًا وضيقًا وغمًّا; لكي لا تحزنوا على ما فاتكم من نصر وغنيمة, ولا ما حلَّ بكم من خوف وهزيمة. والله خبير بجميع أعمالكم, لا يخفى عليه منها شيء. نعم فالأصل هو الثبات والتمسك بالمبدأ وعدم الفرار من الميدان مهما كانت التضحيات.
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة:
لو صفت الفرعون اليوم بما وُصِفَ به فرعون الأمس :
- حين قال ربنا سبحانه {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }القصص4
- وأيضا ما حكاه القران {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ }الأعراف127
- وقوله {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ }غافر26
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة:
لقلت إن فرعون الأمس خير من فرعون اليوم حيث أن فرعون الأول حاور موسي وجادله :
" قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ "
أما فرعون اليوم فحاله هو :
-- {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }الأنفال22
-- {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة :
لوسعني ما لم يسع الجماعة ، ولوصفتُه بذلك وشبهتُه بما ذكرتُ ولقلتُ ما قلتُ , ولكن لأن دينَنا يعلمنا أن لا نُشغل أنفسنا بالحكم على الأشخاص وتصنيفهم ,ونترك أمرنا وأمرهم إلى الله ، ودعوتَنا على ذات الدرب تسير فتُعلِّمُنا المبادئ والقيم , وأن نُشغِل أنفسنا بالعمل , ونتحمل التضحيات أيا كان حجمها في سبيل إعلاء كلمة الله , وتحقيق شرع الله , ورفع الظلم عن أمتنا , علمنا ذلك ديننا ورسمت معالم السير فيه دعوتنا ، فجعلتُ لا أنفعل ولا أثور من تلك الحملات الظالمة لأننا لا نعمل لأنفسنا ,وليقيني التام الذي لا يخالطه ريب أن هناك يوماٌ سيقفُ فيه الناس بين يدي الله وسيقف الجميع أمام قاضي السماء ويقال فيه للشامات والأعلام ، للصالحين المصلحين ..... يقال لهم يا من ظلمتم :" قفوا وتحَكَّموا" ويقال للطاغوت وزبانيته وقاضيه "لا تتكلموا " نعم يقال للمظلوم" قف و تحكم" ويقال للظالم "لا تتكلم "
--" وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ "(42) ابراهيم
--" يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" [غافر : 52]
--" وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "(20)
يومئذ يتبرَّأُ التابِع من المتبوع والمتبوع من التابع , ولا ينفع عذر القاضي ولا الجندي ولا الضابط حين يقول : انا عبد مأمور !!!! لا..
- ألم يسمعوا قول ربهم (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ)(القصص: من الآية8)
- فلم يغنى فرعون عن الجنود (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ) (العنكبوت:39)
- (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (القصص:40)
-- "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ "(167) البقرة
--" يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً" (68) الأحزاب
--" وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ (32)." سبأ
ولذلك فنحن نصبر ونحتسب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا " حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ "
وأقول ما قاله الشاعر:
صبرا أخي في محنتي وعقيدتي **لا بد بعد الصبر من تمكين
ولنا بيوسف أسوة في صبره **وقد ارتمى في السجن بضع سنين
هوّن عليك الأمر لا تعبأ به ** ان الصعاب تهون بالتهوين
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة!!!
