31‏/01‏/2009

سِرْتُم على بصيرَة ... فأتِمُّوا المسيرَة

سِرْتُم على بصيرَة ... فأتِمُّوا المسيرَة

----------------------------------------------------------------

لقد كانت معركة غزة بحق "فرقانا " كما سماها الرجال الأوفياء ، رجال المقاومة ، تميزت فيها المواقف وانقشع الظلام ، وتراءت الحقائق للناظرين ، وكانت وما تزال امتحانا للجميع ربح فيها من ربح، وخسر فيها من خسر "{ لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ {{37} الأنفال

اصطِفاء واجْتِبَاء

ولقد شاء الله لنا وقَدَّرَ أن نحمِل الرسالة، ونؤدي الأمانة، ونسلك طريق الأصالة في دعوتنا لننهض بأمتنا في زمن تاهت فيه معالم الطريق ، وادْلَهَمَّتِ الخطوب ، وكَثُرت الفتن ، فَقُمْتُم أيها الرجال بالواجب خلال أحداث غزة الأخيرة ومازلتم ، فَضَحَّيُتم بأموالكم وأوقاتكم وجهودكم ،وأرشدتم أمَّتكم ، وذكَّرْتُم حكامكم ، فأُوذي منكم من أُوذي ، واعتقل منكم من اعتُقل ، بغيا وعدوانا ، وظلما وطغيانا ، وقد كان حَقُُّّكم على أنظمة الحكم أن تقدم لكم الشكر والتحية على القيام بواجبكم - مع أنكم لا تنتظرون ذلك - وذلك لأنكم قمتم بالواجب الشرعي ، وبالواجب الوطني، وبالواجب الإنساني .. ، ولكن حسبنا وحسبكم أن الله يرى ويسمع ، أوليس الأنبياء والمرسلون هم قدوتنا وأئمتنا ، فماذا كان شعارهم ؟ "{فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }يونس72{يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }هود51{قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }سبأ47

نعم .. هذا هو قدرُنا الطيب ونحن معتزون وراضون باختيار الله لنا ، فقد قال الإمام البنا "أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبًا سياسيًّا ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داوٍ يعلو مرددًا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلَّى عنه الناس".

دروسٌ تَحقََّقت وثِمارٌ أينعت

لقد كان لهذه المعركة " معركة الفرقان" ثمار وفوائد على جميع المستويات:

** على مستوى الفرد :

تحققت مقومات البناء التالية :

1-سلامة العقيدة :

لقد تحققت ثمار التربية العقدية فى أجَلِّ معانيها ، فتحقق معنى الولاء والبراء ، وتحققت الأخوة الإيمانية والتي من أعلى مظاهر الإيمان ، وظهر جلياً الفرقُ بين دراسة مسائل الإيمان والعقيدة نظرياً في المساجد ، وبين تطبيق مقتضياتها في ميادين الجهاد وعلى أرض الواقع، حيث تُمحَّص القَناعات، فأحداث غزة باتت امتحاناً عملياً اجتازه من وفقه الله وسقط فيه من لم يرد الله به خيراً ﴿ أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ ﴾ [التوبة:49

2- صحة العبادة :

لقد عاش الفرد خلال هذه الفترة معسكرا إيمانيا ربانيا ، تقرب فيه الفرد من ربه ، قام بين يديه بالليل ، وصام النهار ، ولهج لسانه بالدعاء صباحا ومساءا طلبا للنصرة منه سبحانه ، وذرفت العيونُ الدمعَ ، وخشعت القلوب ، أوليست هذه هي العبادة فى قمتها وفى أعلى مراتب صحتها؟!

3-متانة الخلق :

كيف تُمتَحن الأخلاق ؟ ومتى؟ وكيف؟إن لم يكن فى مثل هذه المحن والابتلاءات ؟ إن هذه المحنة قد أثبتت متين الخلق من غيره . فأخلاق العزة ، والتضحية ، والمروءة ، ونصرة المظلوم ، وزجر الظالم متى تتحقق وتثبت إن لم تكن فى مثل هذه المواقف ؟ فاحمدوا الله الذي هداكم لهذا .

4- مجاهدة النفس :

ماذا تعنى مجاهدة النفس إن لم تكن تغيير ما أَلِفْتَه من حياة راتبة ، من منام ، وطعام ؟ ماذا تعنى مجاهدة النفس إن لم تكن قهرها على الطاعة ، وزجرها عن الغي ، وتغلبها على الخوف ؟ وقد تحقق ذلك بفضل الله ، حيث تغلب الداعية على خوفه ، وهجر فراشه ، وعاف الحلال تأثرا لما رآه من آلام وأحزان ، وضحى بملذاته ومشتهياته نُصرة لإخوانه ، أو ليست هذه مجاهدة ؟!

5-نفع الغير :

لقد حققت بفضل الله نفع الغير فى أسمى صوره ومعانيه ، فبالنسبة لإخوانك المجاهدين فى غزة سعيتَ لنصرتهم بكل ما تستطيع حفاظا على دينهم وأرضهم وعرضهم ، وهذا أعظم نفع يقدمه المرء لأخيه . وبالنسبة لمجتمعك ، سعيت لإرشاده وفتح أبواب الخير والجهاد أمامه وهذا وجه عظيم من أوجه النفع أن تأخذ بيد أخيك إلى الله وإلى ما يصلحه فى أخراه قبل دنياه.

6-الحرص على الوقت :

لقد كانت المهمات عظيمة وجسيمة ، لا يقدر عليها إلا من ظل مستيقظا على مدار الساعة . وأنا أعلم أنه كان هناك الكثير من شباب وشيوخ هذه الدعوة المباركة يصلون ليلهم بنهارهم من أجل نصرة إخوانهم وتجهيز لوازم دعمهم وما يقتضيه إرشاد أمتهم ، ومع ذلك كانوا يذهبون لأعمالهم كغيرهم من الناس , أو ليست هذه قمة الحرص على الوقت ؟ نعم والله ، لأنهم كانوا يوقنون جيدا أن الواجبات أكثر من الأوقات.

7- تنظيم الشئون :

لقد بُذِل جهد كبير بفضل الله خلال الاثنين والعشرين يوما التي مضت، وكان هذا الجهد مطلوبا فى وقت كانت تؤدى فيه بعض أعمال الامتحانات وغيرها ، ومع ذلك استطاع المخلصون بفضل الله أن يوفقوا بين دراستهم أو عمالهم وبين حركتهم فى مجتمعهم ودروسهم فى مساجدهم وحضور وقفاتهم والقيام بواجباتهم الأخرى ، أقول عندما يحدث كل هذ أليس فى هذ تدريب على حسن تنظيم المرء لشئونه ؟ فالحمد لله على فضله ومَنِّه.

8- ثقافة الفكر :

لقد تحققت ثقافة الفكر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية عامة وقضية غزة خاصة من أوسع الأبواب ، فمن جهة كانت وسائل الإعلام الإخباري منها والديني على مدار الساعة لا حديث لها إلا عن غزة وفلسطين والجهاد والعقيدة ووجوب النصرة وتحليل الأحداث وغير هذا ، ولا شك أن هذا قد أسرى الفكر لدى الجميع بصفة عامة ولدى الدعاة بصفة خاصة . ومن جهة أخرى قيام الدعاة إلى الله بالتسلح بالثقافة الشرعية والواقعية لأنهم يقومون بواجب الإرشاد ، وفاقد الشيء لا يعطيه.

