28‏/11‏/2008

عشر ذي الحجة من مواسم الخير

عشر ذي الحجة من مواسم الخير
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
ففي الحديث الذي رواه الطبراني قال صلى الله عليه وسلم: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً
وعشر ذي الحجة من مواسم الخير التي ينبغي على المسلم أن يتعرض فيها لنفحات رحمة الله عز وجل وذلك بالإكثار من العمل الصالح في هذه الأيام.والعشر الأول من ذي الحجة فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " أخرجه البخاري
فهذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها ، حتى العشر الأواخر من رمضان . ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لاشتمالها على ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر .
من أين جاء فضلها


واعلم - يا أخي المسلم - أن فضيلة هذه العشر جاءت من أمور كثيرة منها :

1- أن الله تعالى أقسم بها :
والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه ، قال تعالى : ( والفجر وليال عشر ) قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف : إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير : " وهو الصحيح " تفسير ابن كثير
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أفضل أيام الدنيا
كما تقدّم في الحديث الصحيح .
3- أنه حث فيها على العمل الصالح :
لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار ، وشرف المكان - أيضاً - وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام .
4- أنه أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " . أخرجه احمد وصحّح إسناده أحمد شاكر .
5-أن فيها يوم عرفة
وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين ، وفي العشر أيضا يوم النحر الذي هو أعظم أيام السنّة على الإطلاق وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره .
6- أن فيها الأضحية والحج .

فمن الأعمال الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في عشر ذي الحجة :

1- الصيام:
فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة . لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) حث على العمل الصالح في أيام العشر ، والصيام من أفضل الأعمال . وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي : " قال الله : كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " أخرجه البخاري 1805
وقد كان النبي يصوم تسع ذي الحجة . فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر . أول اثنين من الشهر وخميسين " أخرجه النسائي وأبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
2- التكبير :
فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر . والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة ، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى .
ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة
قال الله تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج : 28 . والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( الأيام المعلومات : أيام العشر ) ، وصفة التكبير : الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ، وهناك صفات أخرى .

والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولا سيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل ، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين ، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبرون.
إن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ) أخرجه الترمذي.
3- أداء الحج والعمرة :
إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرم ، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج : (المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

4- الإكثار من الأعمال الصالحة عموما :
لأن العمل الصالح محبوب إلى الله تعالى وهذا يستلزم عِظَم ثوابه عند الله تعالى . فمن لم يمكنه الحجّ فعليه أن يعمر هذه الأوقات الفاضلة بطاعة الله تعالى :
وأقترح عليك أخي المسلم البرنامج التالي لأعمال صالحة خلاف ماذكر:
أ‌- ختم القراّن مرة خلال الأيام العشر
ب‌- استغفار 100 مرة يوميا ويا حبذا لو كان فى وقت السحر
ت‌- صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 100 مرة يوميا
ث‌- قيام الليل يوميا بإحدى عشرة ركعة فى السحر وإلا بعد العشاء أو قبل النوم
ج‌- زيارة فى الله يوميا لأحد الأرحام أو أخ فى لله أو لمريض
ح‌- ورد دعاء يومي
خ‌- موقف أمر بمعروف أو نهى عن منكر يوميا
د‌- صدقة يوميا ولو بجنيه واحد
5- الأضحية:
ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى .
6- التوبة النصوح :
ومما يتأكد في هذا العشر التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب . والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهراً وباطناً ندماً على ما مضى ، وتركا في الحال ، وعزماً على ألا يعود والاستقامة على الحقّ بفعل ما يحبّه الله تعالى .

والواجب على المسلم إذا تلبس بمعصية أن يبادر إلى التوبة حالاً بدون تمهل لأنه

أولاً : لا يدري في أي لحظة يموت

ثانياً : لأنّ السيئات تجر أخواتها .

وللتوبة في الأزمنة الفاضلة شأن عظيم لأن الغالب إقبال النفوس على الطاعات ورغبتها في الخير فيحصل الاعتراف بالذنب والندم على ما مضى . وإلا فالتوبة واجبة في جميع الأزمان ، فإذا اجتمع للمسلم توبة نصوح مع أعمال فاضلة في أزمنة فاضلة فهذا عنوان الفلاح إن شاء الله . قال تعالى : ( فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين ) القصص : 67 .

فليحرص المسلم على مواسم الخير فإنها سريعة الانقضاء ، وليقدم لنفسه عملا صالحاً يجد ثوابه أحوج ما يكون إليه : [ فإن الثواب قليل ، والرحيل قريب ، والطريق مُخْوِف ، والاغترار غالب ، والخطر عظيم ، والله تعالى بالمرصاد وإليه المرجع والمآب ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) .

الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة ، فما منها عِوَضٌ ولا تُقدَّر بقيمة ، المبادرةَ المبادرةَ بالعمل ، والعجل العجل قبل هجوم الأجل ، وقبل أن يندم المفرّط على ما فعل ، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل ، قبل أن يحول الموت بين المؤمِّل وبلوغ الأمل ، قبل أن يصير المرء محبوسا في حفرته بما قدَّم من عمل .


26‏/11‏/2008

غزه تحتضر

غزه تحتضر
والأخوه العرب يلتفون حولها وهى على سرير الموت
ويتشاجرون على من سيجهز الكفن ولا أحد يريد اصلا
ان يشترى لها كفنها يبخلون عليها حتى بما
يسترها وهى ميته ............
لكن لا يا أمة المليار لالالالالالا والف
لالالالالالالالالالالالالالالالالالالالا
حتى لو اتفقتم على ذبحها ... على قتلها لن تستطيعوا
ان تقتلوا ارادة وصلابة وصمود شعب أختار
( شهادة ان لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله )
وهذا هو اختبار من الله لهذا الشعب
يا شعوب الامة العربيه
والعبره بالنتيجه ....
لاهلنا فى غزة الصمود والجنة
ولكم يا قاده يا ساده الخزى والخذلان

أفيقوا يا حكام العرب
يا أكاسره



صرختى يا مسلمون
حائره
أناشدكم فهبوا جميعا
للمناصره
لغزة الجريحة الحبيبة
المحاصره
لا تساوموا .. لا تغامروا
لا وقت للمغامره
لا تزايدوا .. لا تقامروا
ستخسروا المقامره
أعلى انقاض شعب أم
على أقواته.....
تتم المتاجره
لا تحسبن الثكالى دوما
ستبقى صابره
دامت دياركم يا أمتى
بسيوف الردى
عامره
دامت فضائياتكم فقط
للغناء وهز
الخاصره
دامت بنوككم وجيوبكم
بالمال والجواهر
زاخره
هناك فى فلسطين الشهيدة
تبكى غزة الطاهره
تقول واااااااا إسلاماه
أخشى عليك
يا قاهره
يا مصر يا أرض الكنانه
يا من كنت للحق دوما
ناصره
وهناك فى بغداد أشلاء
فى الفضا
متناثره
وفى لبنان الف فرقة
متآمره
وفى السودان والجزائر
وكل بلاد العرب
ثائره
يا أمة المليار هل من صحوةِِ
من قمقم الصمت الرهيب
ومن كهوف ليلِِ
ساخره
لا تغمضوا أعينكمُ قد
حيكت لكم دسائس
المؤامره
هيا اثبتوا .... هيا اشبكوا
الأيدى وهبوا
لحرب الجبابره
فالله العلى القدير حتما
سينصر
من يناصره


غزة غزة ! ومَالَنَا وغزة !!

غزة غزة! ومَالَنَا وغزة

أقدم عذرا ثم عذرا للأحرار الشرفاء وللرجال الأوفياء، لأصحاب الضمائر الحية والأقلام الحرة الذين قد ينتابهم ولو لبرهة من الزمن غبار حزن أو لفحة غضب عند قراءاتهم لهذا العنوان ، وهم محقون فى لك كل الحق ، فهذه طبيعة الأحرار الذين لا يقبلون الخسف ولا الضيم ولا يرضون بالدون ولا الهوان شعارهم :
همتي همة الملوك ونفسي **نفس حر ترى المذلة كفرا