لثرت علي كل من يؤذيني ويسعي لقطع قوت أولادي ويعمل علي تدمير حياتي , ولكن ديني ودعوتي لم يعلِّماني ذلك , لأن هذه البلاد هي بلادي أحميها وأفديها وأحتضنها وأدافع عنها لأننا نحن الآباء الحقيقيين لهذا البلد - أقصد الأبناء الحقيقيين لهذه البلد - وأنتم تعلمون جيدا قصة المرأتين اللتين جاءتا إلي سليمان عليه السلام ليحكم لهما في طفل تنازعا عليه , كلاهما يدَّعى أمومته..........فمن تاريخ الأمم والأنبياء ما يرويه لنا نبينا صلى الله عليه وسلم: (أن امرأتين ولد لكل واحدة منهما ولد، فغفلتا عن ولديهما، فجاء الذئب وخطف واحداً من الولدين، فاختلفتا في الولد الموجود، وكل واحدة منهما تدعيه لنفسها، فجاءتا إلى نبي الله داود، وسمع منهما، فحكم به للكبرى، فمرتا على سليمان، فسألهما عن خبرهما، فقالت: هذا ولدي حكم به داود لهذه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما نصفين، فقالت الصغرى: لا تفعل، هو لها، ولا تشق الولد، فانتزعه من الكبرى ودفعه إلى الصغرى)؛ فالكبرى لم تمنع من شقه؛ لأنها وترت في ولدها وتريد أن توتر الأخرى مثلها، ولما رأى شفقة الصغرى من أن يشق الولد نصفين واختيارها أن يبقى حياً في يد الغير أولى من أن يكون ميتاً، فعرف من قرينة عاطفة الأم أن الولد لها، وعرف من تساهل الأخرى أنها لا تبالي، فانتزعه من الكبرى، ودفعه للصغرى. )
نعم ...فهذه بلدنا, نحميها ونفديها ونسعى لخيرها ولا نربد بها سوءا , فلا عنف ولا دمار ولا انتقام , بل حسبنا أن الله يرى ويعلم .. ونحن على طريق الإصلاح ماضون مهما كان الثمن الذي ندفعه من غير انتظار لشكر أو ثناء , فَعَمَلُنا لخدمة دينِنا وأمتِنا مُنطَََلقُهُ الحرصُ على مرضاة الله .أما هم فلا يبالون عَمُرَت البلاد أم خَرِبَت , المهم أن تمتلئ جيوبهم بالجنيهات والدولارات وليكن بعد ذلك مايكون.
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة!!!
وكان الأمر بيدي لتخليت عن رسالتي ولتركت طريقي يأسا وملَلاً , لأن كل محاولة للإِصلاح تُقتَلعُ من جذورها , وكل صوت يَصدعُ بالحق يتم إخراسه , يُقدَّم فيه دعاة الإصلاح للمحاكم , ويُترك المفسدون يعيثون في الأرض فسادا , ولكن لا!! وألف لا !!
لن أتخلى عن طريقي , ولن أترك دعوتي , بل سأزداد لها حبا , وأضاعف جهدي في سبيل تحقيق أهدافها.
قائلا للطاغي والجلاد :
ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي **بالسوط ضع عنقي على السكّين
لن تستطيع حصار فكري ساعةً **أو نزع إيماني .. ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يديْ ربّي **.. وربّي ناصري ومعيني
سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي **وأموت مبتسما ليحيا ديني
نعم....أنطلق مع رفاق درب دعوتي الأوفياء هاتفا :
يا سيد الرسل طب نفسًا بطائفة** باعوا إلى الله أرواحًا وأبدانا
قادوا السفين فما ضلوا ولا وقفوا **وكيف لا وقد اختاروك ربَّانا؟!
أعطوا ضريبتهم للدين من دمهم **والناس تزعم نصر الدين مجانا
أعطوا ضريبتهم صبرًا على محن** صاغت بلالاً وعمارًا وسلمانا
"الله أكبر".. ما زالت هتافهمو* لا يسقطون ولا يحيون إنسانا
نعم أنطلق وأنا على يقين أن العاقبة للمتقين , فالعبرة ليس بمن يضحك كثيرا ولكن بمن يضحك أخيرا.
فاليأس ليس من أخلاق الرجال : {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ }الحج15
بل نحن على يقين من نصر الله للأوفياء لدينهم وأوطانهم : {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }القصص83
وأختم بهذه الكلمات لإمام دعوتنا وقائد نهضتنا:
" لقد قام هذا الدين بجهاد أسلافكم علي دعائم قوية من الإيمان بالله ، و الزهادة في متعة الحياة الفانية وإيثار دار الخلود ، والتضحية بالدم والروح والمال في سبيل مناصرة الحق ، وحب الموت في سبيل الله والسير في ذلك كله علي هدي القرآن الكريم .
فعلي هذه الدعائم القوية أسسوا نهضتكم و أصلحوا نفوسكم وركزوا دعوتكم وقودوا الأمة إلي الخير ، (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) (محمد:35) .