** وعلى مستوى البيت:

من مظاهر الإصلاح التى تحققت:

1- وهو حمل الأهل على احترام الفكرة :

حيث تفاعل الأولاد والأزواج مع الحدث بصورة كبيرة من الوجوه التالية :

ا- فأولادنا وأزواجنا جادت نفوسهم بما يملكون من حُلِى وغيره حتى مصروف الجيب .

ب- خروجهم للوقفات لأداء واجب النصرة .

ج- التعلق النفسي والعاطفي بالقضية الفلسطينية.

د- كان لهم دور مع أقرانهم وزملائهم وجيرانهم فى شرح القضية والحث على التفاعل والمشاركة.

ه- كان غالب حديثنا خلال هذه الفترة عن القضية وأبعادها وهذا وعى مهم ولازم حتى تكون الحركة على بينة وبصيرة.

2- كما تم المحافظة على الآداب الإسلامية فى مظاهر الحياة المنزلية :

ا- فقد كان الذكر والدعاء والقيام هو الروح التي سادت أجواء البيت خلال الحدث ، وهذه نعمة كبرى.

ب- كانت وسائل الإعلام فى بيوتنا لا تخرج عن كونها إما إخبارية لمتابعة الحدث، أو دينية لمعرفة آراء العلماء الصادقين وحكم الشرع ومعرفة الواجب . وهذا جو طيب وكريم فلنحافظ عليه .

3- حسن تربية الأولاد:

ا- لا شك أن هذا الحدث أحدث نقلة نوعية مع أولادنا إيمانيا وفكريا .

ب- لقد كشف هذا الحدث عن المواهب الكامنة فى نفوس أولادنا من مواهب أدبية أو قدرات اجتماعية وغيرها.

ب- لقد علم الحدثُ أولادَنا الإيجابية ومعنى الأخوة الإسلامية ، وأكسبهم الوعي النسبي بالقضية الفلسطينية وغير هذا .

وهذا كله يُحَمِّلك الواجب والمسئولية فى أن يكون لهذه الخطوات ما بعدها .

** وعلى مستوى المجتمع :

من مظاهر الإرشاد للمجتمع التى تحقَّقَت :

1- تم كسب قدر لا بأس به من الرأي العام إلى جانب الفكرة الإسلامية عامة ، وثقافة المقاومة والجهاد بصفة خاصة .

2- وأثناء الحدث كثر الحديث فى المساجد والفضائيات وغيرهما عن ضرورة التوبة والرجوع إلى الله ، وترك المنكرات والرذائل حتى ينصر الله المجاهدين ، وكثير من الناس أدرك ووعى هذا جيدا. أو ليست هذه بداية طيبة لمحاربة الرذائل والمنكرات فى المجتمع ؟!

3- كما تم حث الناس على المبادرة إلى فعل الخيرات والمساهمة فى نصرة المسلمين المجاهدين على أرض غزة ، ولقد رأى الجميع نماذج مشرفة لم تكن فى الحسبان .

4- النفرة المجتمعية التي حدثت تُبَين أن المجتمع على استعداد لتحمل المسئولية تجاه قضايا الأمة إذا ما هُيئت له الظروف، وأُزيلت الغشاوة من العيون ، وهذا دورُك.

5- لقد عرف الناس أن هناك شيئا فى العقيدة يسمى بعقيدة الولاء والبراء. فهلا أكَّدت عليها ؟!

6- اليقظة التي حدثت لقطاع عريض من الشباب ، وإن ما يعنينا هو هذا القطاع العريض من الشباب الذين وُلِدوا خاصة بعد حرب 1973 ، فهذا الجيل يكاد لا يعرف شيئا اسمه القضية الفلسطينية ولا عدوا اسمه اليهود ، فكان هذا الحدث بمثابة انتفاضة وإزاحة للركام ، وهذه ثمرة مهمة . فهلا استثمرت ذلك ؟

7- إعادة الثقة بالمجتمع وبإمكانية مشاركته الفعالة فى التغيير ، صحيح أن حركة المجتمع كانت دون المأمول منها ، إلا أنه لا بد وأن تأخذ فى الاعتبار حجم الضغوط التي تواجه المجتمع وتمنعه من القيام بالواجب المستحق.

ومع هذا فإن الإسهامات التي قدمها الناس بالرغم من حالة البؤس والفقر التي يعيشه غالبهم ، والمشاركة فى وقفات النصرة ، والتواجد الفعال فى أنشطة غزة المسجدية ، وقيام معظم الأئمة بدورهم فى الحديث عن غزة ، وكذلك المشاعر الطيبة الفياضة التي عبر الناس عنها اتجاه القضية الفلسطينية عامة ، واتجاه حماس خاصة ، كذلك ما عّبَّر الناس عنه من كراهية وبغض للأنظمة المتآمرة وغير هذا ، ولو أنفقت مثل الأرض ذهبا على أن تهيئ مثل هذه الأجواء ما استطعت ، أوليست هذه مظاهر تعيد الثقة إلى قدرة المجتمع على التغيير ، ولكن ما دورك أنت فى استثمار هذا ؟!.

هل انتهى دوُرنا؟

إن هذه الحركة المباركة وهذا الجهد الطيب ماهو إلا حلقة فى سلسلة فى سبيل نصرة القضية الفلسطينية ، فالقضية ليست غزة ولا حتى الضفة ، ففلسطين كلها مازالت محتلة ، والقدس مازال أسيرا وطريق النضال مازال طويلا وشاقا .

ولذ وجب الاّتى :

1- أن نستفيد من الثمار السابقة التي تحققت على المستويات الثلاثة .

2- أن نُجَدِّد الآمال فى نفوسنا بإمكانية تحقيق الأهداف :

فالثقة بنصر الله لعباده المؤمنين يجب أن تكون قوية وراسخة فى القلوب رسوخ الشم الرواسي :

فمن كان يظن أن بضعة مئات أوحتى آلاف من المجاهدين شبه العزل يقفون ويثبتون بل ويدحرون رابع أقوى جيش فى العالم بكامل أسلحته الحربية الحديثة المحرم منها فى الحروب وغير المحرم دوليا وذلك لمدة 22 يوما ، يُجبَر بعدها العدو على الإندحار بعدما فشل فى تحقيق أي من أهدافه ؟ أوليست هذه آية من آيات الله تُثَبِّت المؤمنين على الحق الذي هم عليه وتجعلُهم يعتزون بربهم وإيمانهم ويتمسكون بتلابيب دعوتهم ويعضون عليها بالنواجذ ؟! نعم إنها آية لتثبيت قلوب أصحاب الدعوات.

3- أن نُعَمِّق فهمنا لحقيقة النصر فى الإسلام :

-- فللنصر صور عديدة :

فلا ينحصر في انتصار المعارك فحسب وهو نصر العزة والتمكين في الأرض وجعل الدولة والجولة للإسلام ، بل قد يُقتل النبيّ أو يُطرد العالم أو يسجن الداعية أو يموت المجاهد ، ومع ذلك يكون كل هؤلاء قد انتصروا بل وحققوا نصراً مؤزراً وتحقق فيهم قول الله تعالى (وَكَانَ حَقًّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) .