واقعنا المرير:
ولكنني أردت بهذا العنوان أن أعبر عن حال البعض من أقوامنا ومن حكامنا ومن علمائنا الذين يرون مايحدث من أهوال عظام وأحداث جسام لإخواننا فى غزة الأبية ، غزة الصمود ، غزة الممانعة ثم يصمتون صمت القبور وليتهم يصمتون بل أحيانا عندما ينطقون ينطقون كفرا ، "يسكت دهرا ثم ينطق كفرا" كما تقول الأدبيات . نعم يرون الأطفال يموتون والمرضى يعذَّبون والشيوخ يئِنون ثم هم بعد ذلك يضحكون ويلعبون وكأنهم لأحداث مباراة كرة للقدم يشاهدون أو لأخبار النشرة الجوية يستمعون ، وحتى إن أصابتهم فى غفلة من أنفسهم لأْوَاء مما يحدث فلا يعدو الأمر عندهم إلا مص للشفاة أو ضرب للكف على الأخرى ثم سرعان ماينسون ويظلون فى غيِّهم يعمهون .
أذكر حكامنا
هذا هو حال البعض من الفئات الثلاث التي إليها أشرت ، أما حكامنا فماذا عساي أن أقول لهم ؟ أقول سامحهم الله !! لا أستطيع . أقول هداهم الله !! لا أستطيع .!! ...... ماذا أقول ؟ ما يمكن أن أقوله هو أن التاريخ هو القاضي وهو الشاهد فى نفس الوقت ، التاريخ يلقى فى مذبلته كل المتآمرين على أممهم. فعل ذلك فى الماضي لأناس أصبح ذكرهم بالخيبة واللعنة على كل لسان وصار ذمهم فاكهةَ الآذان...تُذكرُ سيرتُهم فيقوم المرء بعدها ليغسل فاه وأذناه سبعا قد يكون إحداهن بـــ.... ثم يتوضأ بعد ذلك زيادة فى الطهر والنظافة . أقول فعل التاريخ ذلك مع المتخاذلين والمتآمرين وسيفعل اليوم أو غدا مع حكامنا إن لم يكن لهم موقف يبيض وجوههم مع إخواننا المنكوبين فى غزة.
إنني أقول لحكامنا إن لم تتحركوا بدافع الواجب الشرعي ، أو بدافع الرجولة العربية ، أو بدافع النخوة الإنسانية ، فالمنى كل المنى ، وغاية المراد من رب العباد أن تصمتوا وتتركوا الشعوب تتكلم ، أن تَتَنَحَّوْا جانبا وتَذَرُوا شعوبكم تقوم بدوركم وكل ذلك سيكتب فى مآثركم ، لا أن تقوموا أنتم بدور العدو اليهودي ، وقد أظلِم اليهود أحيانا إن شبهت دوركم بدورهم ، لأنكم أحيانا تفعلون مالا يفعله اليهود ،وإلا فبماذا نفسر سماح اليهود لسفن تأتى من أقاصي الدنيا عابرة إلى غزة لإظهار تعاطف العالم الحر معهم وأنتم تمنعون على الحدود ، بماذا نفسر موقفكم من شعوبكم التي تحاول التعبير عن غضبها لما يحدث لإخوانهم فى غزة ويريدون نجدتهم ،وإذ بكم بدلا من شكرهم وتقديم التسهيلات لهم وإبراز دورهم القومي والإنساني فى وسائل إعلامكم تعتقلون وتصادرون وتطاردون وتحاكمون . لصالح من يحدث هذا ؟ لصالح أمْنِنا القومي ؟ كلا والله .هل يحقق هذا رضا اليهود والأمريكان عنكم ؟ لا والله . لأني أصدِّق الله ولا أصدق فعالكم ، فالله تعالى يقول {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120 وقال سبحانه { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ }البقرة217 ولا أظنكم أبدا تريدون شيئا من ذلك الذي يريدون فلماذا تسعون لإرضائهم وتغضبون ربكم ؟ لماذا تصرون على موالاتهم ومعاداة شعوبكم وأمتكم والله تعالى يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51
ماذا أقول لعلمائنا وشيوخنا؟
أما شيوخنا وعلماؤنا فأشعر بالخجل وأنا أذَكِّرُهم ، ماذا أقول لشيوخ يقيمون الدنيا ولا يقعدونها للحديث عن حكم دم البرغوث الذي يصيب ثوب المصلي مثلا ولا ينطقون بكلمة واحدة عن حكم الدماء الذكية للمسلمين التي تسال علي أرض فلسطين ليل نهار ، والذين لايحركهم أنين الشيوخ أواّهات المرضي الذين يعذبون بفعل الحصار الظالم الذي يفرضه اليهود والمسلمون على حد سواء عليهم، بل الأدهى وأمر أنهم قد يخَطِّئُون من يفعل ذلك!!.
ماذا أقول لشيوخ يقيمون الدنيا ولا يقعدونها للحديث عن 70 خطأ فى الوضوء و120 خطأ فى الصلاة و...و...و... ولكن مايحدث من جرائم إبادة بأيدينا وأيدي أعدائنا لإخواننا المسلمين الذين ينطقون بالشهادتين ويصُلون إلى قبلتنا لا يمثل خطأ ولا خطيئة ولا عيباً ولا ذنباً وبالتالي لا يستحق منهم كلمة واحدة يضيعون معها وقتهم ووقت مشاهديهم الغالي والنفيس !!
يا أيها الشيوخ والعلماء : لماذا تأخذون المسلمين بعيدا بعيدا عن قضاياهم الحقيقية ؟ لماذا تقومون بتخديرهم ؟ لماذا تغرقونهم فى التفصيلات والجزئيات وتضيِّعون الكليات ؟ أو ليست نصرة المسلم لأخيه من واجبات العقيدة ومقتضياتها ؟ أو ليس تذكير الحكام فى هذا الوقت للقيام بدورهم هو من أفضل الجهاد ؟ أو ليس السعي فى حاجة المسلم أعظم أجرا من قيام الليل وصيام النهار ؟ فما ظنكم بإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم وإنقاذ إنسان من الموت؟
إن لي فتوى يا فضيلة الشيخ أرجو أن ترد عليها ، سائل يسأل: كنت أصلى جماعة بالمسجد مع أهل المسجد فلما ذهبت إلى البيت وأغلقت دارى سمعت جارى المسلم الذي كان يصلى معي منذ قليل يصرخ بي : أغثني أغثني أموت من الجوع وأحتاج الغذاء!! أغثني أغثنى ابني يتألم من شدة المرض ويحتاج الدواء!! أغثنى أغثنى زوجتي تموت من البرد وتحتاج الكساء!! ، أغثني أغثني بيتي يحترق. أغثنى أغثنى باب دارى قدأُغلق على فافتحه لى،أغثنى أغثنى الظلام حل بداري، أغثنى أغثنى .....ولكنني يافضيلة الشيخ تركته يتألم حتى مات وينزف حتى صعدت روحه إلى الله ، نعم يافضيلة الشيخ سمعت هذه الصراخات وتلك الأنات ولم ألتفت مع قدرتي على ذلك ، فما الحكم ؟ هل علىَّ من إثم ؟ هل كان من الواجب على نصرته ؟ هل كان من حقه على كمسلم أن أخاطب وأستغيث وأصرخ فيمن بيده المساعدة فى حال عجزي؟ سائلنا يسأل وأنا معه من السائلين ،أليس هذا هو حال مليون ونصف المليون فى غزة؟! فماذا أنتم قائلون؟ نعم صمت الشيوخ وما تكلموا فماذا أقول لهم.
لقد فجعت عندما قرأت أن شيخ الأزهر بجلالة قدره قام بمصافحة "شمعون بيريز" رئيس الكيان الصهيوني بكلتا يديه في المؤتمر الذي عُقد مؤخرًا في الأمم المتحدة حول حوار الأديان، وهذه المصافحة الحميمة جاءت في الوقت الذي يحاصر فيه أهلونا بقطاع بغزة، وجاءت المصافحة مصحوبةً بابتسامة مودة لا تخفى على أحد؛ مما سبَّب لي وللأحرار جميعا حالةً من الذهول والاشمئزاز؛ حيث كان من المنتظر من فضيلته أن يهُبَّ لنصرة المسلمين المُحاصَرين في غزة، وأن يقف على منبر الأزهر يحثُّ المسلمين على نصرة أهاليهم وإخوانهم في فلسطين، ويُشرف بنفسه على جمع التبرعات المادية والعينية، وأن يُسيِّر قوافل إغاثية يُشرف عليها بنفسه فإنا لله وإنا إليه راجعون..
غزة تستغيث ...هل من نصير!!
أخاطب كل واحد فيكم : - تخيل نفسك فى هذه الأيام الباردة فى دار خربة أقفلت عليك أبوابها , وزوجتك تصرخ من الألم وتذهب نحو الأبواب لتخرج للطبيب فلا تستطيع , وأولادك يستغيثون بك : ياأبتاه أطعمنا , يا أبتاه ..ياأبتاه ! ياأبتاه ..وأنت تنظر إليهم وقد انعقد لسانك فلا تستطيع جوابا ... الجميع يرتعش من البرد , فذهبت لكى تضيء المصباح لعلهم يستأنسون فوجدت الكهرباء قد انقطعت , فقالوا لك يا أبتاه اسقنا فذهبت تحضر المياه , فوجدت الماء قد انقطع , يا ألله ماهذا , فذهب ولدك للحمام لقضاء حاجته فوجدها قد فاضت وعمت المكان رائحتها النتنة , تخيل أولادك وقد عادوا من مدارسهم , ويطرقون على الأبواب , ياأمى! يأبى !افتحوا الأبواب , فلا تملك لهم إلا البكاء والعويل وانقطعت بك وبهم السبيل .... وضاقت عليكم الأرض بما رحبت , تخيل نفسك , وقد ذهبت زوجتك لتعد لكم الإفطار فقالت لك ليس عندنا خبز , ليس عندنا طعام , ليس عندنا ! ليس عندنا ! ليس عندنا !
فنظر بعضكم إلى بعض تدور أعينكم كالذى يغشى عليه من الموت .....
لاشك أن تخيل هذ كفيل بأن يكدر حياتك ويصيبك بالأسى والحزن والغم , فإذا كدرك الخيال فما ظنك بمن يعيش هذه المأساة أمرا واقعا علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين , هذا واقع الاّن فى غزة , هذا هو حال إخوانكم المحاصرين فى غزة , مليون ونصف مليون مسلم , يموتون يستغيثون يصرخون فماذا نحن فاعلون؟
لماذا التذكير بهذه المأساة ؟
إن عرض هذه المأساة ليس من باب الاستعطاف ولكن من باب:
1- التذكير بالواجب الذي تقتضيه الأخوة الإسلامية فلم لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم
2- التذكير بأن الغفلة واللا مبالاة عن نصرة المسلم لأخيه قد تسبب عقوبة تحل بالغافلين والمتفرج على كربة أخيه , قد يدفع العقوبة ضعفين عندما يستطيع ذلك ولو بالدعاء
3- حين نذكر بحال إخواننا المسلمين ونقوم بالواجب المطلوب من لنصرة فهذا يرهب الأعداء. فإن فعلوا مافعلوا من جرائم ولا يجدوا حراكا طمعوا أكثر وأكثر فمن البدهيات أنه إذا أغار عدو على بيت جار لك واحتله وتمكن فيه، فسوف ينظر إلى البيت الذي بجواره، طالما أنه لم يجد من يردعه، أو يوقفه، أو يقاومه، حتى يصل إلى بيتك، وما لم تقدم النصرة اليوم لإخوانك فستقول حينها: "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".
النصرة واجب شرعى لاخيار لنا فيه:
إن ديننا السمح علمنا نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف والتفريج عن المكروب؛ أيً كان دينه ومهما كان فكره، ناهيك عن جنسه ولونه ووطنه، وأمرنا بالسعي على تفريج كربات المسلمين، ورفع المعاناة عنهم أينما كانوا ..
- يقول تعالى: "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر" (الأنفال: 72) وما هذه النصرة إلا واجب من واجبات آصرة الدين كما قال سبحانه: "وإنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" (الأنبياء: 92)، فالمسلمون أمة واحدة دون الناس يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم .
وتلك النصرة أيضاً من واجبات الإخوة الإيمانية، قال تعالى: "إنما المؤمنون إخوة" (الحجرات: 10(
- وقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (مسلم، عن النعمان بن بشير )
- وقال – صلى الله عليه وسلم - : "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" ( مسلم، عن أبي مسلم).
- ولعظيمِ أَمرِ الأخوة كان مِن أوَّل أعمالِ النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد هجرته للمدينة - أنّه آخَى بين المسلِمينَ، فآخى بين المهاجرِين والأنصارِ أُخوّةً عامّة شاملة، ثم آخَى بَينَهم أخوّةً خاصّة دقيقة، فآخى بَين كلِّ مهاجرٍ وأَنصَاريّ، فجَعَل كلَّ اثنين أَخَوين؛ يتعاونان ويتكافلان ويتوَاسَيَان ..
- وفي الصحيحين ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ( فما ظنكم بمليون ونصف قد حبسوا فى سجن كبير مفاتيحه بأيدينا .
-وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - محذرًا من التخاذل في نصرة أهل الحاجة والمعاناة: " ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه ، ثم جعل من حوائج الناس إليه، فتبرم، فقد عرض تلك النعمة للزوال " (حسن، الطبراني، ابن عباس(
- وتحذرنا السنة النبوية من التقاعس عن مدِّ يد النصرة إلى مسلم ونحن قادرون، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ مسلم يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه؛ إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته, وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه, وتنتهك فيه حرمته؛ إلا نصره الله في موضع يحب فيه نصرته" (رواه أبو داود من حديث جابر وأبي طلحة.
- إنّ المسلم إذا تخاذل عن نجدة إخوانه في الواقعة الواحدة، والحادثة الفذة فإنّ ربه له بالمرصاد ويخذله في أحلك ما سيلقى، ويدعه إلى نفسه الضعيفة تستغيث ولات حين مغيث، فعن أبي أمامة عن سهيل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أُذل عنده مؤمن فلم ينصره، وهو يقدر على أن ينصره، أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة" (أخرجه الإمام أحمد).
هل بعد هذا تحتاج إلى بيان يا من لا تقنع بأن نصرة إخوانك واجبة، ولا تردد كلام المنافقين " ونا مالى "والله إنها لواجبة إن كنت لا تقنع إلا بقسم.
وامعتصماه :
روى المؤرخ الكبير ابن الأثير في "الكامل" أن المعتصم بلغه أن امرأة هاشمية صاحت وهي أسيرة في أيدي الروم: "وامعتصماه" فأجابها وهو جالس على سريره: لبيك، لبيك، ونهض من ساعته، وصاح في قصره: النفير النفير! وأشهد القضاة والشهود على ما وقف من الضياع، وغزا "عمورية" وأمر بها فهدمت وأحرقت.
رب وامعتصماه انطلقت ملأ افواه الصبايا اليتم
لامست اسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
- لو جارى حرقت شقته وهى مقفولة عليه ماذا ننتظر؟ نكسر عليه الباب وننقذه ! فما ظنكم لو معى نسخة من مفتاح شقته؟ هل وصلت الرسالة؟
- أرأيت رجلاً أحاط المرض بابنه من كل جانب، أيتركه ولا يبالي بما به؟ أم يسهر على راحته ويدعو له في قيام الليل من القلب و يعمل بجد ليأتي له بالدواء، و يتقرّب إلى الله في السر والعلن حتى يشفى فلذة كبده...
أفيعجز المسلمون عن فعل ذاك لأجل إخواننا في غزة؟!
التاريخ لايرحم الجبناء :
فالتاريخ حاكم عدل وشاهد صدق، لا يعرف الكذب ولا التجمل، وأحداثه تدور وتُتداول مع اختلاف الزمان والمكان.هذه رسالة أرسلها أهل مدينة سرقسطة لإخوانهم المسلمين بالأندلس يطلبون منهم النصرة والعون ضد عدوهم الصليبي وذلك سنة 512 هـ ، وعلى وجه الخصوص إلى الأمير تميم قائد جيوش المرابطين بالأندلس والذي خاف من لقاء العدو واستضخم قوته، فجبن عن لقائه وترك إخوانه نهبًا للكلاب والذئاب من أعداء الإسلام، وهي رسالة تعبر عن واقع المسلمين الآن، وقد جاء في هذه الرسالة ما يلي:
(.......ونحن نأمل منك }يعني الأمير تميم{ بحول الله أسباب النصرة بتلك العساكر التي أقر العيونَ بهاؤها وسرَّ النفوسَ زهاؤها، فسرعان ما انثنيت وما انتهيت، وارعويت وما أدنيت، خائبًا عن اللقاء، ناكصًا على عقبيك عن الأعداء، فما أوليتنا غناء، بل زدتنا بلاء، وعلى الداء داء بل أدواء، وتناهت بنا الحال جهدًا والتواءً، بل أذللت الإسلام والمسلمين واجترأت فضيحة الدنيا والدين، فيالله ويا للإسلام، فما هذا الجبن والفزع وما هذا الهلع والجزع، بل ما هذا العار والضياع!!.
أتحسبون يا معشر المرابطين وإخواننا في الله المؤمنين إن سبق على سرقسطة القدر بما يتوقع من المكروه والحذر أنكم تبلعون بعدها ريقًا، وتجدون في سائر بلاد الأندلس - عصمها الله - مسلكًا من النجاة أو طريقًا.. كلا، والله ليسومنكم الكفار عنها جلاءً وفرارًا، وليخرجنكم منها دارًا فدارًا، فسرقسطة حرسها الله هذا السد الذي إن فُتق فتقت بعده أسداد، والبلد الذي إن استُبيح لأعداء الله استبيحت له أقطار وبلاد.
فالآن أيها الأمير الأجلّ.. هذه أبواب الجنة قد فتحت، وأعلام الفتح قد طلعت، فالمنية لا الدنية، والنار لا العار، فأين النفوس الأبية، وأين الأنفة والحمية، ولن يسعك عند الله ولا عند مؤمن عذر في التأخر والارعواء من مناجزة الكفار والأعداء، وكتابنا هذا أيها الأمير الأجلّ اعتذار تقوم لنا به الحجة في جميع البلاد، وعند سائر العباد في إسلامكم إيانا إلى أهل الكفر والإلحاد ونحن مؤمنون....، ومهما تأخرتم عن نصرتنا فالله ولي الثأر منكم ورب الانتقام، ويغنينا الله عنكم وهو الغني الحميد".
-- هذه الرسالة التي تقطر دمًا وحزنًا وكمدًا على تخاذل المسلمين عن نصرة إخوانهم
-- أليس بمثل هذا الخطاب يخاطبنا أهلنا في غزة وفلسطين ويستصرخوننا لنهبَّ لنجدتهم ونصرتهم؟
أَوَليست فلسطين كسرقسطة، السد الذي إن فُتق فتقت بعده سدود، والبلد الذي إن استُبيح لأعداء الله استبيحت بعده أقطار وبلاد؟.
وعندما تخلى قادة المسلمين عن نصرة سرقسطة انهزمت واستبيحت، واستبيحت معها بلاد الأندلس وأُخرج المسلمون منها بعد أن كانوا فيها أعزة لثمانية قرون.
افعل وإلا:
فأخبروني: ماذا تقولون لربكم.. غدًا إذا وقفتم بين يديه للسؤال؟
هل تدرون ما سيقول أهل فلسطين عنكم بين يدي ربكم؟
أتخيلهم وهم واقفون بين يدي الله تعالى ويشكوننا إليه:
يا رب قد استنصرناهم فما نصرونا.. يا رب استعنا بهم فما أعانونا..يا رب كنا بحاجتهم فخذلونا وخانونا..يا رب احكم وأنت العدل..فهل أعددنا إجابة لهذه المحاكمة؟؟
حسبي الله علي كل كافر , حسبي الله علي كل ظالم,حسبي الله علي كل مفتر,حسبي الله علي كل من قتل وكل من اّذي مسلما ،حسبي الله علي كل منافق مروج للفتن,حسبي الله ونعم الوكيل,فلنعمل على مساندتهم ولو بالقليل.
قف وقفة وفاء وولاء , وقفة عزة وإباء وقفة نصرة وإخاء ، قف اليوم وقفة لترضى الله وتشهد التاريخ أنك مع الحق ماحييت وأنك للباطل بالمرصاد مهما كلفك ، قف اليوم وقفة نصرة للمقاومة في فلسطين ......نصرة للمجاهدين

( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(يوسف: من الآية21) ( وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً)(الاسراء: من الآية51)..
فاللهم أطعم عبادك من جوع وآمنهم من خوف، وفك حصارهم، واشف مرضاهم، وداو جرحاهم، واشدد وطأتك على الصهاينة المجرمين. اللهم آمين.