لا تيئسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين ، وحقائق اليوم أحلام الأمس ، وأحلام الأمس ، وأحلام اليوم حقائق الغد . ولا زال في الوقت متسع ، ولا زالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد . والضعيف لا يظل ضعيفاً طول حياته ، والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5) .
إن الزمان سيتمخض عن كثير من الحوادث الجسام ، وإن الفرص ستسنح للأعمال العظيمة ، وإن العالم ينظر دعوتكم دعوة الهداية والفوز والسلام لتخلصه مما هو فيه من آلام , وإن الدور عليكم في قيادة الأمم وسيادة الشعوب ، وتلك الأيام نداولها بين الناس ، وترجون من الله ما لا يرجون ، فاستعدوا واعملوا اليوم ، فقد تعجزون عن العمل غداً .
لقد خاطبت المتحمسين منكم أن يتريثوا و ينتظروا دورة الزمان ، و إني لأخاطب المتقاعدين أن ينهضوا و يعملوا فليس مع الجهاد راحة :
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
وإلي الأمام دائماً ...
والله أكبر ولله الحمد"
بقلم الأستاذ / محمد الشحات
فى هذه الأيام المباركات ، أيام الطاعات والنفحات ، أيام الخيرات والقربات ، أيام العشر من ذي الحجة ، أفضل أيام الله، والتي يتسابق فيها المسلمون جميعا ويسارعون إلى مرضاة الله والفوز بجناته ،نعم فى هذه الأيام قامت أجهزة حماية الفساد والاستبداد بالتقرب إلى الله (أستغفر الله ،أقصد إلى الشيطان ) باعتقال كوكبة من رجالات مصر الشرفاء , الأحرار الأوفياء وترويع النساء والأولاد وسرقة فرحة العيد منهم لا لشيء إلا لأنهم تخلقوا بخلق الرجولة وصفات البطولة ووقفوا نصرة لإخوانهم المنكوبين المحاصرين فى غزة الذين يموتون مرضا وجوعا وألما وحسرة بسبب ظلم ذوى القربى قبل الأعداء .
نعم هذه هى تهمتهم وتلك جريمتهم ولا عجب:
في مصر للتهم النكراءِ قائمةُ **إن لم تكن هذه فبِِأُختها بدَلاً
من قال أفِِّ كأن قد قال منكرةًََ **أو واهٍِِ ثوى فى السجن معتقلاً
يامصرُ حتى متى نعنوا لهم إبلاً** لجَّ الذَِئابُ وبات الليلُ متًَصِلا
عصابةُُ من رفاق السوءِ تحكمنا **أرهقت شعبَنا من حكمها عِللا
الناس من هونهم ملوا حياتهم **وغدا شعبُنا في سوئِه مثلاً
هذه ليست دياريَ الذي عرفتُ **ولولا إيماني وحبي لقليتها مللا
وقد تًخًيًّلْتُ فقط من باب الخيال والذي حتى أصبح من المحرمات فى هذه الأيام ، أقول تًخًيًّلْتُ لو خرج هؤلاء الرجال الكرام تأييدا لجناح العمالة والخيانة فى رام الله والذين هم أصهار وذوى قربى لمن يحمونهم ويدافعون عنهم ويتبنون مواقفهم من الأنظمة البائدة ، نعم لو خرجوا شكرا لهؤلاء - الذين باعوا قضيتهم- على جهودهم العظيمة في محاربة المجاهدين وكذلك شكرا لحماة الصهاينة هنا وهناك فى الداخل وعلى