فعدم تحقيق العدو لهدفه نصر ، وثبات المؤمنين على إيمانهم والتضحية بأبدانهم حماية لأديانهم نصر . فنبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا عن الدعوة إليها ،أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة ؟! وصبى الأخدود حين حدد طريقة موته بنفسه لتنتصر فكرته ،أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة ؟! في النظرة القريبة قد يُظن أن هؤلاء قد انهزموا لكنهم في الحقيقة انتصروا وأيّ انتصار وإن كانت نهايتهم الحرق بالنار . ولذا قال الله عن جنة المؤمنين بعد عرض قصة أصحاب الأخدود وما حصل لهم من الإبادة الجماعية حرقا بسبب ثباتهم على دينهم ومبادئهم {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ }البروج11

-- كما أن نصر العزة والتمكين قد يتأخر لأسباب كثيرة:

منها : أن البنية للأمة لم تنضج بعد ، فلو نالت النصر حينئذٍ لفقدته لعدم قدرتها على حمايته.
ومنها: أنه قد يتأخر النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله وهي تعاني وتتألم وتتأذى ، وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على المنهج الصحيح بعد النصر ، فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها الله به .
ومنها: أن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً فلو غلبه المؤمنون حينئذٍ فقد يجد الباطل له أنصاراً من المخدوعين فيه لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة فيشاء الله أن يبقى الباطل مدة من الزمن حتى يتكشف عارياً للناس وإذا ما ذهب فإنه يذهب غير مأسوف عليه .
ومنها: أن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة . فلو انتصر حينئذٍ للقيت معارضة من البيئة حولها لا يستقر معها قرار ، فيظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر ولاستبقائه .
من أجل هذا كله ومن أجل غيره مما يعلمه الله ولا نعلمه نحن قد يتأخر نصر الله فتتضاعف التضحيات وتتضاعف الآلام وتتضاعف معها الأجور وفي كل ذلك خير ، مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية.

4-استشعار فضل الله على التوفيق لأداء الواجبات :

- واجب النصرة :

تحقيقا لقول رسول الله "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ وَمَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَن فَرَّجَ عَن مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" صحيح البخاري (2262)، ومسلم (4677(

- وعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"من نصر أخاه بالغيب وهو يستطيع نصره نصره الله في الدنيا والآخرة‏"‏‏،‏ رواه البزار، ورواه الطبراني‏.

- واجب الجهاد :
- ابتغاء تحقيق ثواب المجاهدين فى الميدان ، فقد حَبَسَكُم العذر {وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }التوبة121

- وتطبيقا لقول رسول الله "من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا" البخاري ، مسلم

5- الاستفادة من طاقات الخير الكامنة فى أعماق نفوسنا:

ففي هذه الأحداث تحققت نفرة الجهاد من كل الوجوه : جهاد المال ، جهاد البيان ، جهاد الأبدان ، حسن الصلة والتعبد والدعاء والرجاء ..... فهذا يبرهن على أن لدى الإنسان طاقات هائلة من الخيرات تحتاج لمن يستحثها ويفتش فى أعماق نفسه عن جوانبها . فالحركة أثناء هذه الأحداث لم تترك عذرا لمعتذر بعد ذلك للقعود والتعلل بقلة الإمكانيات وضعف القدرات . وحتى لو لم يفعل الإنسان ما كان واجبا عليه فعله وأداءه فأعتقد أنه يشعر بالتقصير والندم لفواته ثواب المجاهدين ، فليبدأ فما زالت أبواب الجِنان مفتحة ، فأقبل يا باغي الخير..

6- حسن الظن بالله:

نظرا لما يراه المرء من أحداث مؤلمة تقع على المسلمين دون غيرهم ، قد يظن أن الحق سيظل مغلوباً من قبل الباطل، أو أن ما يجري لا حكمة فيه ، وهذه إساءة ظن بالله ، والله تعالى يقول محذراً من سوء الظن به ﴿يظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [آل عمران:154] فهذه الأمور المؤلمة التي نراها إنما تحدث لحكمة يعلمها الله، فَالله تعالى مَا قدَّرها سُدًى، ولا أنشأها عبثاً، ولا خلقها باطلاً، وهذا من حسن الظن بالله تعالى.

7- تجديد لغة الخطاب حول قضايا المسلمين عامة والقضية الفلسطينية خاصة والتأكيد على المعاني التالية:

أولا : شرعية القضية ( الفلسطينية) بصفة عامة.

ثانيا : أن القضية ليست قضية غزة وإنما قضية فلسطين كأرض محتلة

ثالثا : بيان أن الصراع مع اليهود صراع عقيدة ودين وليس صراع أرض وطين

رابعا : رد الشبهات المثارة حول القضية الفلسطينية عامة وقضية غزة وحماس خاصة.

خامسا : مدارسة حول القضية مع أفراد البيت حتى ينتقل الأمر من مجرد عاطفة إلى قضية عقيدة واقتناع

8- التأكيد فى الخطاب الدعوى عامة على المعاني والقيم التالية :

أولا : مقتضيات العقيدة ولوازم الإيمان ، ومن ذلك عقيدة الولاء والبراء.

ثانيا : مقتضيات الأخوة الإيمانية من وجوب النصرة وحرمة السكوت عن نصرة المظلوم وما شابه ذلك.

ثالثا : غرس روح الجهاد بمفهومه الواسع فى نفوس الناس عامة والشباب خاصة وتنمية ثقافة وروح المقاومة.

رابعا : تنبيهِ العامَّةِ والخاصَّةِ إلى أنَّ تركِ الذُّنوبِ صغيرِها وكبيرِها أمرٌ لازم عندَ المحن ليعلمَ اللهُ صدقَ تأثرِنا بما حلَّ في ديارِ المسلمين؛ فحريٌ بأهلِ المعاصي الكبيرةِ الرجوعُ إلى اللهِ والتوبةُ منْ الرِّبا والفجورِ والظلم؛ فقدْ هُزمَ خيرُ جيشٍ سارَ على الأرضِ بسببِ معصيةٍ واحدةٍ منْ الرُّماةِ فكيفَ بأكوامِ المعاصي والمخالفات؟.

خامسا : تعميق قيم التعاون والتكاتف والتراحم والتعاطف بين المسلمين .

سادسا : بيان صفات اليهود كما تحدَّث عنها القرآن الكريم.

سابعا : بيان أن القوة الحقيقية لأهل الإيمان والمبدأ والحق ، وأن النصر للإسلام لامحالة .

9- تنمية جوانب الخير التي برزت فى المجتمع والعمل على تزكيتها ،

مع الاستفادة من العناصر الصالحة التي تفاعلت مع الحدث كل على حسب إمكاناته وجهده.

10- الاهتمام بالعلماء والدعاة الذين برز خيرهم فى هذه المُلِمَّات.

11- -كشف وفضح المنافقين ،

وذوى الفهم العليل ، وأصحاب الهوى والمصالح ليتم التعامل مع كل بالصورة المناسبة. من غير تجريح لأشخاص ولا هيئات.

12- أن تَسِير فى دربك بلا التفات ، مُتَخَطِّيا ما قد يعرض لك من عقبات ، فلا التفات لـــ : المُعوِّقين ،ولا المبَطِّئِين ، ولا مثيري الشبهات ،ولا الوعد ولا الوعيد .

وماذا بعد أيها الأوفياء؟!

فلينظر كلٌّ منا فيما عاهد الله عليه؛ من الثبات على العقيدة والذكر الكثير والتخلق بأخلاق المجاهدين؛ حتى يمكننا ريادة الأمة في طريق تحرير فلسطين، هكذا كان قَدَرُكم، وتلك هي رسالتكم، فهل أنتم على استعداد لحمل الرسالة وأداء الأمانة؟! هل ترضون أن تكون صحبتكم في الدنيا صحبة الأخيار، وفي الآخرة تلقون جزاء الأبرار؟! أَنْعِمْ بهم من أصحاب وأَكْرِمْ به من جزاء!.