22‏/11‏/2008

وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (2)

وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى 2
شعارُ الصالحين ، ومبتَغى الطالبين ، وروضةُ المشتاقين ، وأملُ المصلحين ،أن يرضى الله عنهم، هذا هو المنى وذاك هو المبتَغى " أملى أن يرضى الله عنى".
وماذا يفوتُك لو نِلت رضاء ربك ؟! وماذا يفيدك لو فاتك رضاء ربك ؟!!
هذه هى الحقيقة وذاك هو ماينبغى أن يكون عليه حال الصالحين المصلحين ، وهو الذي أشرنا إليه فى الجزء الأول من هذا المقال، وأتساءل مع حضراتكم الاّن : كيف تعرف أنك من المسارعين للخيرات؟ وكيف تدرك أنك من العَجْلى لإرضاء ربك ؟


** أقول لك أيها الأخ الكريم، إن كان ما سيُعرضُ عليك من خصال هو حالك فأنت من المسارعين للخيرات،والراغبين فى تحقيق رضا رب الأرض والسموات وأظنك كذلك بفضل الله وتوفيقه وإلا فراجع نفسك لعلك تنال الرضا:
1- أن تجاهد نفسك و تهتم بقلبك:
قال تعالى : ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ))
وقال الشهيد سيد قطب في الظلال :((الذين جاهدوا في الله ليصلوا إليه ، ويتصلوا به . الذين احتملوا في الطريق إليه ما احتملوا ، فلم ينكصوا ولم ييأسوا . الذي صبروا على فتنة النفس ، وعلى فتنة الناس . الذي حملوا أعباءهم ، وساروا في ذلك الطريق الطويل الشاق الغريب .. أولئك لن يتركهم الله وحدهم ، ولن يُضيع إيمانهم ، ولن ينسى جهادهم . إنه سينظر إلى محاولتهم الوصول فيأخذ بأيديهم ، وسينظر إلى صبرهم وإحسانهم فيجازيهم خير الجزاء)).
2 ـ أن تكون ذا همة عالية:
قلب عالي الهمة : قلب لا يعرف القيود والقضبان ،لا تأسره الأرض كلها وما عليها .
وقلب عالي الهمة : لا يصاد بالطعم فهو متطلع يقظ لا يعرف الغفلة ولا يحتال عليه كاذب ولا يصيده شيطان.
فالعامة تقول : قيمة كل امرئ ما يحسن . والخاصة تقول : قيمة كل امرئ ما يطلب ؛ أي أن قيمة الرجل هِمّته ومطلبه.
فهناك هِمّة تدور حول الأنْتَان واللَّمَمِ : ذِكْرُ الله حبْسُ صاحبِها ومَوْتُه، وذِكْرُ الناس فاكهته وقوته ، يُنادَى إلى الله عز وجل والدارِ الآخرة من مكان قريب فلا يُجيب النداء ، الدنيا تصمّه عما سوى الباطل وتُعميه.
وهِمّة أخرى : ارتبطت بمن فوق العرش جل وعلا إرادة وطلباً ، وشوقاً ومحبة ، وإخباتاً وإنابة ، لا مُسْتَرَاح لها إلا تحت
شجرة طوبى ، ولا قَرار لها إلا في يوم المزيد.
إنّ صاحب الدعوة ، حامل الأمانة ومبَلِّغ الرسالة يكون قدمه على الثرى وهمته في الثريا، يكون ذو عزم أكيد، وبأس شديد في دين الله، فلا يلين ولا يحيد، وهذا ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، وتأمل هذا :

- عند أحمد في المسند عن ربيعة بن كعب رضي الله عنه قال: كنت أخدم رسول صلى الله عليه وسلم وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع، حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، فأجلس ببابه! إذا دخل بيته، أقول: لعلها أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فما أزال أسمعه يقول: سبحان الله! سبحان الله! سبحان الله! وبحمده حتى أمل، فأرجع أوتغلبني عيني- فأرقد، قال: فقال لي يوماً لما يرى من خفتي له وخدمتي إياه: " سلني يا ربيعة أعطك " قال فقلت: أنظر في أمري يا رسول الله، ثم أعلمك ذلك؟ قال: ففكرت في نفسي فعرفت أن الدنيا منقطعة زائلة، وأن لي فيها رزقاً سيكفيني ويأتيني، قال فقلت: اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي فإنه من الله - عز وجل – بالمنزل الذي هو به، قال: فجئت فقال: " ما فعلت يا ربيعة ؟ " قال فقلت: نعم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار، قال فقال: " من أمرك بهذا يا ربيعة ؟ " قال: فقلت: لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ولكنك لما قلت: سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في أمري وعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة، وأن لي فيها رزقاً سيأتيني، فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي، قال: فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، ثم قال لي: " إني فاعل، فأعني على نفسك بكثرة السجود "
هذا هو ربيعة الأمس فأين ربيعة اليوم؟!!
- وسأل رجل بلالاً مولى أبي بكر عنهما : فقال له : من سَبَقَ؟ قال : سبق المقربون ، قال : إنما أسألك عن الخيل ؟ قال : وأنا أجيبك عن الخير.
3 ـ أن تسارع بالرجوع إذا مافَتَرْتَ :
لكل إنسان فَتْره ولكن هناك من تطول فَتْرته وربما كانت إلى معصية ، وأما المسارع إلى الخيرات فما إن يفتر حتى يرجع إلى نشاطه السابق ، فلا يقدر على الابتعاد عن ربه كالسمك لا يقدر على الابتعاد عن الماء .
إن رجل لدعوة لا يملك نفسه حتى يسوغ له أن يمنح نفسه إجازة وإنما هو ((وقف لله تعالى)).واعلم أخي ((أن الراحة للرجال غفلة)) كما يقول الفاروق  ، وأتعب الناس من جلّت مطالبه.
يقول ابن القيم : لا بد من سِنَةِ الغفلة ورقاد الغفلة ، ولكن كن خفيف النوم.
وانتبه من رقدة الغفــ ــلة فالعمر قليل
واطّرح سوف وحـتى فهما داء دخيــل
4 ـ أن تسارع بالتوبة إذا ماعصيت :
كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ، ولا معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن المسارع إلى الخيرات إذا عصى الله تذكر فخاف منه سبحانه وأقلع وأناب إلى رب الأرباب .
اعف عني وأقلني عثرتي *** ياعتادي لملمات الزمن
لا تعاقبني فقد عاقبني ندم *** أقلق روحي في البدن
المتعبد يبكي على الفتور بكاء الثكلى بين القبور ويندب زمان الوصال ويتأسف على تغير الحال ،والخائف ينادي : ليت شعري ما الذي أسقطني من عينك ، أقلت هذا فراق بيني وبينك .
5 ـ أن تجتهد في الطاعات :
وقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً* نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً* إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً* إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً* إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً )) .
إنها دعوة السماء ، وكلام الكبير المتعال .. قم .. قم للأمر العظيم الذي ينتظرك والعبء الثقيل المُهيَّأ لك .. قم للجهد والنصب ، والكدِّ والتعب، نعم قم فقد مضى وقت النوم والراحة .. قم فتهيأ لهذا الأمر واستعدَّ.
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم :((قم)) ، فقام وظل قائماً بعدها أكثر من عشرين عاماً! لم يسترح ، ولم يسكن ، ولم يعش لنفسه ولا لأهله ، قام وظلَّ قائماً على دعوة الله ، يحمل على عاتقه العبء الثقيل الباهظ ، عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض ، عبء البشرية كلها ، وعبء العقيدة كلها ، وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى.
إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً، ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً، فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير … فما له والنوم؟ وما له والراحة؟ ما له والفراش الدافئ، والعيش الهادئ والمتاع المريح؟! ولقد عرف رسولنا صلى الله عليه وسلم حقيقة الأمر وقدَّره ، فقال لخديجة رضي الله عنها :(( مضى عهد النوم يا خديجة)). أجل! مضى عهد النوم ، وما عاد منذ اليوم إلا السهر والتعب والجهاد الطويل الشاق.
أخي الكريم، ما يحصل بردُ العيش إلا بحرِّ التعب، وما العز إلا تحت ثوب الكد، وعلى قدر الاجتهاد تعلو الرتب، ومن لم تبكِ الدنيا عليه، لم تضحك الآخرة إليه.
فيا أخي المسابق إلى رضا مولاك، إن هممت فبادر، وإن عزمت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر، من رضي بالصف الآخر.، فكم من أناس موتى تحيا القلوب بذكرهم ، وأناس أحياء تموت القلوب برؤيتهم.
لله در القائل :
إن لم تكن للحق أنت فمن يكون ** والناس في محراب لذات الدنايا عاكفون
-- قال تعالى :(( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ )) .
قال ابن كثير : وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ : وهو الفاعل للواجبات والمستحبات التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات .
6 ـ أن تعمل وتخشى عدم القبول:
(( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ *وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ))
قالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة : هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله ؟ قال : ((لا يا بنت الصديق ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل)) .
7 ـ أن لا تشغلك الدنيا عن الآخرة :
(( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ))
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا *** "الله أكبر" في شوق وفي جذل
أرواحهم خشــعت لله في أدب *** قلوبهم من جلال الله في وجل
نجواهم: ربنا جئنــاك طائـعة *** نفوسنا، وعصينا خادع الأمل
هـم الرجـال فلا يلهيهم لـعب *** عن الصلاة، ولا أكذوبة الكسل
هذا هو حال الرجال فى ميدان من ميادين المسارعة " الحرص على صلاة الجماعة" فضلا عن الميادين الأخرى . فأين هؤلاء الرجال اليوم ؟ وماذا يقول بعض دعاةِ اليوم الذين أصبحت تسمع طنطنتهم، وتردد ألسنتهم " الانشغال الحياتي", "ظروفي" ونحو ذالك من كلمات لا تليق بحال الأوفياء الأقوياء. وأقول مهلا أيها الدعاة ثم مهلا ، هل تستطيعون غدا أن تعتذرون بين يدي الله الكبير المتعال بما تعتذرون به اليوم ؟ أظن لا وألف لا!!
8-أن تلازم صحبة الأخيار:
وأظنك بحمد الله قد فزت بهذه الصحبة الطيبة في ظل دعوتنا المباركة، فالزمها وعض عليها بالنواجذ، فإنها لا يدانيها نعمة.ولا تضاهيها مزية ، وشرف لمن انتمى إليها وعمل تحت لوائها.
ويا أخي الحبيب ، انظر إلى ما في قصة أصحاب الكهف ((وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)) ، ((سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ)).
كلب خطا مع أحبائه خطوات ، فإلى يوم القيامة يتلى (وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ..)) الآية ، فهل ترى أن مسلماً مجاهدا يصحب أحبابه من وقت شبابه إلى وقت مشيبته يردّه الله يوم القيامة خائباً؟!. هذا بكرمه سبحانه لا يكون .
9-أن توفى ببيعتك وتصدق فى وعدك:
إن من صفات أولى السبق الوفاء بالبيعة والصدق فى العهد والوعد والاستمرار على الدرب حتى يتحقق لهم الرضا الذي يأملون ، ألم يقل الله سبحانه {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }
نعم لقد رضي الله عن المؤمنين حين بايعوا النبي- تحت الشجرة (وهذه هي بيعة الرضوان في "الحديبية") فعلم الله ما في قلوب هؤلاء المؤمنين من الإيمان والصدق والوفاء, فأنزل الله الطمأنينة عليهم وثبَّت قلوبهم, وعوَّضهم عمَّا فاتهم بصلح "الحديبية" فتحًا قريبًا, وهو فتح "خيبر" .
فهل وفيت وصدقت أيها الكريم؟!!هل قمت بحقوق الأركان العشرة وواجباتها عليك !! الله المستعان.
10-أن تغتنم مواسم الخيرات :
نعم إنها منح ربانية يتفضل بها الكريم علينا حين يهبنا مناسبات وذكريات، يريد فيها منا المسارعة إلى الخيرات وقد ندبنا لذلك رسولنا الكريم، فقال: " افعلوا الخير دهركم ، و تعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم"[ المعجم الكبير للطبراني].
فإذا كانت المسارعة بالخيرات محمودة مطلوبة في كل آن وحين وكل مكان فإن حدوث ذلك في الأماكن المفضلة والأزمان الشريفة أكثر فضلا وخيرا وأعظم أجرا.
ومن أماكن الفضل المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى حيث فضلت الصلوات فيها على غيرها بدرجات عظيمة، ولم يشرع شد الرحال إلى مكان من أمكنة العبادة إلا إليها، كما أن من أماكنه الثغور حيث يرابط فيها المجاهدون حفظا لدار الإسلام واستعدادا للجهاد في سبيل الله تعالى هداية للناس وإخراجا لهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم، وقد وردت البشارات العظيمة بما أعد الله للمرابطين في سبيله فقال الرسول الكريم: \"كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر\"( أبو داود والترمذي) وقال: \"من مات مرابطا في سبيل الله أجري عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع الأكبر\"[ ابن ماجه]
وكما كان هناك تفضيل للمكان فهناك تفضيل للزمان ومن أزمان الفضل أشهر الحج وشهر رمضان، ومن أزمانه أيضا يوم الجمعة الذي هو خير يوم طلعت عليه الشمس، وجوف الليل الآخر.
وبما أننا فى أيام العشر من ذي الحجة فهذه فرصتنا لكي نحقق فيها السباق ونحقق دعوة الحبيب صلى الله عليه وسلم لنا : (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
أسأل الله فى علاه أن يجعلنا من السباقين لفعل الخيرات والمسارعين لنيل الرحمات والعَجْلَى إلى تحصيل البركات ....اللهم آمين.

وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (1)

وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى 1
** ما أعظمه من شعار رفعه موسى كليم الرحمن عليه السلام حين سأله ربه " {وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى } أي وأيُّ شيء أعجلك عن قومك - يا موسى - فسبقتَهم إلى جانب الطور الأيمن لمجيء ميعاد أخذ التوراة, وخلَّفتَهم وراءك؟ فكان هذا هو الرد {قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى }أي إنهم خلفي سوف يلحقون بي, وسبقتُهم إليك - يا ربي - لتزداد عني رضا..

**الله أكبر! ماأجمله من رد وما أعظمه من تعبير وما أكرمه من شعار حين تتعجل في خطاك إرضاء لمولاك. واللغة تقول أن الفعل عجِل يعنى أسرع ، نعم... هى دعوة للسباق , دعوة للمسارعة ، دعوة للحاق بالركب قبل فوات الأوان ، وضياع الطريق وغياب المعالم واختفاء الأثر ، نعم...هو نداء عاجل .....أن يا أيها المشتاقون للجِنان ، الراغبون فى رضا الرحمن ، الراجون عفو المنان ، والساعون لإصلاح الأوطان ...أقبلوا ،واعرفوا طريقكم الذي يقودكم إلى ماتريدون.
لا خيار أمامكم إلا المسارعة
** وكيف لا تكونوا أنتم أيها الدعاة الأباة ، الحاملون للراية ، والداعون للهداية ،والمحققون للغاية ، وما أشرفها من غاية " الله غايتنا" ، أقول إن لم تكونوا أنتم من العَجْلَى المسارعين إلى الخيرات والمتسابقين إلى الرحمات , فمن غيرُكم ؟! والله سبحانه يناديكم ، وأظنكم أهلاً للنداء : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) ويقول أيضا (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) ويقول (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) وأنتم تعلمون أيها الرجال أن كلمة " سبق " وردت فى القراّن الكريم بمعانيها الكثيرة المتفرعة "37 "مرة ، وكلمة " أسرع " وردت حوالي " 11" مرة " وكلمة " عجِل " حوالي " 32 " مرة
- وكيف لانُسرع فى خطانا إرضاءً لربنا , ورضاه سبحانه هو مبتغى الطالبين وروضة المشتاقين وغاية كل الصالحين المصلحين ودرب الصادقين. ألم يناجى الحبيبُ رَّبه قائلا " إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي... ”.
- وكيف لانُسرع ونحن نعلم أن الفرصة إذا لم يغتنمها صاحبها انقلبت إلى حسرة ، وقد تتهيأ لنا الأسباب اليوم ولا تتهيأ غدا ، فلنزرع اليوم لنحصد فى الغد ، وإن الغد لناظره لقريب.
ليس فى كل ساعة وأوان** تتهيأ صنائعُ الإحسان
فإذا أمكنت فبادر إليهـا ** حذرا من تعذر الإحسان
- وكيف لا نُسرع ونحن نعلم أن أهل السبق فى الدنيا هم أهل الرضا فى الدنيا والآخرة {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
الرسول يوجه والأخيار يقولون سمعاً وطاعة
* نعم إن الحبيب محمدا صلى الله عليه وسلم لفت انتباهنا لهذه المسارعة والمبادرة:
- فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوِ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ )) الترمذي
* وإن جيل خير القرون كان هذا حالهم فقالوا وأسرعوا:
- عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قالُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا فَقُلْتُ الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا قَالَ فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ قُلْتُ مِثْلَهُ وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ قَالَ أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا )) لله درّك من صِدِّيق .!!
- قال الحسن : إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة.
- وقال وهيب بن الورد : إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل.
- وهذا عبدالله بن مسعود ، يقول عنه شقيق بن عبدالله : مرض عبدالله بن مسعود فعُدناه ، فجعل يبكي ، فعوتب ، فقال : إني لا أبكي لأجل المرض ، لأني سمت رسول الله  يقول :((المرض كفارة)) ، وإنما أبكي أنه أصابني على حال فَتْرة ، ولم يصبني في حال اجتهاد ، إنه يكتب للعبد من الأجر إذا مرض ما كان يُكتب له قبل أن يمرض فمنعه منه المرض.
رجال سباقون
** وإن تاريخ رجال دعوتنا المباركة الذين حملوا الراية وشقوا للدعوة طريقاً وسط الصخور والعراقيل بكل صدق و صراحة.. ، فما بدلوا ولا وهنوا لما أصابهم من لأْوَاءَ فى سبيل الله فأعظم بهم من رجال !!. أقول إن تاريخهم لَيَزْخَرُ بالكثيرِ من صورِ المسارعة والعَجَلَةِ إلى إرضاء الرحمن ، هذه بعض منها:
* " أملى أن يرضى الله عنى" ، ما أعظمها من كلمة خرجت من فمٍ طاهر ، من فن الشيخ الشهيد أحمد يسن ، وسعى لمرضاة ربه حتى نالها بشهادته ، ولا يُزَكَّى على الله أحدٌ.
"أملي أن يرضى الله عني".. كلمته المأثورة التي طالما ردَّدها، وكان جوابه المفضَّل إذا ما سُئِل عن أمنيته في الحياة- وهو قائدٌ لحركة المقاومة حماس الحركةِ المجاهدةِ""أملي أن يرضى الله عني" فكانت آخر ما نطق به قبل استشهاده، رغم عجزه وجلوسه على كرسيه المتحرك، إلا أنه لم يكلَّ أو يملَّ يومًا من الجهاد أو الدعوة إلى الله؛والمسارعة إلى رضاه سبحانه، ليكون الشيخ القعيد الذي أحيا أمةً باستشهاده.
• ذهب الأمام الشهيد إلى مؤتمر بالمنزلة دقهلية وبعد الفراغ من المؤتمر ، و الذهاب إلى النوم ، توجه الإمام و في صحبته الأستاذ عمر التلمساني إلى حجرة بها سريران ، ورقد كل على سريره .وبعد دقائق قال الأستاذ: أنمت يا عمر ؟ . قال : لا . وتكرر السؤال . وتكرر الرد.
وقال الأخ عمر في نفسه إذا سأل فلن أرد. وظن الأستاذ أن الأخ عمر قد نام.
فتسلل على أطراف أصابعه، وخرج من الحجرة، وأخذ نعليه في يده، وذهب إلى دورة المياه حافياً، حيث جدد وضوءه، ثم اتجه إلى آخر الصالة، وفرش سجادة، وأخذ يتهجد.
أليست هذه عّجّلّةٌ ومسارعة إلى إرضاء الله؟!
أو ليست هذه همسة عتاب فى آذاننا نحن المقصرين فى قيام الليل؟
* ويقول الإمام الشهيد في مذكراته :
عرضت على زملائي و أنا طالب بدار العلوم أن نخرج للوعظ في المقاهي فعارضوا ... و كنت أخالفهم في هذه النظرة ، وكنت أعتقد أن كثيراً من رواد المقاهي فيهم خير .
وقلت لزملائي : إن العبرة بحسن اختيار الموضوع فلا نتعرض لما يجرح شعورهم.وبطريقة العرض فتعرض بأسلوب شائق جذاب .وبالوقت فلا نطيل عليهم القول .وقمنا بالتجربة فألقيت في أول ليلة أكثر من عشرين خطبة تستغرق الواحدة منها ما بين خمس دقائق إلى عشرة.ولقد كان شعور السامعين عجيباً، وكانوا دائماً بعد الخطبة يقسمون أن نشرب شيئاً، فنعتذر لهم بضيق الوقت وبأننا نذرنا هذا الوقت لله.وكان أسوتنا قول كل رسول: ﴿ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًاً ﴾ .
ونجحت التجربة مائة في المائة بفضل الله وتوفيقه.
وكرر الإمام الشهيد هذا الأسلوب وحده في الإسماعيلية عندما تخرج، وعين مدرساً هناك، فنجح بفضل الله.
الله أكبر، أو ليست هذه مسارعة إلى إرضاء الرحمن بدعوة الناس إلى الخير الذي من الله به علينا كي نحقق نداء الرجلين الذين أنعم الله عليهما " ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ، ثم أليس مانحن فيه اليوم من خير وانتشار لدعوتنا هو من ثمار هذا السعي المبارك ؟
*ويقول الإمام أيضا :
مررت ذات يوم على شاطئ النيل وأنا تلميذ .. فلاحظت أن أحد أصحاب السفن قد علق في ساريتها تمثالاً خشبياً عارياً على صورة تتنافى مع الآداب ، وبخاصة و أن هذا الجزء من الشاطئ يتردد عليه السيدات والفتيات يستقين منه الماء .فذهبت فوراً إلى ضابط النقطة وذكرت له ما رأيت وأنا غاضب .. فقام الرجل على الفور ، وهدد صاحب السفينة ، وأمره بإنزال التمثال حالاً .ولم يكتف الرجل بذلك بل ذهب في صباح اليوم التالي إلى المدرسة وأخبر الناظر الخبر في إعجاب وسرور.فسر الناظر وأذاع الخبر على التلاميذ في طابور الصباح.
فأين نحن من مظاهر الفحش التي أزكمت رائحتها الأنوف ؟ فى وسائل المواصلات ؟ فى الشارع ؟ فى الجامعة ؟ وغيرها.... وحتى إن لم يوجد ناظر الأمس ولا ضابط الأمس فأين داعية الأمس؟!!
وتلك هي أخلاق رجالات دعوة الإخوان المسلمين ، ولمثل هذا فليعمل العاملون، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
* والنماذج كثيرة وكثيرة، فهناك واجبات كثيرة يجب أن نسارع إليها : واجب نحو نفسك ، واجب نحو بيتك ، واجب نحو دعوتك ،واجب نحو أُخُوَّتِك ، واجب نحو مجتمعك ، فماذا أنتم فاعلون : هل وفَّيْنا ؟ هل أدَّيْنا ؟ هل أسرعْنا؟
**ومن اللفتات الجميلة : أن الله حين ذكر الدنيا قال :((فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)) ، وحين ذكر الذكر فيها قال :((فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ)) ، وحين تكلم عن الجنة قال :((وَسَارِعُوا)) ، و((سَابِقُوا)) ، وحين تلكم عن العليّ قال :((فَفِرُّوا إِلَى اللهِ)) ،
نعم هكذا يجب أن يكون الحال ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )).
هلاَّ عزمتَ على السبق؟!
** والآن سل نفسك أيها الأخ الحبيب والفارس النجيب والداعية الأريب : هل عزمت على المسارعة إلى مرضاة الرحمن ؟!هل عزمت على رفع شعار كليم الرحمن " وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى "
إن لم تكن حسمت إجابتك بعد ، فسل نفسك هذين السؤالين ؟
هل تود دخول إلى الجنة ؟
قال تعالى: ((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)) السابقون في الدنيا إلى الخيرات سبقوا في الآخرة إلى الجنات فإن السبق هناك على قدر السبق هنا.
هل تود الدرجات العلى منها؟ :
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من أراد أن يعلم ما له عند الله فلينظر ما لله عنده )) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة )) .
- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى يَرَاهُمْ مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ كَمَا يُرَى الْكَوْكَبُ الطَّالِعُ فِي الْأُفُقِ مِنْ آفَاقِ السَّمَاءِ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا ))
---------------------
*** والآن بعدما عزمت وأردت الجنة بل أردت العلا منها ؟ كيف تعرف أنك من المسارعين السباقين؟
هذاهو ما سنعرضه فى جزء ثان لاحق بحول الله وقوته ، أسأل الله أن يجعلني وإياك من المسارعين إلى لخيرات . آمين.

21‏/11‏/2008

الحج في فكر الشيخ محمد الغزالي


الحج في فكر الشيخ محمد الغزالي

الحج هو الشعيرة الخامسة من شعائر الإسلام الكبرى، رحلة يطوي فيها المسلم بعده عن البيت العتيق؛ ليتفقد سيرة أبيه إبراهيم، ورسوله الكريم، يحدوه فيها الشوق والوجد، وتغمره خلالها مشاعر الرضا والفرحة، ويستشعر فيها ضعفه وحاجته، ويتجسد أمامه ضعف العبودية، ويرى بعين قلبه عظمة الربوبية، تاركا وطنه وأهله وماله، متوجها بقلبه وجسده وعقله إلى الله، طالبا منه العفو والصفح والقبول دون سواه.

ولقد تحدث الداعية الكبير الشيخ محمد الغزالي يرحمه الله عن هذه الشعيرة العظيمة حديثا لا تكاد تجده على هذا النحو عند أحد من علمائنا رضي الله عنهم وقدم فيه أفكارا جديدة، وأشار إلى لفتات إيمانية وروحية، ووضع أيدينا على جوانب اجتماعية وسياسية لا يسعنا إلا أن نقف أمامها نأخذ الموعظة البليغة والعبرة النافعة من هذه النظرة الفريدة التي تمثلت فيما يلي:


أولا: الحج نداء قديم جديد:

في زحمة الحياة ومعركة الخبز التي تسود الأرجاء وترهق الأعصاب، وفي زحام الحياة والناس يلهثون وراء مآربهم القريبة والبعيدة، كان هناك أشخاص آخرون يخلصون بأنفسهم بعيدا، ويصغون إلى نداء آخر يجيء من وراء القرون، ويتردد صداه على اختلاف الليل والنهار، هو في نظر الشيخ نداء قديم جديد.

قديم لأن أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام أول من أعلنه، وصدع بأمر الله حين قال له: "وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ". الحج: 27. وجديد لأن خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ندب إليه وقاد قوافله ووضع مناسكه وبين ما رصد الله له من جوائز وربط به من منافع، وكان آخر عهده بالجماهير الحاشدة وهي تصيح إليه في حجة الوداع يزودهم بآخر وصاياه وأحفلها بالخير والبر[1].