الحدود. أقول أتخيل لو حدث ذلك، وهو من تخيل المستحيل!!! لو حدث لصُوِّرت وقفاتُهم إعلاميا ولخرجت الصحافة الصفراء ، ممن يَحْبُون خلف ذيول الخيبة والهوان كصحيفة الأهرام تُهلل وتُصفق وتشدوا طربا بهذه الوقفات المناهضة لحماس التى ... والتى ... والتى ... (والله إن حيائي من رجالات حماس الأطهار وخجلي من نفسي العاجزة يجعلني لا أستطيع أن أكرر مانعتَتْهم بهم هذه الصحيفة الصفراء مؤخرا) كما يزعمون طبعا. .. وحقا :
يعيش المرء- ما استحيا- بخير** ويبقى العود ما بقي اللحاء
إذا لم تخشَ عاقبة الليالي** ولم تستح؛ فافعل ما تشاء
إنني أقول لهؤلاء الرجال الذين يدفعون ثمن الكرامة والعزة عن الأمة جمعاء وليس عن الإخوان فقط - كما قد يظن ظان - ،أقول لهم ولمن سبقهم ولمن سيأتي الدور عليهم ممن يُعِدون أنفسهم لدفع ما يملكون من غال ومن نفيس, من نفْس ومن مال ثمنا لإعادة مجد الأمة الإسلامية وتطبيق شرع الله فى الأرض لتسعد الدنيا بأسرها ، أقول لهم تذكروا - وهم أهل لأن يًتًذكروا ويُذًكِّرو- ا ما قاله الله سبحانه لخير قوم فى خير قرن " {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }آل عمران139 ،140،أي ولا تضْعُفوا -أيها المؤمنون- عن منازلة خصوم دعوتكم ودينكم والوقوف لهم بالمرصاد , ولا تحزنوا لما أصابكم , وأنتم الغالبون والعاقبة لكم, إن كنتم مصدقين بالله ورسوله متَّبعين شرعه. وإن أصابتكم -أيها المؤمنون- جراح أو لأواء فحزنتم لذلك, فقد أصاب خصومكم جراح ولأواء مثل ذلك . وتلك الأيام يُصَرِّفها الله بين الناس, جولة وجولة, لما في ذلك من الحكمة, حتى يظهر ما علمه الله في الأزل ليميز الله المؤمن الصادق مِن غيره, ويُكْرِمَ أقوامًا منكم بالشهادة. والله لا يحب الذين ظلموا, وقعدوا عن الجهاد في سبيله.
وأذكرهم أيضا بقول الله سبحانه فى معرض ذكره لما حدث فى غزوة أحد ، حين ابتعد المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصابهم ما أصابهم - وإن كان هناك فارق فى الحالتين - {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }آل عمران153 ،أي اذكروا -يا أصحاب محمد- ما كان مِن أمركم حين أخذتم تصعدون الجبل هاربين من أعدائكم, ولا تلتفتون إلى أحد لِمَا اعتراكم من الدهشة والخوف والرعب, ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت في الميدان يناديكم من خلفكم قائلا إليَّ عبادَ الله, وأنتم لا تسمعون ولا تنظرون, فكان جزاؤكم أن أنزل الله بكم ألمًا وضيقًا وغمًّا; لكي لا تحزنوا على ما فاتكم من نصر وغنيمة, ولا ما حلَّ بكم من خوف وهزيمة. والله خبير بجميع أعمالكم, لا يخفى عليه منها شيء. نعم فالأصل هو الثبات والتمسك بالمبدأ وعدم الفرار من الميدان مهما كانت التضحيات.