ولطالما بايعتم ورضيتم فهذه هي مقومات الأوفياء، وهذا هو درب الأمناء كما حددها إمامُ دعوتِنا وقائدُ نهضتنا؛ حيث قال: "إن تكوين الأمم، وتربية الشعوب، وتحقيق الآمال، ومناصرة المبادئ تحتاج من الأمة التي تحاول هذا أو الفئة التي تدعو إليه على الأقل، إلى قوة نفسية عظيمة تتمثل في عدة أمور:

- إرادةٍ قويةٍ لا يتطرَّق إليها ضعف.

- ووفاءٍ ثابتٍ لا يعدو عليه تلوُّنٌ ولا غدرٌ.

- وتضحيةٍ عزيزةٍ لا يحول دونها طمعٌ ولا بخلٌ.

- ومعرفةٍ بالمبدأ وإيمانٍ به وتقديرٍ له يعصِم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه، والخديعة بغيره".

-------------------------------------------

فهل وفيتم؟! هل أدَّيتم؟!.. انطلقوا في طريقكم، فلن يضيع جهادكم ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ محمد: 35.

وصلى الله وسلم على معلم الناس الخير سيدنا محمد

----------------------------

23‏/01‏/2009

اّياتُ الرحمنِ فى "معركة الفرقان"



اّياتُ الرحمنِ فى "معركة الفرقان"

بقلم الأستاذ / محمد الشحات

بالرغم من تَلَعْثُمِ الكلمات ، وتَلَجْلُجِ العبارات ، واضطرابِ البَنَانِ ، وَعَجْزِ اللسان عن التعبير عن ما حدث من دمار وتنكيل لأهلنا وأحبتنا فى غزة المجيدة خلال الإثنين والعشرين يوما الماضية ، فى الفترة من: 27/12/2009 وحتى 17/1/2009 ، والذى خلف العدو الصهيونى المجرم الأثيم وراءه ما يقارب السبعة اّلاف ما بين شهيد وجريح ، ودمار مادى يقدر بــــ3مليار دولار ، أقول بالرغم من هذا ، فإننا نستطيع أن نلمح بين أنقاض الدمار وثنايا الركام ، وتطاير الأشلاء ملمحاً مهما لا بد وأن يستوقفنا وهو :

لم يَحْظَ حدثٌ مر بالامة الإسلامية عامة والقضية الفلسطينية خاصة ما حظى به حدث غزة من زخم إعلامى وحِراك شعبى ، وتباعد سياسى عربى ، وانقسام دولى رسمى.

- الإعلام :

ينقل الحدث لحظة بلحظة كل على حسب رؤيته واتجاهاتة.

- الجماهير:

الجماهير المليونية خرجت عن صمتها هنا وهناك فى عالمنا الإسلامى داعيةً لفتح باب الجهاد ،وصبوا لعناتهم على الحكام المتخاذلين والمتاّمرين ، كما انتفضت الشعوب الحرة فى كل دول العرب مناصِرة لغزة ومنددة باليهود الغاصبين .

- وتباعد بَيِّنٌ فى المواقف السياسية العربية الرسمية :

فهذا يعقد قمة تسمى بقمة مجلس التعاون الخليجى ، واّخر يعقد قمة غزة الطارئة بالدوحة ، وثالث يعقد قمة مايسمى بقمة شرم الشيخ ، وبعدها بيوم تعقد قمة الكويت . ولا تدرى ماذا بعد؟ فالصراع مع اليهود لم ينته، والحصار لم يرفع ، والمعابر لم تُفتح .

- و أما الإنقسام الدولي الرسمى :

فحدث عنه ولا حرج ، فقرارات المجتمع الدولى مصيرها بالنسبة لإسرائيل معروف - إلى سلة المهملات - ، وحُق لنا أن نُسمى هذه الهيئات الدولية بــ "هيئة الأمم المتحدة ضد المسلمبن " و"مجلس الخوف من إسرائيل" . ولكن فى المقابل ظهرت مواقف لدول لم تكن متوقعة، فما الذى يجعل "طيب الدين أوردغان" ، رئيس الوزراء التركى ، يقف هذا الموقف الشجاع والحاسم والواضح هو وزوجته ، با لرغم مما قد يعينه ذلك من إمكانية ضياع مستقبلة السياسى هو وحزبه ؟ وماذا تعنى غزة بالنسبة لفنزويلا وبوليفيا حتى يطردا سفيري العدو من بلادهما ؟

مُسمَّى " معركة الفرقان"

نعم لقد أحدثت الحرب على غزة كل هذ ، ومن ثم فأنى أُثَمِّنُ وأُقَدِّر بحق أن وَفَّق الله أبطال غزة فأطلقواعلى معركتهم مع عدوهم " معركة الفرقان" .

لقد أعادنا هذا إلى ذكرى يوم عظيم فى سيرتنا مرعليه حوالى 1428 سنة هجرية ، وهو ما عرف بـــ"يوم الفرقان" ، أي "غزوة بدر الكبرى" ، والتى قال الله فيها }وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {الأنفال 41

*****

فما أوجه الشبه ؟ ما جوانب المقارنة بين " يوم الفرقان" و " معركة الفرقان" ؟

أولا : العدد والعدة:

ما أشبه حال أهل غزة في ضعفهم أمام عدوهم بحال أهل بدر حين وصفهم الله بقوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }آل عمران123

ففى هذا اليوم " يوم الفرقان" : لم تتكاافأ القوتان أبدا لا عدداولاعدة كما هو معروف ومدون فى التاريح وسجله القراّن الكريم فى أكثر من موضع .

وهكذا كانت " معركة الفرقان" : الجيش الصهيونى الغاشم ، الرابع على مستوى العالم، بكامل قواته الأساسية والإحتياطية مقابل بضعة الاف قد لايتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.

ثانيا : مفاجأة العدو للمسلمين:

فى " يوم الفرقان": لم يكن المسلمون على موعد مع قتال أبدا ، ولم يكونوا على علم أن عدوهم يعد لهم العدة وينوى الغدر ، ولكن فُرِض القتال على المسلمين فرضا ، ووصف القراّن الكريم حال بعض المسلمين الذين لم يكونوا على استعداد للنِّزَال فقال : }كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ {5} يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ {6}الأنفال

وهكذا كان أهل غزة فى " معركة الفرقان"، فاجأهم العدوُّ الغادر بضربته التى كان يُعِد لها من 6 أشهر ، بعد أن تكشفت الحقائق لدى العدو والصديق ، ولم تكن حماس هى السبب أو المستفزة للعدو ، كما كان يطنطن بذلك الأفاكون والمرجفون.. قاتلهم الله وأصمهم وأعمى أبصارهم .

ثالثا : سلاح الدعاء:

فى " يوم الفرقان": لم يكن المسامون يملكون سلاحا أقوي من سلاح الدعاء } إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ{ {9} الأنفال ، فهذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف يناشد ربه ما وعده من النصر ويقول" اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك" حتى إذا حمي الوطيس، واستدارت رحى الحرب بشدة واحتدم القتال وبلغت المعركة قمتها قال:" اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد". وبالغ في الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فرده عليه الصديق وقال: "حسبك يا رسول اللَّه، ألححت على ربك. "

وهكذا فى " معركة الفرقان" لم يكن أهل غزة يطلبون من المسلمين سوي الدعاء . وقد زرفت ملايين العيون الدموع، وألحَّ الجميع بالدعاء على الله أن ينصر المسلمين فى غزة ، في البيوت ، في الصلوات ، ومن فوق المنابر. وقد تحقق بفضل الله ما هتفت به القلوب قبل الألسنة. وإلا فو الله ماكان يتخيل أحد - بحسابات البشر قطعا- أن تحقق المقاومة ماحققته بقوتها وحدها. ولولا فضل الله واستجابته دعاء المخلصين لأبادهم العدو واستأصل شأفتهم من أول يوم .