ثانيا: الحج طاعة مطلقة وانقياد تام وتناغم كامل:

والحج في فكر الشيخ الغزالي يرحمه الله طاعة مطلقة لله تعالى، وانقياد لأمره، وتناغم بين الحجيج والملكوت والكائنات جميعا، فوفود الحج وهي تنطلق صوب البيت العتيق مخلفة وراءها مشاغل الدنيا، وهاتفة بأصواتها خاشعة: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك إن هذه الوفود تؤكد ما يجب على الناس جميعا لله سبحانه وتعالى من طاعة مطلقة، وانقياد تام، وذكر وشكر، وتوحيد وتمجيد.

ويتساءل الشيخ في هذا الصدد قائلا: هل العالم يتذوق هذه المعاني؟ ويستشعر حلاوتها؟ كلا، فما أكثر التائهين عن الله، والمتمردين على حقوقه، ما أكثر العابدين بغير ما شرع، والحاكمين بغير ما أنزل، إن هؤلاء العاصين نغمة شاذة في كون يسبح بحمد ربه: "أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ". آل عمران: 83.

دع عنك هؤلاء التائهين، وارمق الوفود المنطلقة صوب مكة تجأر بالتلبية، ويسير بها البر والبحر والجو، إن جؤارها بالتلبية يصدقه كل شيء في البر والبحر والجو، فالمُلبِّي حين يرفع عقيرته مناجيا ربه ومصدقا أخاه، ومقررا أشرف حقيقة في الوجود يتجاوب معه الملكوت الساجد طوعا وكرها، أو يتجاوب معه الملكوت الذي يبارك رحلته ويحترم حجته، فلا عجب أن يتجانس الكون المسبح بحمد الله مع إنسان انخلع عن نفسه، وانطلق في سفر صالح يبتغي مرضاة الله.

وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يلبي إلا لبى من عن يمينه أو عن شماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وها هنا"[2].

إنه هتاف ينفرد به أتباع محمد صلى الله عليه وسلم وحملة راية التوحيد، أما غيرهم فهم بين معطل ومشرك وجاحد ومنحرف، إن لهم هتافا آخر يمثل عبوديتهم للتراب ولما فوق التراب من دنايا وخزعبلات[3].

ثالثا: أفعال الحج ترتبط بأحكأم لا ينكرها العقل:

وإذا كان الحج طاعة مطلقة وانقيادا تامًّا فليس معنى ذلك أن العقل ليس له مدخل في شعائره ومناسكه يتذوقها ويقف على الحِكَم المستفادة منها، فكثير من الناس يظن أن أفعال الحج ومناسكه مبهمة وغامضة، وأن الله جل شأنه اختبر الناس بما يعقلون فسمعوا وأطاعوا، فاختبرهم بما لا يعقلون حتى يتبين له كيف يسمعون وكيف يطيعون.

ويؤكد الشيخ الغزالي أن هذا كلام بعيد عن الصحة؛ إذ الواقع أن أعمال الحج لها حكم معقولة، عرفها من عرفها وجهلها من جهلها، وينبغي أن تدرس هذه الحكم بأناة، وأن تعرف حقائقها حتى يدرك الناس أن الإسلام ليس دين أوهام أو أضغاث أحلام، هذا دينٌ كلُّ شيء فيه له حكمته وله معناه.

فمن مناسك الحج الطواف بالبيت، هل له حكم معقولة؟ ويذكر الشيخ الغزالي أربع نقاط في هذا المنسك توضح معقوليته والحكمة منه:

الأولى: أن هذا البيت هو أول بيت وضع للناس، وزاده الله تشريفا، فمن حق أول بيت أقيم ليكون قلعة التوحيد، ومثابة للموحدين، وملتقى للمؤمنين المخلصين، من حقه أن تكون له مكانة خاصة؛ ولهذا يجيئه الرواد من كل أفق، والحجاج من كل فج، يطيرون إليه كما تطير الحمائم إلى أوكارها، في أفئدتهم حنين، وفي قلوبهم مشاعر ملتاعة.

الثانية: أن المسلمين في المشارق والمغارب في الشمال والجنوب يولون وجوههم شطر هذا المسجد في كل صلاة تقام في القارات كلها، ومن حق الذين اتخذوا المسجد قبلة لهم أن يبعثوا كل عام منهم الوفد المستطيع لكي يرى قبلته، كي يحج إليها ويزورها.

الثالثة: أن هذه الأمة الإسلامية إنما ولدت في التاريخ إثر دعوة صالحة مستجابة للأنبياء الذين وضعوا حجر الأساس في هذا البيت العتيق ونهضوا به وأعلوا دعائمه: "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ . رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ". البقرة: 127129. "وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ" هي أمتنا، "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ" هو رسولنا صلى الله عليه وسلم صاحب الإمامة العامة في محراب العبادة لخلق الله كلهم، فمن حقنا، ونبيِّنا وأمتنا وتاريخنا نتيجة دعوة في بناء هذا البيت، أن نزور هذا البيت، وإذا لم يحج المسلمون إلى البيت الذي بدأ عنده تاريخهم فأين يحجون؟ وإذا لم يقصدوا البيت الذي كان نبيهم دعوة مخبوءة في ضمير عند بنائه استجابها الله وباركها، فأين يقصدون؟.

الرابعة: أن الله عز وجل أراد أن يكرم الأمة العربية، فكرمه بأنه حمل الرسالة الخاتمة، وعندما أمر الناس أن يتوجهوا لهذا البيت العتيق قال لنا نحن الذين نقرأ القرآن وننطق باللغة العربية أنا فعلت هذا تشريفا لكم، وإتماما للنعمة عليكم، كما شرفناكم بابتعاث النبي الخاتم منكم عليه الصلاة والسلام[4]. وقد قال الله تعالى: "كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ". البقرة: 151.

على أن من يزور البيت لا يعبد البيت إنما يعبد رب البيت، والطواف كما أجمع العلماء صلاة لابد لها من طهارة البدن، ولابد فيها من خلوص القلب لله، ومن زعم أن الكعبة كلها أو بعضها يضر أو ينفع فهو خارج عن الإسلام، ومن هنا نفهم ما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبَّله، فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك[5].

وإذا كان بعض المغفلين يزعم أن تقبيل الحجر الأسود نوع من الوثنية فليكن تقبيل الملوك والرؤساء لأعلام دولهم نوعا أيضا من الوثنية ومن عبادة الأقمشة!! من قال هذا؟ إذا كان الأمر لا يعدو ترجمة لمشاعر الولاء لله فليس في هذا شيء، ونحن في هذا نلتزم ما ورد[6].

ومن حق رب البيت أن يضع طريقا لزيارة بيته، فإذا جعلها طوافا من سبعة أشواط فليس في الأمر ما يستغرب، ففي طول الدنيا وعرضها توضع طرائق شتى للاستقبالات والاستعراضات[7].

ومن مناسك الحج التي يظنها كثير من الناس غير معقولة: السعي بين الصفا والمروة وفي بيان الحكمة منه يقول الشيخ: إن الإنسان مادي حسي، والأسباب الحسية هي التي تملكه أو هي التي تحكمه، يوم يكون في يده مال يقول: مالي في يدي، فهو يعتز به، لكن يوم يكون المال وعدا في الغيوب، وأملا في المستقبل، ورجاء عند الله، فإن قلبه يضطرب، ويقول ليس معي شيء.

والحق أن الرزق غيب، ولا يؤمن برزق الله إلا أصحاب الإيمان الراسخ، والنصر غيب، ولا يؤمن بنصر الله إلا أصحاب الإيمان الراسخ... هذا النوع من الإيمان قلما يوجد، لكنه عدة المصلحين، كلما أظلم الليل عليهم ولم يجدوا بصيصا من نور اطمأنوا إلى أن فجرا سيجيء فهم ينتظرون بريقه بثقة.

يشير الشيخ بهذا إلى موقف هاجر عندما تركها زوجها إبراهيم صلوات الله عليه مع ابنها في وادي مكة المجدب والموحش حيث لا أنيس ولا جليس ولا زاد، وليس هناك إلا القدر المرهوب، وقالت له الزوجة الصالحة: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. فقالت: إذن لا يضيعنا.

وبدأ الرضيع يتلوى جوعا وعطشا، وبدأت الأم تهرول يمينا وشمالا، ثم جاء الملك وغمز بجناحه الأرض فتفجرت زمزم، وشرب الرضيع، وشربت الأم، وبدأ الخير.

أكانت هذه المرأة تدرك أن ابنها هذا سيكون من ذريته نبي خاتم؟ سيكون من ذريته شعب كبير؟ سيكون من أثره حضارة تظلل الأرض برحمتها وسناها؟!!

من هنا يجيء الاختبار، فإذا كُلِّف الناس أن يفعلوا ما فعلت أم إسماعيل فلكي تتجدد في مسالكهم عواطف الاتكال على الله، الثقة في الله، الإيمان بأن ما عنده أهم مما عندي، ما عندي قد يحرق، قد يسرق، لكن ما عنده لا حرق ولا سرق[8].

وقس على ذلك باقي المناسك، فالحج عبادة رقيقة محبوبة أساسها الوقوف بعرفة، والطواف حول البيت، وبعض شعائر أخرى يمكن استيعابها بيسر دون قلق أو حرج، وعند التأمل في أصل المنسك وما يتركه في القلب من مشاعر، وما يستودعه العقلَ من دلالات نقف على الحكم المتعددة التي تستفاد من كل منسك.

رابعا: الحج وفاء وتلبية وإخلاص:

فالحج وفاء لنداء إبراهيم عليه السلام، وتلبية لأوامر الله تعالى، وتجرد وإخلاص لا شرك فيه، إنهم يجيئون ليترجموا عن وفائهم ويقينهم، ولتبقى دورات التاريخ متصلة المبنى والمعنى، لا يمر عام إلا أقبلت الوفود من كل فج كأنها الحمائم تنطلق من أوكارها، يحثها الشوق إلى مهاد التوحيد وحصنه: "ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ". الحج: 32.

وليس للطائفين نجوى إلا مع الله وحده، شغلهم الشاغل ترديد الباقيات الصالحات، والتقدم بضعف العبيد إلى القوي الكبير أن يجيب سؤالهم ويحقق رجاءهم، ماذا يقولون؟ سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم يدعون: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ". البقرة: 201....

إن الوفود القادمة من القارات الخمس على اختلاف لغاتها وألوانها وأحوالها يجمعها شعور واحد، وتنتظمها عاطفة دينية مشبوبة، وهي تترجم عن ذات نفسها بتلبية تهز الأودية! ويتحول ما أضمرته من إخلاص إلى هتاف بسم الله وحده، لا ذكر هنا إلا لله، ولا جؤار إلا باسمه! ولا تعظيم إلا له! ولا أمل إلا فيه! ولا تعويل إلا عليه.

إن المسافات تقاربت بل انعدمت، بين ذكر لله يمر بالفؤاد كأنه خاطرة عابرة، وبين ذكر لله يدوي كالرعد القاصف من أفواج تتدافع إلى غايتها لا تلوي على شيء، ولا يعنيها إلا إعلان ولائها لله الذي جاءت لتزور بيته[9].

إن الإنسانية واحدة من آدم إلى إبراهيم إلى محمد، شرفُها في معرفتها لله وولائها له وحده، وجَهْدُ الشيطان تعكيرُ هذه المعرفة وتقطيع ذلك الولاء، وقد كان إبراهيم نموذجا للنبوات الأولى في حرب الأوثان ومطاردة الشيطان، وقد بنى في مكة هذا البيت الخالد شعارا للتوحيد، ومنارا للعبادة المجردة، ثم جاء خاتم المرسلين فأرسى القواعد لألوف مؤلفة من المساجد التي تتبعه في الوسيلة والهدف، فلا غرابة إذا ارتبطت به وجاء أهلوها في كل عام يجددون العهد[10].

ولا يقال بحال من الأحوال إن بعض الطقوس والمناسك فيها نوع من الشرك أو الوثنية، كالطواف بالبيت، أو تقبيل الحجر، أو غير ذلك؛ لما تقدم، ولأننا نلتزم في ذلك كله أمر الله وأمر رسوله صلوات الله عليه، بل كل لمحة من لمحات الحج تشي بالتوجه الصادق والتوحيد الخالص والإخلاص الكامل.

خامسا: الحج وحدة وتجرد:

ليست هنالك شعيرة من شعائر الإسلام يتمثل فيها معنى الوحدة كما يتمثل في شعيرة الحج، حيث القبلة الواحدة والزي الواحد والرب الواحد والهتاف الواحد، والتجمع الرهيب المهيب يوم عرفة.

يقول الشيخ: إن مناسك الحج تنمية لعواطف المسلمين نحو ربهم ودينهم، وماضيهم وحاضرهم، ويكفي أنها تجمعهم من أطراف الأرض شعثا غبرا لا تفريق بين ملك وسوقة، ولا بين جنس وجنس، ليقفوا في ساحة عرفة في تظاهرة هائلةٍ، الهُتافُ فيها لله وحده، والرجاء في ذاته، والتكبير لاسمه، والضراعة بين يديه، فقر العبودية ظاهر، وغنى الربوبية باهر، ومن قبل الشروق إلى ما بعد الغروب لا ذكر إلا لله، ولا طلب إلا منه سبحانه[11].

إن هذه الحشود المتكاتفة يمكن أن تُكَون مظاهرة متلاطمة الأمواج، الهتاف فيها ليس لبشر، إنما الهتاف فيها لرب الأرض والسماء، لا يملأ أذنيك إلا طنينٌ ضخم من كل ناحية بين تلبية وتكبير وتقديس وتمجيد، الحناجر تنشق بالهتاف لله وحده طلبا لرضاه، وانتظارا لجداه، ورغبة في ثوابه، ورهبة من عقابه[12].

وفي موسم الحج تلتقي مكة بالوفود المقبلة من كل فج عميق، تلتقي بأفراد الإنسانية الموحدة المهتدية المحبة لله وللمسجد الأول أبي المساجد في القارات كلها تتصافح الوجوه وتتعارف النفوس على تلبية النداء الصادر بحج البيت، النداء الذي صدر من قديم، وزاده الإسلام قوة ووحدة[13].

ويوم عرفة فريد في معناه ومظهره، لا تسمع فيه إلا تأوهات التائبين، وأنين الخاشعين، وضراعة المفتقرين، إنها الإنسانية المستجيرة بربها، النازلة بساحته مؤملة في خزائن لا تنفد، وعطف لا يغيض[14].