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة:
لو صفت الفرعون اليوم بما وُصِفَ به فرعون الأمس :
- حين قال ربنا سبحانه {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }القصص4
- وأيضا ما حكاه القران {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ }الأعراف127
- وقوله {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ }غافر26
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة:
لقلت إن فرعون الأمس خير من فرعون اليوم حيث أن فرعون الأول حاور موسي وجادله :
" قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ "
أما فرعون اليوم فحاله هو :
-- {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }الأنفال22
-- {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة :
لوسعني ما لم يسع الجماعة ، ولوصفتُه بذلك وشبهتُه بما ذكرتُ ولقلتُ ما قلتُ , ولكن لأن دينَنا يعلمنا أن لا نُشغل أنفسنا بالحكم على الأشخاص وتصنيفهم ,ونترك أمرنا وأمرهم إلى الله ، ودعوتَنا على ذات الدرب تسير فتُعلِّمُنا المبادئ والقيم , وأن نُشغِل أنفسنا بالعمل , ونتحمل التضحيات أيا كان حجمها في سبيل إعلاء كلمة الله , وتحقيق شرع الله , ورفع الظلم عن أمتنا , علمنا ذلك ديننا ورسمت معالم السير فيه دعوتنا ، فجعلتُ لا أنفعل ولا أثور من تلك الحملات الظالمة لأننا لا نعمل لأنفسنا ,وليقيني التام الذي لا يخالطه ريب أن هناك يوماٌ سيقفُ فيه الناس بين يدي الله وسيقف الجميع أمام قاضي السماء ويقال فيه للشامات والأعلام ، للصالحين المصلحين ..... يقال لهم يا من ظلمتم :" قفوا وتحَكَّموا" ويقال للطاغوت وزبانيته وقاضيه "لا تتكلموا " نعم يقال للمظلوم" قف و تحكم" ويقال للظالم "لا تتكلم "
--" وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ "(42) ابراهيم
--" يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" [غافر : 52]
--" وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "(20)
يومئذ يتبرَّأُ التابِع من المتبوع والمتبوع من التابع , ولا ينفع عذر القاضي ولا الجندي ولا الضابط حين يقول : انا عبد مأمور !!!! لا..
- ألم يسمعوا قول ربهم (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ)(القصص: من الآية8)
- فلم يغنى فرعون عن الجنود (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ) (العنكبوت:39)
- (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (القصص:40)
-- "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ "(167) البقرة
--" يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً" (68) الأحزاب
--" وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ (32)." سبأ
ولذلك فنحن نصبر ونحتسب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا " حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ "
وأقول ما قاله الشاعر:
صبرا أخي في محنتي وعقيدتي **لا بد بعد الصبر من تمكين
ولنا بيوسف أسوة في صبره **وقد ارتمى في السجن بضع سنين
هوّن عليك الأمر لا تعبأ به ** ان الصعاب تهون بالتهوين
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة!!!
لثرت علي كل من يؤذيني ويسعي لقطع قوت أولادي ويعمل علي تدمير حياتي , ولكن ديني ودعوتي لم يعلِّماني ذلك , لأن هذه البلاد هي بلادي أحميها وأفديها وأحتضنها وأدافع عنها لأننا نحن الآباء الحقيقيين لهذا البلد - أقصد الأبناء الحقيقيين لهذه البلد - وأنتم تعلمون جيدا قصة المرأتين اللتين جاءتا إلي سليمان عليه السلام ليحكم لهما في طفل تنازعا عليه , كلاهما يدَّعى أمومته..........فمن تاريخ الأمم والأنبياء ما يرويه لنا نبينا صلى الله عليه وسلم: (أن امرأتين ولد لكل واحدة منهما ولد، فغفلتا عن ولديهما، فجاء الذئب وخطف واحداً من الولدين، فاختلفتا في الولد الموجود، وكل واحدة منهما تدعيه لنفسها، فجاءتا إلى نبي الله داود، وسمع منهما، فحكم به للكبرى، فمرتا على سليمان، فسألهما عن خبرهما، فقالت: هذا ولدي حكم به داود لهذه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما نصفين، فقالت الصغرى: لا تفعل، هو لها، ولا تشق الولد، فانتزعه من الكبرى ودفعه إلى الصغرى)؛ فالكبرى لم تمنع من شقه؛ لأنها وترت في ولدها وتريد أن توتر الأخرى مثلها، ولما رأى شفقة الصغرى من أن يشق الولد نصفين واختيارها أن يبقى حياً في يد الغير أولى من أن يكون ميتاً، فعرف من قرينة عاطفة الأم أن الولد لها، وعرف من تساهل الأخرى أنها لا تبالي، فانتزعه من الكبرى، ودفعه للصغرى. )
نعم ...فهذه بلدنا, نحميها ونفديها ونسعى لخيرها ولا نربد بها سوءا , فلا عنف ولا دمار ولا انتقام , بل حسبنا أن الله يرى ويعلم .. ونحن على طريق الإصلاح ماضون مهما كان الثمن الذي ندفعه من غير انتظار لشكر أو ثناء , فَعَمَلُنا لخدمة دينِنا وأمتِنا مُنطَََلقُهُ الحرصُ على مرضاة الله .أما هم فلا يبالون عَمُرَت البلاد أم خَرِبَت , المهم أن تمتلئ جيوبهم بالجنيهات والدولارات وليكن بعد ذلك مايكون.