رابعا : مدد الله وجنده :

1-آيات الله :

لقد تنزلت أيات الله على رسول اله وأصحابه فى " يوم الفرقان" بصور مختلفة ناسَبَتْ حاجة المجاهدين ساعتها ، بينها الله سبحانه فى قوله }إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ {9} وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {10} إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ {11} إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ {12}{الأنفال

ونرى أن الله سبحانه قد أنزل اّياته على مجاهدى غزة فى " معركة الفرقان" ، ولكن هذه الاّيات أخذت صورا أخرى تناسب المعركة فمن هذه الاّيات :

1- لقد نقل مراسلوا القنوات الفضائية وأخص مراسل( قناة المجد) فى ثانى يوم للهجوم البرى أنه فى الصباح الباكر ولدى استعداد الدبابات والجرافات الإسرائيلية وكل المعدات الثقيلة لا قتحام أحد محاور غزة ، فإذا بهم يفاجأون بغمامة كثيفة تغطى الأرض وتحجب الرؤية تماما فى ثوان معدودة جعلت جميع الاّليات تتراجع وتعود من حيث أتت خوفا من ضربات المجاهدين . وحكى المراسل أنه ولفيف من الصحفيين رأوا هذا بأعينهم وأنهم وقفوا مشدوهين لذلك . ولكن لا عجب فهذ لطف الله وتأييده.

2 – ثباتُ المجاهدين :

ثباتُ المجاهدين الرَّاجِلِين أمام حمم الموت المحيطة بهم من البر والبحر والجو . هذا الثبات البطولي في " بيت لاهيا " و " جباليا" و " حي الزيتون " و " تل الهوى " و"حي الشجاعية"و... ,,...و.... ،. إني أري أن قول الله عن أهل بدر " إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ " قد تحقق مع مجاهدي غزة : - فهذا يدخل في دبابة ميركافا ليدمرها .- وذاك يأسر 3 من جنود العدو ، لولا تدخل العدو بطائراته وقصف البيت الذي كان فيه الآسرون والمأسورون .نعم تم الأسر بين رشاش المدافع وهدير الدبابات و.....و........ - وثالث ورابع وخامس يقنص جنودا , وبكل ثقة وهدوء وثبات يصورون العملية وكأنهم يجلسون متكئين علي أريكة أمام مدفأة فيرون مشهدا يعجبهم على شاشة التلفاز فيلتقطون له صورة ....الله أكبر ! من هؤلاء؟ إنهم أحفاد رجال بدر.

3 – حفظ الله للمجاهدين :

حفظ الله للمجاهدين وستر أماكن وجودهم وتحركاتهم وعدم معرفة أماكن تخزين أسلحتهم بالرغم من كل هذا القصف ، وبالرغم من طائرات الاستطلاع ،و وبالرغم من وجود 25 ألف منافق عميل يعملون لصالح العدو ، حيث لم يعتقل مجاهد واحد ، ولم يدمر مخزن واحد للسلاح ولم تكتشف منصة واحدة من منصات إطلاق الصواريخ . أليس هذا آية من آيات الله . ألا ينطبق على هذا قول الله سبحانه {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }يس9

4- السكينة :

إلقاء السكينة في قلوب الكثيرين من أهل غزة عموما ، فأنت تري الواحد فيهم أمام الفضائيات رابط الجأش ،لا ينطق إلا بخير وقد استشهد الواحد والأثنين بل والعشرات من أسرته أمام عينه فلا يقول إلا "الحمد لله " " أولادي استشهدوا " ونرى هذه المرأة التي لم ترزق بالولد إلا بعد مايزيد على العشرين عاما ، فيستشهد صغيرها فتسعد كثيرا وتضحك وتقول " الحمد لله الذي جعلني أم الشهيد". ثم ألم نفكر كيف عاش أهل غزة 22 يوما؟ كيف ناموا؟ كبف كان طعامهم؟ كيف كانت حياتهم أمام هذا القصف الوحشي الذي طال كل شيء ,بيوت, مدارس, مساجد, مقرات مايعرف بـــ"الأمم المتحدة" ومدارسها ؟ ؟ لو علم الإنسان أن هناك هِرَّة أوفأرة في حجرته ولم يعلم مكانها والله مانام ليلته في مكانه ، فهل كان أهل غزة ومجاهدوها ينامون؟ ....نعم كانوا ينامون وينطقون بالشهادتين قبل موتهم حتى إذا لم يطلع علي أحد منهم نهار ، لاقوا ربهم على شهادة التوحيد .

أليست هذه سكينة من الله؟ أو ليست السكينة فى هذا الموطن من جند الله؟ ألم يقل ربنا سبحانه عن خير جيل مبينا مدده لهم وتوفيقه إياهم {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }الفتح4{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }الفتح18

خامسا : - الفرقان بين الحق والباطل :

فى " يوم الفرقان" ، بين المولي سبحانه أن هذا اليوم سيكون فرقانا " وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ {7} لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ {8}‏.الأنفال وقال أيضا في سياق الحديث عن بدر { لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {{37} وقد تحقق ما وعد الله به في بدر .

وعندما نتأمل "معركة الفرقان " فى غزة نجد أن أبرز شيء وأميزه نتج عن هذه المعركة المباركة هو الفرقان في كل شيء . قد تحقق الفرقان والتميز بين كل متشابهين وكل متضادين على مستوى الأفراد ، وعلى مستوى الشعوب وعلى مستوى الدول ، فلقد تميزت المواقف وانقشع الظلام ، وارتفعت السحب وتراءت الحقائق للناظرين ، وكل هذا سيكون له ما بعده. فلم تعد الأوراق مختلطة كما كانت من قبل ، وهذا الأمر خطوة في غاية الأهمية في سبيل تحقيق نصر الله لعباده المؤمنين.

فكيف تحقق الفرقان؟ :

1- الفرقان بين الحكام :

الذين كانوا مع المجاهدين ، وأيدوا القضية الفلسطينية , وبين غيرهم الذين خانوا دينهم وباعوا أوطانهم إرضاء لأسيادهم من اليهود والأمريكان .

2-الفرقان بين الشعوب:

حيث تميز من يفهم القضية الفلسطينية علي أنها قضية عقيدة وإيمان ، لأنها صراع بين يهود ومسلمين وبين من يفهمها بلغة أهل السياسة وألاعيب الحدود والاتفاقيات . ظهر أمر هؤلاء المتنسكين زورا وبهتانا ، وهذا أمر مفيد ، حتى تتم محاولة إصلاح هذه العقول الخربة ، وإلا فليذهبوا مع أشياعهم إلي الهاوية .

3- الفرقان بين الفضائيات:

فتلك قناة تنقل لك وللعالم المأساه بأمانة كقناة الجزيرة) و(المنار) و(الحوار ولذلك لو تأملت المواقف خلال الفترة الماضية تجد أن الناقمين على "الجزيرة" مثلا هم : اليهود وأشياعهم من ما يعرف بمحور" الاعتلال" في الشرق الأوسط - أخزاهم الله _ وخاصة دول الجوار.. أطال الله خيبتهم . إن المتحدث الإعلامي باسم الجيش الصهيوني تحدث بعصبية زائدة وبتناقض كثير عن "الجزيرة " ،وقد طالب أحد الصهاينة بطرد" الجزيرة" متهما إياها بأنها قناة جهادية .