وذلك أن الحاج إنسان متبتل إلى الله، متلهف على رضاه، متطلع إلى مثوبته، متخوف من عقوبته، يتحرك كل شيء في بدنه بمشاعر الشوق والرغبة والحب، ولا أعرف تجمعا أهلا لرحمة الله ومغفرته كهذا التجمع الكريم[15].

سادسا: الحج ثقة في الله وتوكل عليه:

إن التوكل شعور نفيس غريب، وهو أغلى من أن يخامر أي قلب، إنه ما يستطيعه إلا امرؤ وثيق العلاقة بالله، حساس بالاستناد إليه والاستمداد منه، وعندما ينقطع عون البشر، وتتلاشى الأسباب المرجوة، وتغزو الوحشة أقطار النفس، فهلا يردها إلا هذا الأمل الباقي في جنب الله، عندئذ ينهض التوكل يرد الوساوس وتسكين الهواجس[16].

وإن أبرز شيء في الحج نأخذ منه هذا الدرس هي قصة هاجر زوج إبراهيم وأم إسماعيل كما نقلنا عنها سابقا قولها لزوجها: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. فقالت: إذن لا يضيعنا.

يقول الشيخ معقبا على هذا القول: ماذا نفهم من هذا؟ نفهم من هذا أن الإنسان عندما يعتمد على ربه فإنه يعتمد على مصدر القوى ومنبع الخير وسائق الفضل، وأن الإنسان إذا صدق إيمانه ربا توكله، وازدادت بالله ثقته، وضعفت علاقاته بالماديات[17].

وليس معنى انقطاع الإنسان عن كل ما سوى الله أن يتواكل ويستكين، كلا. كلا، إن المرأة لما قالت: لا يضيعنا. ما استكانت ولا ركنت إلى غير الأخذ بالأسباب بل أخذت تهرول وتسعى حتى ساق الله لها الرزق، وأجرى لها الخير.

فتدخلت السماء وتفجرت زمزم وغنى الوادي بعد وحشة، وصار الرضيع المحرج أمة كبيرة العدد عظيمة الغناء، ومن نسله صاحب الرسالة العظمى، ومن شعائر الله هذا التحرك بين الصفا والمروة تقليدا لأم إسماعيل، وهي ترمق الغيب بأمل لا يغيب. فما أحوج أصحاب المثل إلى عاطفة التوكل، إنها وحدها تكثرهم من قلة، وتعزهم من ذلة، وتجعل من تعلقهم بالله حقيقة محترمة[18].

وكذلك زوجها وهو رجل واحد توكل على الله فنصره وجعل قُوى الشر تتهاوى أمامه، وتتدحرج تحت أقدامه، فاستطاع أن يقيم دعوة التوحيد وينشر رسالته الكبرى.

يقول الشيخ في نظرة إلى حال العرب معقبا على هذا المشهد: التوكل على الله شيء خطير، ولو أن العرب أهل إيمان، ولو أنهم فعلا يئسوا من الخلق واعتمدوا على الخالق لنصرهم كما نصر نبيهم صلى الله عليه وسلم ولسقاهم كما سقى امرأة في صحراء لا تجد هي ولا رضيعها شيئا. إن التوكل على الله شيء خطير، وعندما تساق الأمة إلى مكان نبع الماء فيه من صحراء لا ماء فيها ولا زرع ولا ضرع يعرف الناس أن الانقطاع عن الله جريمة، وأن الانقطاع إليه هو الاتصال كله وهو الخير كله[19].

سابعا: الحج يجمع بين العقل والعاطفة:

وهذه ليس صفة خاصة بالحج فقط، إنما يستمدها الحج من المنهج الشامل للإسلام ذاته الذي يجمع بين الجسم والروح في نظام الإنسان، وبين السماء والأرض في نظام الكون، وبين الدنيا والآخرة في نظام الدين، ويسلك بها جميعا طريقا واحدا، ويصبغها صبغة واحدة: "صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً". البقرة: 138. فكما أن الإسلام منهج عقلاني عاطفي، فهو نظام مثالي واقعي ونظري تطبيقي سواء بسواء.

يقول الشيخ في هذا المعنى عن الحج: المقصود من هذه الرحلة أمور عقلية وعاطفية معا، فإن الإنسان لا يعيش بالفكر النظري وحده، ولكن مشاعره وعواطفه شديدة السيطرة عليه، والإسلام يجتهد في تحويل الإيمان من صورة عقلية تسكن الرأس إلى معانٍ عاطفية تغمر القلب، وتتشبث بالفؤاد، وينفعل الإنسان بها، ويحيا طول عمره وَفقها....

والإسلام عندما شرع مناسك الحج أراد أن يحول فعلا الإيمان من معانٍ نظرية درست في الكتب، وتلقاها الناس حقائقَ مقررةً إلى معانٍ عاطفية تربط الإنسان بنشأة الإسلام ونشأة المكافحين من أجل ظهوره، وتجعل الإنسان يرتبط بالمواطن الأولى للوحي، وبسير الدعاة والرعاة الذين حملوا هذه الأمانات وعاشوا بها وعاشوا من أجلها، حتى قدموها للناس ناضجة مستوية...

والله عز وجل أراد أن يجعل المؤمنين على اختلاف الزمان والمكان يرتبطون بالدين الذي اعتنقوه، وهو دين التوحيد، ويريد أن يكلف القادرين منهم على أن يجيئوا للأماكن التي بدأت فيها معالم دينه تظهر كي يرتبطوا نفسيا بها[20].

وإذا كان القرآن قد بين العلة من فريضة الحج فقال: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ". الحج: 27. وقد جاءت كلمة "منافع" منكرة لتفيد العموم والشمول، سواء كانت منافع مادية أو معنوية فإن الجانب الروحي في الحج ظاهر كل الظهور في شعائر كثيرة من شعائره؛ ولهذا يقول الشيخ: إن إثراء الجانب الروحي هدف ظاهر من أعمال الحج وأقواله حتى تعود وفود الرحمن جياشة العواطف بحب الله وخشيته، متواصية على تنفيذ وصاياه وإعظام حقوقه[21].

والدين كله يقوم على صدق الإخلاص ونضج الأخلاق، وحسن العلاقة بالله وبعباده... وهذه الرحلة بين الأماكن المقدسة تصقل الطبع، وتزكي القلب، وتنمي مشاعر الحب لله ولرسوله وجماعة المسلمين[22].

ثامنا: ذكر الله أساس في مناسك الحج:

وذلك أن أي منسك في المناسك لا يخلو من ذكر، ولم لا، والحج كله تلبية لأمر الله، وترك لكل شيء فرارا إلى الله تعالى؟! حتى جعل الله الذكر من علل الحج فقال: "وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ". الحج: 2728.

وإذا تأملنا بعض آيات القرآن التي تتحدث عن الحج أدركنا هذه الحقيقة، وعلمنا أن ذكر الله هو أساس شعائر الحج، قال تعالى: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ . ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ . وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ". البقرة: 198202.

ومن الملاحظ أن التعبير عن مناسك الحج في الآيات السابقة أخذ كلمة "الذكر" دائما، حتى رمي الجمرات أسماه القرآن ذكرا: "وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى". البقرة: 203. وهي أيام التشريق، ورمي جمرة العقبة في العيد، فكأن المقصود من الموضوع هو الذكر الجهير لله تعالى، وما رمي الجمرات إلا رمز.

ثم قال جل ذكره: "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ .... وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ". الحج: 34، 36.

يقول الشيخ الغزالي: ذكر الله هو الأساس في هذه المناسك كلها يتحول المعنى الصامت المستكين في الضمير إلى هتاف عالٍ... كأن كل شيء يتحول إلى كون يسبح بحمد الله ويذكره[23].

وقال: يخيل إليَّ أن المناسك كلها أشكال غير مقصودة لذاتها، إنما قصدت لذكر الله عندها... فذكر الله والهتاف باسمه غاية وعمل، ووسيلة وهدف، وفي هذه المظاهرة التي جعلها الله ركنا في الإسلام، وقرن بها من الفوائد النفسية والخُلقية ما لا يحصى[24].

والحق أن الحج كله هو هذا الهدير الموصول بذكر الله من أمواج بشرية متصلة، لا شغل لها إلا الجؤار بالتلبية والهتاف بالتسبيح[25].

تاسعا: الحج اهتمام بالجانب السياسي في الأمة:

إذا كان ذكر الله تعالى مقصدا مؤكدا في كل مناسك الحج، والوحدة والقوة والتجرد والإخلاص من مقاصده الكبرى، فإن هناك غاية عظمى أيضا لا يجوز إغفالها خاصة في هذا العصر الذي يوجب على المسلمين السعي نحو القوة والتوحد، ألا وهو أنه يجب على المسلمين أن يستغلوا هذا المؤتمر العالمي غير المسبوق ولا الملحوق في معالجة ما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم.

إن الحج من الناحية الروحية إذكاء مشاعر، وتجديد عاطفة، ومن الناحية الاجتماعية فرصة ثمينة للتوجيهات الجامعة التي تكفل مصلحة المسلمين العليا.

ولكي ندرك ذلك ندرس كيف حج المسلمون في السنة التاسعة والسنة العاشرة للهجرة.

في السنة التاسعة رجع الحجاج وقد تلقوا تعليمات بقطع علاقاتهم مع العابثين بمعاهداتهم ومعاملتهم بالشدة بعدما فشل اللطف معهم.

وفي السنة العاشرة وضعت تقاليد إنسانية وآداب عامة تضمنتها الخطبة الجليلة التي ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع[26].

واقتداء بما فعله الرسول وخلفاؤه لا يمكن إهمال الجانب السياسي من الحج أبدا؛ إذ ما يصنع الحجيج بعدما يعودون إلى بلاد اعتدى عليها المجرمون واستباحوا حرماتها؟ أو عندما يعودون إلى بلاد كثرت فيها الفتن وماج خلالها المستضعفون؟....

نعم، لا يجوز أن تترك هذه الحشود الهائلة يوم الحج الأكبر دون توجيه جامع تلقى به خصومها، صحيح أنهم في محاريب ذكر، وساحات تسبيح وتحميد، وأوقات تبتل إلى الله ونشدان لرضاه، لكن من قال: إن كسر العدو ليس عبادة؟ والسهر على هزيمتهم ليس تهجدا؟ إن صيحة الله أكبر تُفتتح بها الصلاة لينأى بها المؤمنون عن مشاغل الدنيا، ويفتتح بها الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، ولتجف دموع البائسين وآلام المستضعفين، ومن هنا نفهم قول الله سبحانه للمحتشدين في عرفات، ولمن وراءهم من جماهير المؤمنين في كل مكان: " قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ . وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ". التوبة: 1415... فالحج عبادة تقيمها قلوب ساجدة وأيدٍ مجاهدة[27].

ثم يهيب الشيخ بأمته قائلا: يا قومنا، إن الحج ليس لقاء أجساد، ولا شراء هدايا، ولا حمل ألقاب، اجعلوا الموسم الجامع فرصة إعداد، وموطن دراسة علية وعملية، ورسم خطة لإنقاذ أنفسكم من طوفان مقبل[28].

إن الحج ليس رحلة ميتة، إن ناسا يذهبون إلى الحج الآن ثم يعودون مكتفين بأن حملوا لقبا، هل درست قضاياهم؟ لا. هل عادوا من موسم الحج بتحالف على محاربة الفساد الداخلي والغزو الخارجي؟ لا. إن الحج ليس عبادة فردية، لا في ديننا ولا في تاريخنا. فيجب أن نعلم ديننا وكفانا جهلا حتى لا نستيقظ على الويل والثبور وعظائم الأمور[29].

وبهذا الفكر السامق والنظر العميق والتفكر الدقيق فهم شيخنا الغزالي يرحمه الله هذه الشعيرة الكبرى، التي جعلها الله تعالى حماية للإسلام أن يندرس، ووقاية للمسلمين أن ينتهوا ويتفتتوا، ومكانا يفيء إليه المسلمون، ويتلاقى فيه المؤمنون، ويعالج فيه المجاهدون مشكلات أمتهم، فيستهدون علاجها من كتاب الله وسنة رسوله.


ما ذا تعرف عن عز الدين القسام ؟

عز الدين القسام.. شيخ المجاهدين
مولده ونشأته

ولد الشيخ عز الدين القسام في بلدة جبلة بالقرب من اللاذقية سنة 1871 وكان منذ صغره يميل إلى العزلة والتفكير، وفي شبابه رحل إلى مصر ودرس في الأزهر وكان من عداد تلاميذ الشيخ محمد عبده.