لو لم أكن صاحب دعوة ورسالة!!!
وكان الأمر بيدي لتخليت عن رسالتي ولتركت طريقي يأسا وملَلاً , لأن كل محاولة للإِصلاح تُقتَلعُ من جذورها , وكل صوت يَصدعُ بالحق يتم إخراسه , يُقدَّم فيه دعاة الإصلاح للمحاكم , ويُترك المفسدون يعيثون في الأرض فسادا , ولكن لا!! وألف لا !!
لن أتخلى عن طريقي , ولن أترك دعوتي , بل سأزداد لها حبا , وأضاعف جهدي في سبيل تحقيق أهدافها.
قائلا للطاغي والجلاد :
ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي **بالسوط ضع عنقي على السكّين
لن تستطيع حصار فكري ساعةً **أو نزع إيماني .. ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يديْ ربّي **.. وربّي ناصري ومعيني
سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي **وأموت مبتسما ليحيا ديني
نعم....أنطلق مع رفاق درب دعوتي الأوفياء هاتفا :
يا سيد الرسل طب نفسًا بطائفة** باعوا إلى الله أرواحًا وأبدانا
قادوا السفين فما ضلوا ولا وقفوا **وكيف لا وقد اختاروك ربَّانا؟!
أعطوا ضريبتهم للدين من دمهم **والناس تزعم نصر الدين مجانا
أعطوا ضريبتهم صبرًا على محن** صاغت بلالاً وعمارًا وسلمانا
"الله أكبر".. ما زالت هتافهمو* لا يسقطون ولا يحيون إنسانا
نعم أنطلق وأنا على يقين أن العاقبة للمتقين , فالعبرة ليس بمن يضحك كثيرا ولكن بمن يضحك أخيرا.
فاليأس ليس من أخلاق الرجال : {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ }الحج15
بل نحن على يقين من نصر الله للأوفياء لدينهم وأوطانهم : {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }القصص83
وأختم بهذه الكلمات لإمام دعوتنا وقائد نهضتنا:
" لقد قام هذا الدين بجهاد أسلافكم علي دعائم قوية من الإيمان بالله ، و الزهادة في متعة الحياة الفانية وإيثار دار الخلود ، والتضحية بالدم والروح والمال في سبيل مناصرة الحق ، وحب الموت في سبيل الله والسير في ذلك كله علي هدي القرآن الكريم .
فعلي هذه الدعائم القوية أسسوا نهضتكم و أصلحوا نفوسكم وركزوا دعوتكم وقودوا الأمة إلي الخير ، (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) (محمد:35) .
لا تيئسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين ، وحقائق اليوم أحلام الأمس ، وأحلام الأمس ، وأحلام اليوم حقائق الغد . ولا زال في الوقت متسع ، ولا زالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد . والضعيف لا يظل ضعيفاً طول حياته ، والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5) .
إن الزمان سيتمخض عن كثير من الحوادث الجسام ، وإن الفرص ستسنح للأعمال العظيمة ، وإن العالم ينظر دعوتكم دعوة الهداية والفوز والسلام لتخلصه مما هو فيه من آلام , وإن الدور عليكم في قيادة الأمم وسيادة الشعوب ، وتلك الأيام نداولها بين الناس ، وترجون من الله ما لا يرجون ، فاستعدوا واعملوا اليوم ، فقد تعجزون عن العمل غداً .
لقد خاطبت المتحمسين منكم أن يتريثوا و ينتظروا دورة الزمان ، و إني لأخاطب المتقاعدين أن ينهضوا و يعملوا فليس مع الجهاد راحة :
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
وإلي الأمام دائماً ...
والله أكبر ولله الحمد"
هناك تعليقان (2):
تقبل الله منا ومنكم
وكل عام وانتم بخير
ثبتك الله وحفظك سالما غانما للاسلام والمسلمين
إرسال تعليق