وفى المقابل تجد قناة كــ" العربية" المتعربة وأصلها عبري ، تجد مراسلها في غزة يعمل كمرشد عميل لمخابرات اليهود ، فيدلهم علي أماكن المجاهدين وتحركاتهم وعلي ما إذا كانت ضربة العدو صائبة أم خائبة .وهكذا سار على النهج الإعلام المصري فقد اختفى من الساحة وكأنه لم يعلم بالحدث.أو يسكت ثم إنه إن نطق نطق كفرا بعد سكوته دهرا .

4- الفرقان بين العلماء:

لم يكن يتوقع أحد أن هؤلاء اللذين يملئون الدنيا صراخا وعويلا ، ووعظا وإرشادا ليل نهار ، وتبل دموعهم لحاهم البيضاء والطويلة أمام عدسات الكاميرات سيأتون في هذا الوقت الفاصل فيُخَذِّلون ويهاجمون المجاهدين ويقفون مع العدو في خندق واحد من حيث لا يشعرون ، وذلك مساندة لمواقف حكوماتهم الظالمة الآثمة حتى يحتفظوا بصدارة الفضائيات من غير منازع. وفى المقابل رأينا علماء أفاضل أجلاء كادت قلوبهم أن تحترق لما يحدث وأصدروا الفتاوى والبيانات التي تناصر المجاهدين وتعيب على المنافقين المتآمرين ومن يسير في دروب غيهم.

5- الفرقان بين الكُتَّاب :

ولم يكن الحال مع الكتاب يختلف كثيرا عن الحال مع العلماء ، فهناك صحفيون ، أتعفف عن ذكرهم في "الأهرام" و"الجمهورية" و "روزا"وغيرهم ، قد ألقى بهم التاريخ في أنتن مزابله وهم بعدُ أحياء ، وهناك غيرهم من الصحفيين الأحرار ذوى الأقلام الشريفة كانوا على العكس من موقف هذه الشرذمة الحاقدة من الصحفيين والكتاب.

سادسا : - النصر عاقبة المتقين :

وقبل عرض ملامح النصر فى" معركة الفرقان " لابد وأن نؤكد على المعاني التالية فيما يتعلق بماهية النصر وحقيقته :

1- للنصر صور عديدة :

وليس النصر محصوراً في انتصار المعارك فحسب بل قد يُقتل النبيّ أو يُطرد العالم أو يسجن الداعية أو يموت المجاهد أو تسقط الدولة ، والمؤمنون منهم من يسام العذاب ومنهم من يلقى في الأخدود ومنهم من يَستشهد ومنهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد ومع ذلك يكون كل هؤلاء قد انتصروا بل وحققوا نصراً مؤزراً وتحقق فيهم قول الله تعالى (وَكَانَ حَقًّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) . ومن قَصَرَ معنى النصر على صورة واحدة وهي الانتصار في المعارك فحسب لم يدرك معنى النصر في الإسلام .

2- هناك نصر قريب وآخر بعيد:

القريب : هو النصر في معركة : وهو نصر العزة والتمكين في الأرض وجعل الدولة والجولة للإسلام كما نصر الله عز وجل داود وسليمان عليهما السلام كما قال سبحانه : (وقَتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة) وقال عز وجل: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) فجمع الله عز وجل لهذين النبيين الكريمين بين النبوة والحكم والملك العظيم . وكذلك موسى عليه السلام نصره الله على فرعونَ وقومه وأظهر الدين في حياته كما قال سبحانه : (وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) . أما نبينا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم فقد نصره الله نصراً مؤزراً فما فارق النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا حتى أقرّ الله عز وجل عينه بالنصر المبين، والعز والتمكين، بل جعل الله عز وجل النصر ودخول الناس في دين الله أفواجا علامة قرب أجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا)

والنصر البعيد هو نتائج معركة ما وآثارها : فقد يهزم جيش في معركة لكنه ينتصر من حيث عدم تحقيق العدو للهدف من المعركة .

3- من صور النصر : فوز المبادئ والقيم :

أو انتصار العقيدة والإيمان وهو أن يثبت المؤمنون على إيمانهم وأن يضحوا بأبدانهم حماية لأديانهم وأن يؤثروا أن تخرج أرواحهم ولا يخرج الإيمان من قلوبهم فهذا نصر للعقيدة وانتصار للإيمان . فنبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا عن الدعوة إليها أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة ؟ ما من شك في منطق العقيدة أنه كان في قمة النصر وهو يلقى في النار مع أن الذين ألقوه في النار يرون أنفسهم أنهم قد هزموه ، كما أنه انتصر مرة أخرى وهو ينجو من النار . هذه صورة وتلك صورة وهما في الظاهر بعيد من بعيد فأما في الحقيقة فهما قريب من قريب !
-- ولذا قال الله عن جنة المؤمنين بعد عرض قصة أصحاب الأخدود وماحصل لهم من الإبادة الجماعية حرقا بسبب ثباتهم على دينهم ومبادئهم {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ }البروج11

-- في النظرة القريبة قد يُظن أن هؤلاء قد انهزموا لكنهم في الحقيقة أنهم انتصروا وأيّ انتصار وإن كانت نهايتهم الحرق بالنار .
وقافلة الإيمان تسير يتقدمها الأنبياء الكرام والصديقون والشهداء (مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) ما جفت الأرض من دماء الشهداء في عصر من العصور ولا خلت الأرض من مخلص يقدم للأمة نموذجاً فيموت هو وينتشر الخير بعده بسببه. فهؤلاء المجاهدون الشهداء على طريق دعوتنا المباركة ومنهم صاحب الظلال رحمهم الله جميعا كان موتهم انتصاراً لمنهجهم الذي عاشوا من أجله وماتوا في سبيله .وبعد أن حكم على الشهيد سيد قطب بالإعدام وقبل أن ينفذ فيه الحكم الظالم كتب هذه الأبيات وكتب الله عز وجل لها الحياة وخرجت من وراء القضبان تقول للعالم .

أخي أنت حر وراء السدود ** أخي أنت حر بتـلك القيـود
إذا كنت بالله مستعصــما ** فماذا يضيرك كيـد العبـيد
أخي ستبيد جيوش الظـلام ** ويشرق في الكون فجر جديد
أخي إن مت نلق أحبابــنا ** فروضات ربي أعـدت لـنا
وأطيارها رفـرفت حـولنا ** فطوبى لنا في ديار الخلـود
أخي إن ذرفت عليّ الدموع ** وبللت قبري بها في خشـوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع ** وسيروا بها نحو مجد تلــيد

فرحمة الله على صاحب الظلال. قال عنه أحد الشيوعيين وهو في سجنه : إنني أتمنى أن أقتل كما قتل وينشر مبدئي وكتبي كما انتشرت كتبه . نعم لقد وجدنا مطابع النصارى في لبنان تسارع إلى طباعة ونشر كتبه بعدما قتل من أجلها ، وهذا ما قصده رحمه الله عندما قال :" إن كلماتَنا وأقوالَنا تظل جثثاً هامدة حتى إذا متنا في سبيلها وغذيناها بدمائنا عاشت وانتفضت بين الأحياء" . إنه نصر وأيّ نصر ، إنه أعظم وأجل من انتصارات كثير من المعارك والتي سرعان ما تنتهي بانتهائها أما هذا النصر فإنه يبقى ما شاء الله أن يبقى .
وكم من شهيد ما كان يملك أن ينصر عقيدته ودعوته ولو عاش ألف عام كما نصرها باستشهاده ويظن أعداؤه أنهم قد انتصروا عليه ، وما كان يملك أن يودع القلوب من المعاني الكبيرة ويحفز الألوف إلى الأعمال الكبيرة بخطبة مثل خطبته الأخيرة التي كتبها بدمه ، فتبقى حافزاً ومحركاً للأبناء والأحفاد وربما كانت حافزاً ومحركاً لخطى التاريخ كله مدى أجيال .