ولما عاد إلى بلاده عمل مدرسا في جامع السلطان إبراهيم وفي سنة 1920 عندما اشتعلت الثورة ضد الفرنسيين شعارك القسام في الثورة، فحاولت السلطة العسكرية الفرنسية شراءه وإكرامه بتوليته القضاء، فرفض ذلك وكان جزاؤه أن حكم عليه الديوان السوري العرفي بالإعدام.
ولجأ القسام إلى مدينة حيفا في 5 شباط 1922 ولجأ معه من رفاق الجهاد الشيخ محمد الحنفي والشيخ علي الحاج عبيد وحتى سنة 1935 لم يكن سكان حيفا يعرفون عن عز الدين القسام سوى أنه واعظ ديني ومرشد ورئيس جمعية الشبان المسلمين في مدينة حيفا وكان بنظرهم شيخا محمود السيرة في تقواه وصدقه ووطنيته كما كانت منطقة الشمال تعرفه إماما وخطيبا بارعا ومأذونا شرعيا وما جاء يوم العشرين من تشرين الثاني "نوفمبر" سنة 1935 حتى أضحى القسام علما من أعلام الجهاد يتردد اسمه في بلاد فلسطين كلها.
استشهد القسام مع بعض رفاقه وهو يؤدي واجبه في مقاومة السلطة الانتدابية باصطدام مسلح، وهكذا أخلص القسام للثورة التي بدأها وما كان ليرضيه أنه البادئ بالثورة وإنما هي الثورة التي خطط لها وكانت العناوين البارزة في الصحف (معركة هائلة بين عصبة الثائرين والبوليس) و (حادث مريع هز فلسطين من أقصاها إلى أقصاها).
وعلم الشعب لأول مرة أن الشيخ القسام كان قد اعتصم مع إخوانه في أحراش قرية يعبد وكانوا مسلحين ولايهابون خطر المجابهة مع البوليس ولا عواقبها، إلا أن البوليس كان قد أعد قوة هائلة تفوق عدد الثوار بمئات المرات وكان كقطيع كبير من الجيش مصمما على القضاء على هذه العصابة الإرهابية حسب رأيه فلذلك أحاطت القوات بالمنطقة منذ الفجر ووضع البوليس العربي في الخطوط الهجومية الثلاث الأولى من ثم يليه البوليس الإنكليزي من خلفه، وقبل بدء المعركة نادى أحد أفراد البوليس العربي الثائرين طالبا منهم الاستسلام فرد عليه القسام صائحا "إننا لن نستسلم، إننا في موقف الجهاد في سبيل الله ثم التفت إلى رفاقه وقال موتوا شهداء في سبيل الله خير لنا من الاستسلام للكفرة الفجرة" دامت المعركة القصيرة ساعتين كان خلالها الرصاص يصم الآذان والطائرات المحلقة على ارتفاع قليل تكشف للبوليس موقع الثوار وقوتهم وفي نهاية الساعتين أسفرت المجابهة عن استشهاد القسام ورفاقه الذين معه وهم يوسف عبد الله الزيباري وسعيد عطيه المصري ومحمد أبو قاسم خلف وألقى البوليس القبض على الباقين من الجرحى والمصابين.
وقد اكشف البوليس عند نهاية المعركة مع الشيخ ذي اللحية البيضاء والمجندل على التراب بملابسه الدينية مصحفا وأربعة عشر جنيها ومسدسا كبيرا وكان الشيخ نمر السعدي مازال حيا جريحا حيث استطاع صحفي عربي أن ينقل عن لسانه أول الحقائق الخفية عن عصبة القسام وكانت هذه الحقيقة دليلا على أن المجابهة المسلحة هذه كانت بقرار بدء الثورة منهم جميعا.
وعلى إثر معركة يعبد التي استشهد بها القسام وبعدها بعشرين يوما انتهز الوطنيون مناسبة ذكرى احتلال القدس وأقاموا اجتماعا كبيرا في يافا في 9 كانون الأول (ديسمبر) 1935 اتخذوا فيه قرارات بالثناء على القسام ورفاقه المجاهدين وحث الشعب على المضي على طريقهم الذي رسموه للأمة العربية والإسلامية في فلسطين معلنين أن القسام آمن بشيئين هما العروبة والإسلام وأنه لا سبيل للعرب والمسلمين سوى هذين السبيلين ولا حل لمشكل المسلمين إلا بإعلان الجهاد في سبيل الله ولا حل للقضية لفلسطينية إلا بالجهاد الإسلامي وكانت نظرة القسام إلى الجاه والمركز نظرة بغضاء مطلقا.
منذ أن قدم القسام إلى حيفا بدأ يعمل في الإعداد النفسي للثورة وقد ساعده عدد من المؤمنين بالإسلام ومن هؤلاء الشيخ كامل القصاب وهاني أبو مصلح والأول سوري والثاني لبناني إلا أن القسام تلقن درسا س الحكم العسكري الفرنسي في سوريا أن المستعمرين ملة كفر واحدة ولابد من الجهاد في سبيل الله للتغلب عليهم: وكانت أعماله الخارجية من وعظ وتدريس ستارا لعملية اختيار الصالحين من التلاميذ والمستمعين وكذلك سعى القسام لعقد الصلات مع القرى المجاورة عن طريق مهنته كمأذون شرعي للعقود وهكذا السنوات تمر والأنصار يتكاثرون حتى أذن الله لـه في الثورة والاستشهاد في سبيل الله.
ويرجع المؤرخ أمين سعيد عدم انضمام المثقفين للقسام لأن القسام كان يصرف كل جهده للعمال والكادحين من الفلاحين وغيرهم لأنهم أكثر الفئات انقيادا للتضحية في سبيل الله، وقد عبر عن هذه الحقيقة شاب اسمه حسين الباير الذي استسلم للبوليس إثر المعركة وقال في إفادته الرسمية.
أنا حسين الباير من قرية بلقيس كنت أسرق وارتكب المحرمات فجاءني الشيخ عز الدين القسام وأخذ يهديني يوما بعد يوم ويعلمني الصلاة وينهاني عن مخالفة الشرع وعن فعل كل منكر أمر الله باجتنابه وبعد مدة أخذني الشيخ عز الدين القسام إلى أحد جبال بلقيس وهناك أعطاني بندقية فسألته لم هذه فأجاب لكي تتمرن عليها وتجاهد مع إخوانك المجاهدين في سبيل الله.
ومن هؤلاء أبو دره ( بياع الكاز على الطنبر) وأبو خليل الذي يبيع الفحم والفلاييني الذي يلحم التنك والحديد والذي أصبحت مهنته صنع القنابل البدائية لمهاجة العدو.
ويقول أحد السياسيين الفلسطينين إن ثورة القسام كانت ثورة علينا جميعا شبابا وكهولا إذ كل واحد منا مثقل بعدد كبير من العيال يخاف عليهم من التشريد بعده ولا نشعر أمام ثورته إلا بتبكيت الضمير واحمرار الوجوه سائلين الله أن ينور قلوبنا بالإيمان.
تألفت الخلايا السرية لعز الدين القسام على شكل حلقات سرية مثل حلقات الأرقم بن أبي الأرقم. خمسة أشخاص مسؤول عنهم (نقيب) وكل خمس وحدات منظمة لها نظامها الخاص والمشرف عليها بمختلف المهمات هو القسام نفسه.
لاقت ثورة القشام حين قيامها تأييدا واحتراماً من الشعب بلغ الحد الأقصى وذلك على الرغم من أنها لم تكن ثورة شاملة بالمعنى السياسي والتاريخي للكلمة ولكن يمكن القول بأنها كانت نمونجا مثاليا لما يجب أن تكون عليه الثورة كما كانت، انطلاقتها انطلاقة عقائدية وشجاعة في مرحلة كاد اليأس فيها يعم البلاد والواقع أن القسام لم تكتشف حقيقة الأبعاد النضالية والسياسية لحركته إلا بعد استشهاده بسنوات، وخاصة لأن رفاقه من بعده استمروا في النضال محافظين على السرية التامة لوحداتهم النضالية.
لم يطلق القسام على خلايا الجهاد التي أنشأها اسما معينا، كان هناك فقط شعار عام ينضوي تحت لوائه المجاهدون وتنطوي تحته كل مفاهيم الثورة هذا جهاد نصر أو استشهاد كما روى عنه إبراهيم الشيخ خليل في كتابه ورسالة من مجاهد قديم: ذكريات عن القسام ثم أصبح يقال للمجاهدين من إخوانه بعد استشهاده "القساميون" وشاعت هذه الكلمة في سائر بلاد فلسطين شيوعا كبيرا لأن اسمه اقترن بهالة من الخلود والتقديس فقد كثر المتبركون باسمه، خاصة لأنه كان واعظا دينيا إضافة للإمامة وخطبة المسجد وأصبح تلاميذه يرددون باعتزاز بأنهم قساميون أما رفاقه المجاهدون فكانوا يستعملون كلمة قسامي فيما بينهم وحتى بعد مرور عشر سنوات على استشهاده أو أن هذا من جماعة القسام.
جاءت هذه التسمية على البلاغات الحكومية والأخبار الرسمية حيث دعتهم بالعصابة الإرهابية لكثرة جهادهم واستشهاد الكثير منهم ولكثرة الإصابات في الجيش والشرطة لقوة هذه العصابة وإخلاصها في الجهاد.
إن المشكلة في عدم تسمية القسام للخلايا السرية التي أنشأها باسم الحزب أو اسم اللجنة أو غيرهما من التسميات الشائعة يضاف إلى هذا السرية التامة عن التنظيم وكان ذلك مدعاة لنفي الصبغة التنظيمية السياسية عن عصبة القسام لدى بعض الناس ومن بين هؤلاء عزة دروزة الذي كان ينفي وجود تنظيم أو حزب للقسام وبالتالي رفض اعتبار عصبة القسام إحدى التنظيمات الفلسطينية السياسية، ومن جهة أخرى مغايرة لتزايد عدد الكتاب من عرب وأجانب في السنوات العشر التي تلت ثورته والذين يكتبون عن عصبة القسام حقائق وتفاصيل لا توجد عادة إلا في أكثر الأحزاب دقة تطورا.
مع أن عزة دروزه ليس مؤرخا فقط بالنسبة لقضية القسام بل كان رفيق جهاد في أثناء الثورة الكبرى فقد كان عزة في دمشق كحلقة وصل بين المفتي المقيم في لبنان وقادة الفصائل التي تتبع قيادة القسام وغيره من قواد فصائل الثورة.
فالتشكيلات السياسية بأهدافها ونظمها المختلفة وأعمالها العلنية والسرية كانت تفتقر إلى الكوادر المنظمة والعمل المتواصل وعصبة القسام كانت من أفضلها تنظيما ودراية ونشاطا حيث تنطبق عليها مقاييس المؤسسات الحزبية الحديثة رحم الله القسام فقد فتح بإخلاصه ودينه طريقا عظيما يخلد فيه كل جيل قادم طريقا كطريق القسام ومنهجا كمنهجه.

20‏/11‏/2008

اقرأهذه الأبيات

لا تَأْسَفَنَّ على الدُّنْيَا وما فِيْهَا ّ= فَالْمَوْتُ لاَ شَكَّ يُفْنِيْنَا ويُفْنِيْهَا
ومَنْ يَكُنْ هَمُّهُ الدُّنْيَا لِيَجْمَعَهَا ّ= فَسَوْفَ يَوْمًا على رَغْمٍ يخَلِّيْهَا
لاَ تَشْبَعُ النَّفْسُ مِنْ دُنْيَا تُجَمِّعُها ّ= وبُلَغَةٌ مِنْ قِوَامِ الْعَيْشِ تَكْفِيْهَا