4- من صور النصر : أن يُهلك الله عز وجل الكافرين والمكذبين :

وينجي رسله وعباده المؤمنين قال عز وجل حاكياً عن نوح عليه السلام: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ.
5- من صور النصر : حماية الله المؤمنين من كيد الكافرين :

كما قال تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) وكما قال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) وجاء في السيرة المباركة كيف عصمه الله عز وجل من الرجل الذي رفع عليه السيف وقال : من يعصمك مني ؟ فقال الله) فارتجف الرجل وسقط السيف من يده . وقصة الشاه المسمومة التي انطقها الله عز وجل وأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بأنها مسمومة . وقصة إجلاء بني النضير، ونزول جبريل وميكائيل يوم أحد يدافعان عن شخص النبي صلى الله عليه وسلم . كل هذا وغيره يعد صوراً من حماية الله لأوليائه وهو نصر لهم .
6- من صور النصر : نصر الحجة :

كما قال تعالى : (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) والرفع هو الانتصار ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" . فهذا الظهور أدناه أنه ظهور حجة وبيان، وقد يكون معه ظهور دولة وسلطان .

------
** وبناء على ماسبق ، وبالرغم من الدمار وعدد الشهداء والجرحى ، نستطيع أن نقول بكل يقين أن نصر الله قد تحقق لعباده المؤمنين الصادقين على أرض غزة من الوجوه التالية :
1- إعادة القضية إلى بعدها الإسلامي :

بعدما ضاعت بين القومية والوطنية فهذه معركة جهادية تخوضها منظمة إسلامية يؤيدها مئات الملايين من المسلمين عبر العالم بعدما كاد حكام العرب أن يبيعوها مقابل 20% من أرض فلسطين.وهذا فى الحقيقة أهم مكسب فى القضية .لأن القضية بصفة عامة كادت أن تُنسى وخاصة لدى قطاع عريض من الشباب ، كما أن عداوة اليهود للمسلمين كادت أن تُنسى ، فهذه الحرب الأخيرة ردت الأمور إلى نصابها وجعلت الشباب يفيق وينتبه ويعرف من هو العدو ومن هو الحبيب؟

2- توحيد الأمة وتضامنها خلف أهل غزة :

توحدها بدرجة لم تعهد من قبل حتى أصبحت ترى مليون متظاهر في المغرب ومليون ثان في تركيا رغم 80 عاما من التغريب ومئات الآلاف في اليمن وغيرها وهذا يشكل جرس إنذار للأعداء بأن أمتنا بدأت تصحو من رقدتها وبدأت تصبوا للجهاد. وهذا مكسب مهم لا يقل أهمية عن سابقه . إن كل سعى الأعداء ومكرهم وبمساعدة وكلائهم المعتمدين فى العالم العربي من خلال مناهجهم وإعلامهم كان لحذف مصطلح الجهاد من قاموسنا .}وَ َيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }

3- عودة الأمة لعقيدة الولاء والبراء

لقد ظهر هذا الولاء الكبير غير المسبوق من عموم المسلمين للمؤمنين في غزة بمشاعرهم واهتمامهم ودعواتهم وأموالهم ، وظهرت صور البراء من الكافرين من يهود وصليبيين : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) لينكشف بذلك زيف السلام المستند على منح 80% من فلسطين ليهود مقابل 20 للفلسطينيين مع التنازل عن حق العودة.

4- فشل المنافقين العرب والفلسطينيين :

فشلهم في استثمار الحرب لإسقاط حماس شعبيا بتحميلها مسؤولية الحرب وفشلوا في إسقاط سلطتها بغزة على ظهر الدبابات الإسرائيلية ، وفوجئوا بحجم الرد الفاضح لردتهم المزلزل لعروشهم فسارعوا بعد يومين فقط من بدء العدوان بالتراجع عن تصريحاتهم (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) وتبرير مواقفهم التي كشفت حقيقة نفاقهم والدعوة للمصالحة مع حماس وفتح معبر رفح جزئيا ( عجبا لمن يعلم أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها ثم لايتورع عن حبس مليون ونصف مسلم) وقد كان لأحبائهم من الصهاينة دور كبير في كشف مواقفهم وكلامهم عبر الصحافة الصهيونية وأنهم طالبوهم بضرب حماس وتأديبها.

وتأمل مقالاتهم وموقفهم لتجدها قد تكررت من قبل كما بين الله ذلك في سورة محمد:

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (27)

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (30)

وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (31)

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (32)

وهؤلاء المنافقون هم الطابور الخامس الذي يحارب مع العدو . وعندما تتدبر آيات النفاق في القران تجدها قد نزلت في معارك كبرى لتفضحهم وتكف شرهم عن المجاهدين.

5- فشل العدو فى تحقيق أهدافه :

فبالرغم من حجم القصف الجوي الهائل الذي وصل إلى أكثر من2500 عملية قصف واستهلاكهم لما يقرب من 50 % من مخزون الذخيرة و...و.... إلا أنهم عجزوا في الضربة المفاجئة الهائلة الأولى عن قتل أي قائد من قادة حماس المدنيين فضلا عن العسكريين ولم يستطيعوا خلال3 أسابيع إلا أن يقتلوا قائدين مدنيين وليسا عسكريين. كما أنهم لم يتمكنوا من وقف إطلاق الصواريخ ، ولا من اعتقال أحد من قادة الحركة ولا من تحرير الجندي الأسير ولا من إعادة ذيولهم فى الضفة إلى غزة .ولا حتى من تدمير كل الأنفاق ، فبعض الأنفاق عادت للعمل بعد توقف الحرب مباشرة . إن كل ماحققوه أنهم هدموا البيوت على رؤوس النساء والأطفال والشيوخ ، ودمروا 27 مسجدا و...و....ثم عادوا يجرون ذيول الخيبة والحسرة .

6- استيعاب حماس للضربة الأولى

نعم حدث ذلك و(الصبر عند الصدمة الأولى) رغم أنها كانت مفاجئة وعنيفة واستهدفت الشرطة المدنية ليختل الأمن بمساعدة المنافقين والعملاء لتنهار سيطرة حماس ويستولي العملاء على غزة لكن كانت مفاجأة حماس لهم بسيطرتها التامة ولبس جنود الشرطة لملابس مدنية مع استمرار العمل.

}كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }المائدة64

------

إن النصر كان عاقبة أهل "معركة الفرقان ", بفضل الله وإلا لماذا خرج العدو من غزة لو كان منتصرا ؟ لماذا لم يعد لاحتلالها مرة أخري ويسيطر عليها كالضفة ؟

نسأل الله سبحانه أن يتم علينا وعلى المسلمين " الصادقين" فرحتنا بتحرير أرض فلسطين كلها وتحرير المسجد الأقصى . اللهم اّمين

اخْتَرْالموضوعَ الذى تَوَدُّ قِرَاءَتَهُ

مائة خصلة انفرد بها صلى الله عليه وسلم*** مناجاة*** الشاعر أحمد مطر يكتب: تحية إلى غزة*** هل تتقى ربك فى معاملاتك المالية ؟ *** صلاة الفجر : درر ونفائس فمن يفوز بها؟ *** شاب فلسطيني يروي وقائع 30 يوماً من التعذيب الشديد في السجون المصرية*** سفراء الكيان الصهيوني من الكتاب العرب*** سِرْتُم على بصيرَة ... فأتِمُّوا المسيرَة*** اّيات الرحمن فى معركة الفرقان*** فُزْتِ ياغَزَّة ورَبِّ العِزَّة * بيان علماء الأمة في مظاهرة اليهود على المسلمين في غزة* شبهات حول قضية "غزة" والرد عليها * أين تقف مما يحدث فى غزة؟* القيادي نزار ريان .. شهيد الكرامة والصمود* القائد العالم ريان * ياعلماء الأمة : ماذا أقول لكم ؟! * حكاية عباس .. لأحمد مطر * سَيْرٌ بِلاَ الْتِفَاتْ ووفاءٌ بِلا غَدَرَات * أرجوك يا"بوش" لاتعفو عن " المنتظر" * هل فرحت بالعيد؟ * فى ظل المحن علمتني دعوتي * عشر ذي الحجة محطة سفر إلى الجنة * عشر ذى الحجة من مواسم الخير * غزة تحتضر * غزة غزة !! وما لنا وغزة * وعجلت إليك رب لترضى1 * وعجلت إليك رب لترضى2 * الحج فى فكر الشيخ الغزالى * ماذا تعرف عن عز الدين القسام؟ * اقرأ هذه الأبيات * هنيئا لك ياحافظا لكتاب الله * طريقك إلى العزة * شارك في الحملة الشعبية للقيد بالجداول الانتخابية * ضياء رشوان : جمال مبارك الأقل فرصة للوصول لحكم مصر * بيان تحذيري من جبهة علماء الأزهر * شعر أعجبنى * ,وصـف الـجـنـة * رسالة إلى من لم يغض البصر * نص الرسالة المفتوحة التى وجهها الشيخ القرضاوى للرد على أحمد كمال أبو المجد * هذي بلاد. . لم تعد كبلادى * سلام عليكم أيها الإخوان * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ... الأيام من 27-30 * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السادس والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الخامس والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الرابع والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثالث والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثانى والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الحادى والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم العشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم التاسع عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثاامن عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السابع عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السادس عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الخامس عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الرابع عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثالث عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثانى عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الحادى عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم العاشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم التاسع * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثامن * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السابع * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السادس * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الخامس * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الرابع * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثالث * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثانى * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الأول * وأقبل رمضان الخير * كيف تستعد لشهر رمضان ؟ 2 * كيف تستعد لشهر رمضان ؟ 1 * إن الله ليطلع على عباده في هذه الليلة * كن نافعا أينما كنت 2 * كن نافعا أينما كنت 1 * البيت الرباني ...فيض إلهى * الثقة بالنفس * من يشارك في حصار غزة مرتد عن الإسلام * هل أنت متفائل ؟ * أتدرى ما يفوتك من الأجر بترك صلاة الجماعة؟(5) * سبع نصائح لحفظ كتاب الله (5) * هل أنت رجل ؟ (5) * هل أنت رجل ؟ (4) * هل أنت رجل ؟ (3 ) * هل أنت رجل ؟ (2) * هل أنت رجل ؟ (1) * إياك أن تجحد نِعَمَ رَبِّكَ * الصبر خلق الأقوياء ودرب الأوفياء * اقرأ قبل أن تقرأ * مواقف غضب فيها النبى صلى الله عليه وسلم * رائعة حافظ إبراهيم في عمر بن الخطاب * أرقام وإحصائيات ومعلومات متفرقة في القرآن الكريم * كف عليك هذا * واعجبى من دعاة السلفية * أَلاَ لعنةُ اللهِ على الطُّغاة البُغاة وحيَّا اللهُ الهُداة التَّقَاة * هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أكله وشربه * دُرَرٌ وَنَفَائِسٌ من الأقوال * كيف تتنزل علينا البركة ؟ * كيف يؤدي المسلم مناسك العمرة ؟ * من شرفاء مصر : أ. د. محمد علي بشر * من شرفاء مصر : م. خيرت الشاطر * من شرفاء مصر : حسن عز الدين يوسف مالك * من شرفاء مصر : الدكتور / عصام عبد الحليم حشيش * من شرفاء مصر : الدكتور / خالد عبد القادر عودة * فى ظل المحن ...علمتنى دعوتى * يوم أسود فى تاريخ مصر فى عهد الفرعون * يا مصر * الأدلة الشرعية على جواز المظاهرات * كلمات شعرية عن الوطن وحكامه في العهد الأسود * إخراج القيمة فى الزكاة * الإسبال * 1 اللحية * ورحل عنا فارس الكلمة * لماذا تحملون اوزار الفاسدين والظالمين ؟؟ * المرشد العام والكتلة البرلمانية ينعيان النائب ماهرعقل * وفاة الشيخ ماهر عقل * توقي أسباب الفتن * لكم الله يا أهل غزّة * كيف تعرف أن الله يحبك؟ * سين وجيم * • أيـن الـسـعـادة ؟؟؟!!! * صلاة الفجر هي مقياس حبك لله ا * حقائق مزعجة * من ننتخب من المرشحين؟ * هم العدو فاحذرهم * سبع تفيد العبد بعد موته * المقاطعة الاقتصادية :حقيقتها و حكمها * بيان في الحث على المقاطعة الاقتصادية * فتوى بوجوب المقاطعة * * أين أنت يا بلادي؟ * المنهج الإسلامي لعلاج مشكلة البطالة * عبد الرحمن : شهيد السيادة والكرامة * وقفة الوفاء والولاء * نصرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم * منتخب الساجدين : دروس وعبر * فى عهد فرعون اليوم : محلك سر * أه ثم أه * "جوجل" يخضع للضغوط الإسرائيلية * محمد أبو تريكة هداف المنتخب المصري * تنظيم المظاهرات في الإسلام * آداب وأحكام المطر والرعد والبرق والريح * غزة !!غزة!! "وأنا مالى" * حول غزة : يحيا أبو تريكة * غزة تستغيث ...هل من نصير * الزهار حاملاً بندقية نجله * فى ذكرى عاشوراء.....لكل فرعون نهاية * اّه يافلسطين ...الجرح النازف * فرعون الأمس........ وفرعون اليوم * هذي بلاد. . لم تعد كبلادى * الهجرة النبوية ..... وقفات تأملية * عام هجري جديد.. جدد العهد مع ربك * وقفة احتجاجية أمام "أبو حصيرة" بدمنهور ... * بشرى للمصريين : مدد ياسيدى أبو حصيرة * منافقوا اليوم.... ويل لهم * تهنئة بالعيد المبارك * أهمية الصلاة في حياة المسلم * حكم فقهى هام (صلاة النافلة جماعة) * الثبات.. صور ومعينات

هذه ليست بلادى

احسب وزنك

   

الجنس : ذكر انثى
الوزن :
الطول :
النتائج :
مساحة سطح الجسم : م2
الوزن بدون شحوم : رطل = كجم
الوزن المثالي لك هو : رطل = كجم
نسبة وزنك لمسطح الجسم : كجم/م2