::
إِعْمَلْ لِدَارِ الْبَقَا رِضْوَانُ خَازِنُهَا ّ= الْجَارُ أحمَدُ والرَّحْمنُ بانِيْهَا
أَرْضٌ لَهَا ذَهَبٌ والمِسْكُ طِيْنَتُهَا ّ= والزَّعْفَرانُ حَشِيْشٌ نَّابِتٌ فيْهَا
أَنْهَارُهَا لَبَنٌ مَّحْضٌ ومِنْ عَسَلٍ ّ= والخَمْرُ يَجْرِي رَحِيْقًا في مجَارِيْهَا
والطَّيْرُ تَجْرِي على الأَغْصَانِ عَاكِفَةً ّ= تُسَبِّحُ اللَّه جَهْرًا في مغَانِيْهَا
::
مَنْ يَشْتَرِي قُبَّةً في العَدْنِ عَالِيةً ّ= في ظِلِّ طُوْبَى رَفِيْعَاتٍ مبَانِيْها
دَلاَّلُها المُصْطَفَى واللَّه بَائِعُها ّ= وجُبْرَئِيْلُ يُنَادِي في نوَاحِيْهَا
مَنْ يَشْتَرِيْ الدّارَ في الفِرْدَوْسِ يَعْمُرَها ّ= بِرَكْعَةٍ في ظَلاَمِ اللّيْلِ يُخْفِيْهَا
أَوْ سَدَّ جَوْعَةِ مِسْكِينٍ بِشِبْعَتِهِ ّ= في يَوْمِ مَسْغَبَةٍ عَمَّ الغَلاَ فيْهَا
::
النَّفْسُ تَطْمَعُ في الدُّنْيَا وقَدْ عَلِمَتْ ّ= أَنْ السَّلاَمَةَ مِنْهَا تَرْكُ مَا فيْهَا
واللَّه لَو قَنِعَتْ نَفْسِي بِمَا رُزِقَتْ ّ= مِنْ المَعِيْشَةِ إِلاَّ كَانَ يَكْفِيْهَا
واللَّه واللَّه أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ ّ= ثَلاَثَةٌ عَنْ يَمِيْنٍ بَعْدَ ثَانِيْهَا
لَوْ أَنَّ في صَخْرَةٍ صَمَّا مُلَمْلَمَةٍ ّ= في البَحْرِ رَاسِيَةٌ مِلْسٌ نََاحِيْهَا
رِزْقًَا لِعَبْدٍ بَرَاهَا اللَّه لاَنْفَلَقَتْ ّ= حَتَّى تُؤَدِّي إِلَيْهِ كُلَّ مَا فيْهَا
أَوْ كَانَ فَوْقَ طِبَاقِ السَّبْعِ مَسْلَكُهَا ّ= لَسَهَّلَ اللَّه في المَرْقَى مَرَاقِيْهَا
حَتَّى يَنال الّذِيْ في اللوْحِ خُطّ لَهُ ّ= فَإِنْ أَتَتْهُ وإِلاَّ سَوْفَ يأْتِيْهَا
::
أَمْوَالُنَا لِذَوِيْ المِيْرَاثِ نَجْمَعُهَا ّ= ودَارُنا لِخَرَابِ البُومِ نبْنِيْهَا
لاَ دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ المَوتِ يَسْكُنُهَا ّ= إِلاَّ التي كانَ قَبْلَ المَوْتِ يبْنِيْهَا
فَمَنْ بَنَاهَا بِخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ ّ= ومَنْ بَناهَا بِشَرٍّ خَابَ بانِيْهَا
والنَّاسُ كالْحَبِّ والدُّنْيَا رَحَىً نّصُبِتْ ّ= لِلْعَالَمِيْنَ وكَفُّ المَوْتِ يلْهِيْهَا
فَلاَ الاقَامَةُ تُنْجِي النّفْسَ مِنْ تَلَفٍ ّ= ولاَ الفِرَارُ مِنْ الأحْدَاثِ يُنْجِيْهَا
وكُلُّ نَفْسٍ لَهَا زَوْرٌ يُصْبِّحُهَا ّ= مِنْ المَنِيْةِ يَوْمًا أَوْ يمَسِّيْهَا
::
تِلْكَ المَنَازِلُ في الآفَاقِ خَاوِيَةٌ ّ= أَضْحَتْ خَرَابًا وذَاقَ المَوْتَ بَانْيْهَا
أَيْنَ المُلوكُ الَّتِي عَنْ حَظِّهَا غَفَلَتْ ّ= حَتَّى سَاقَهَا بِكَأْسِ المَوْتِ سَاقِيْهَا
أَفْنَى القُرْونِ وأَفْنَى كُلَّ ذِي عُمُرٍ ّ= كَذَلِكَ المَوْتُ يُفْنِي كُلَّ مَا فيْهَا
فَالمَوْتُ أَحْدَقَ بالدُّنْيَا وزُخْرُفِهَا ّ= والنَّاسُ في غَفْلَةٍ عَنْ تَرْكِ مَا فيْهَا
لَوْ أَنَّهَا عَقَلَتَ مَاذَا يُرَادُ بِهَا ّ= ما طَابَ عَيْشٌ لَّهَا يَومًا ويُلْهِيْهَا
نَلْهُوا ونَأْمَلُ آمالاً نُسَرُّ بِهَا ّ= شَرِيْعَةُ المَوْتِ تَطْوِيْنَا وتَطْوِيْهَا
::
فَاغْرِسْ أُصُولَ التُّقَى ما دُمْتَ مُقْتَدِرًا ّ= واعْلَمْ بِأَنّكَ بَعْدَ المَوْتِ لاقِيْهَا
تَجْنِي الثِّمَارَ غَدَاً في دَارِ مَكْرُمَةٍ ّ= لا مَنَّ فِيْهَا ولا التَّكْدِيْرُ يأْتِيْهَا
فِيْهَا نَعِيْمٌ مُقِيْمٌ دَائِمًا أَبَدًا ّ= بِلاَ انْقِطَاعٍ ولا مَنٍّ يُدَانِيْهَا
الأُذْنُ والعَيْنُ لَمْ تَسْمَعْ ولَمْ تَرَهُ ّ= ولَمْ يَدْرِ في قُلُوبِ الخَلْقِ ما فيْهَا
فَيَا لَهَا مِنْ كَرَامَاتٍ إِذا حَصَلَتْ ّ= ويَا لَهَا مِنْ نُفُوسِ سَوْفَ تحْوِيْهَا
وهَذِهِ الدَّارُ لا تَغْرُرْكَ زَهْرَتُهَا ّ= فَعَنْ قَرِيْبٍ تَرَى مُعْجِبُكَ ذاوِيْهَا
::
فَارْبَأْ بِنَفْسِكَ لا يَخْدَعُكَ لاَمِعُهَا ّ= مِنَ الزَّخَارِفِ واحْذَرِ مِنْ دَوَاهِيْهَا
خَدَّاعَةٌ لَمْ تَدُمْ يَوْمًا على أَحَدٍ ّ= ولا اسْتَقَرَّتْ على حَالٍ ليَالِيْهَا
::::
فَانْظُرْ وفَكِّرْ فَكَمْ غَزَّتْ ذَوِي طَيْشٍ ّ= وكَمْ أَصَابَتْ بِسَهْمِ المَوْتِ أَهْلِيْهَا
اعْتَزَّ قَارُون في دُنْيَاهُ مِنْ سَفَهٍ ّ= وكَانَ مِنْ خَمْرِهَا يا قَوْمُ ذَاتِيْها
يَبِيْتُ لَيْلَتَهُ سَهْرَانَ مُنْشَغِلاً ّ= في أَمْرِ أَمْوَالِهِ في الهَمِّ يفْدِيْهَا
وفي النَّهَارِ لَقَدْ كَانَتْ مُصِيْبَتُهُ ّ= تَحُزُّ في قَلْبِهِ حَزَّاً فَيُخْفِيْهَا
فَمَا اسْتَقَامَتْ لَهُ الدُّنْيَا ولا قَبِلَتْ ّ= مِنْهُ الودَادَ ولَمْ تَرْحَمْ مُحِبِّيْهَا
ثُمَّ الصَّلاَةُ على المَعْصُومِ سَيِّدِنَا ّ= أَزْكَى البَرِّيةِ دَانِيْهَا وقَاصِيْهَا

19‏/11‏/2008

هنيئا لك ياحافظا لكتاب الله

هنيئا لك ياحافظا لكتاب الله

لقد ميز الله سبحانه وأكرم حافظ القراّن الكريم بميزات عديدة تفضلا منه وتكرما سبحانه ، ومن ثم يجب على حافظ القرآن أن لا يقصد بحفظه تحصيل منافع دنيوية لأن حفظه ليس سلعة يتاجر بها في الدنيا ، بل هي عبادة يقدمها بين يدي ربِّه تبارك وتعالى ، وقد اختصَّ الله تعالى حافظ القرآن بخصائص في الدنيا وفي الآخرة ، ومنها :


في الدنيا :
1- أنه يُقدَّم على غيره في الصلاة إماماً :
عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم } يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه ){ رواه مسلم )
وعن عبد الله بن عمر قال : لما قدم المهاجرون الأولون العصبة موضع بقباء قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أكثرهم قرآنا ( رواه البخاري)
2- أنه يقدَّم على غيره في القبر في جهة القبلة إذا اضطررنا لدفنه مع غيره :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال }: كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى " أحد " في ثوب واحد ثم يقول : أيهم أكثر أخذاً للقرآن ؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللحد وقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم ) {رواه البخاري(.

3- يقدّم في الإمارة والرئاسة إذا أطاق حملها :
عن عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال : من استعملتَ على أهل الوادي ؟ فقال : ابن أبزى ! قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : مولى من موالينا ! قال : فاستخلفتَ عليهم مولى ؟ قال : إنه قارئ لكتاب الله عز وجل ، وإنه عالم بالفرائض ، قال عمر : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ( رواه مسلم) .


وأما في الآخرة :

4- فإن منزلة الحافظ للقرآن عند آخر آية كان يحفظها : عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال } يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها ){ رواه الترمذي )
ومعنى القراءة هنا : الحفظ .

5- أنه يكون مع الملائكة رفيقاً لهم في منازلهم :
عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال } مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران) { رواه البخاري ومسلم ( .

6- أنه يَلبس تاج الكرامة وحلة الكرامة :
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال } يجيء القرآن يوم القيامة فيقول : يا رب حلِّه ، فيلبس تاج الكرامة ثم يقول : يا رب زِدْه ، فيلبس حلة الكرامة ، ثم يقول : يا رب ارض عنه فيرضى عنه ، فيقال له : اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة ) { رواه الترمذي (

7- أنه يَشفع فيه القرآن عند ربِّه :
عن أبي أمامة الباهلي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول } اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة قال معاوية بلغني أن البطلة السحرة ) { رواه مسلم (


وأما أقرباؤه وذريته:

وأما أقرباؤه وذريته فقد ورد الدليل في والديه أنهما يكسيان حلَّتين لا تقوم لهما الدنيا وما فيها ، وما ذلك إلا لرعايتهما وتعليمهما ولدهما ، وحتى لو كانا جاهليْن فإن الله يكرمهما بولدهما ، وأما من كان يصدُّ ولده عن القرآن ويمنعه منه فهذا من المحرومين .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم}يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه : هل تعرفني ؟ أنا الذي كنتُ أُسهر ليلك وأظمئ هواجرك ، وإن كل تاجر من وراء تجارته وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ، ويُكسى والداه حلَّتين لا تقوم لهما الدنيا وما فيها ، فيقولان : يا رب أنى لنا هذا ؟ فيقال لهما : بتعليم ولدكما القرآن { (رواه الطبراني في " الأوسط ")

وعن بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم} من قرأ القرآن وتعلَّم وعمل به أُلبس والداه يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس ، ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا فيقولان : بم كسينا هذا ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن ) { رواه الحاكم (


نسأل الله أن يرزقنا وإياكم حفظ كتابه الكريم والعمل به

15‏/11‏/2008

طريقك إلى العزة

طريقك إلى العزة
تشتد الهزيمة ويعظم الخطب حين تُهزم الأمة من داخلها، حين تهتز ثقة الأمة بدينها وعقيدتها ومقدراتها (إن الأزمة الحقيقية لأمتنا الإسلامية هي انعدام الوعي بذواتنا، أزمة فقدان الثقة بقدراتنا على الفعل، وأسوأ ما يمكن أن يصيب أمة هو فقدان الثقة بنفسها وبإمكانياتها وبقدرتها على الفعل والمشاركة الإيجابية في صنع الأحداث وتجاوز المحن والأزمات. وقد تساءل «غوستاف لوبون» في كتابه «حضارة الهند»: كيف استطاع البريطانيون ببضعة آلاف من الجنود أن يستعمروا الهند ذات الملايين العديدة؟! وأجاب: عند تشريح جمجمة الهندي لا نراها مختلفة عن جمجمة الإنجليزي، ولكن الفرق هو الإرادة: الثبات والعزم في قوم، والضعف والاستكانة في آخرين) (1).
إن أمـة تُشـعِر نفسـها بالضـعف فهـي ضعـيفة، وستظل ضـعيـفة مـا دام هـذا الشــعور لا يفـارقـها. لقـد بـُلي كثـير من المسلمين اليوم بالهزيمة النفسية، التي كان من ثمارها الحنـظـلية العـيش مع المجتـمعـات الأخـرى بنفـسـية المغـلـوب لا بنفسية الغالب، فحملها ذلك أن انقادت وراء هذه المجتمعات وسلمت لها خطامها وأقرت لها بالتبعية والولاء.
من يهنْ يسهل الهوانُ عليه ما لجرحٍ بميِّتٍ إيـلامُ


لقد نكبت الأمة وذلت، وزلت، وضلت، يوم وجهت وجهها نحو الغرب الكافر، فأصبحت تقتات من فتاته، وتتمسح بأعتابه، وتسير في ركابه. زيَّن لها ذلك أصحاب الفكر المغلوب، والعقل القلوب، الذين ما فتئوا يصيحون بالأمة أن تسلم قيادها للغرب، وأن تأخذ كل ما عنده من عادات وثقافات (خيرها وشرِّها، حلوها ومرِّها، ما يُحمد منها وما يُعاب)(2)، زد عليه ذاك الجهد الكُبَّار من الكفار في تغريب المجتمعات الإسلامية، ومسخ هويتها وعزلها عن منبع عزِّها ومكمن فخرها، حتى خرج جيل بعيد كل البعد عن روح الإسلام، بعيد في ثقافته، وشخصيته، وسلوكه، ونمط حياته.
وإن الذي ينظر في أحوال المسلمين اليوم يرى عجباً من نتاج التغريب المستمر، يرى ذلك الجهل الظاهر لمهمات الدين في الشعوب المسلمة، بينا تجد جموعاً منها لا تجهل ملابسات (وفاة الكلب سولي أو الكلبة لولي!!)(3) لقد كان من نتاج هذا التغريب أيضاً: الجهل بالتاريخ الإسلامي وأمجاده وأبطاله، وكان من نتاجه أيضاً: السعي المحموم خلف (الموضات) والتقليعات الغربية، حتى أصبح ما يُفصَّل هناك في الصباح يُلبس هنا في المساء، وتسربت إلى البلاد الإسلامية عادات ليست منها بباب. ذكرت بعض الإحصائيات أن عدد الكلاب في إحدى الدول العربية أكثر من مليون كلب(4)!! إنها ليست كلاب حرث أو حراسة أو صيد، إنها كلاب مدللة أحدثها التقليد: «حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه»(1).
إن الأمـة التي تعـيش على فُتات الغير، وتقتات من موائده، لا يمكن أن تصنع نصراً، أو تبني مِصْراً، بل ستظل أمة ضعيفة هزيلة تابعة لا متبوعة.
ولا يقيم على ضيم يراد بــه إلا الأذلان: عير الحي، والوتدُ
هذا على الخسف مربوط برمّته وذا يُشَجُّ فلا يرثي لـــه أحدُ
لما ذلت أمتنا غابت العزيمة من خطابها، ولم يعد في قاموسها غير الرخصة! نسيت {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ} [الأعراف: 171] وبقيت تردد«يسِّروا ولا تعسروا»، قرأت {أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ} [الممتحنة: 8] وتركت {ومَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِـمُونَ} [الممتحنة: 9] والشرع يُعرف من مجموع أدلته. لقد أصبحت قراءتنا للنصوص قراءة تناسب ضغط الواقع! لا مقاصد الشريعة.
وحـين نريـد لأمـتـنا أن ترقى، ولمكانـتها أن تـبقـى، فلا بد من بعـث روح العـزة والقـوة فيها، وأن يربّـى أفرادهـا على ذلك، ولعـل ممـا يبعـث على العزة أمـور أذكـر منـها ما يلي:
1 ـ تحقيق التوحيد وتنقية الاعتقاد:
لقد جعل الله العزة ملازمة للإيمان: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]، فمتى استقر الإيمان ورسخ، فالعزة معه مستقرة راسخة؛ حتى في أحرج اللحظات. دخل الإيمان قلوب السحرة فصرخوا في وجه فرعون باستعلاء: {لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْـحَيَاةَ الدُّنْيَا * إنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 72 - 73] ألا ما أروع الخطاب يوم يخرج بلـغة الإيمـان! إنـه (الإيمـان الذي جـعل من بلال الحبشي قوة يتحـدى «سـيده» أمـية بن خـلف ويحارب أبا جهل بن هشام.. الإيمان الذي جعل القلة تنتصر على الكثرة، والأميين يغلبون المتحضرين، ودفع العرب البداة، ويقينهم في قلوبهم، ومصاحفهم في يد، وسيوفهم في أخرى، ومساكنهم علـى ظـهور خيـولهم يقولـون لملـوك فـارس وأبـاطـرة الروم: نحن قوم بعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده)(2).
وحين انحرف الناس في فهم التوحيد وضلّوا في الاعتقاد، وأطفؤوا بتخليط الشرك نور الوحدانية، كان عاقبة أمرهم خسراً، واستبدلوا برفيع منازلهم أودية وقفاراً، فبارك عدوهم ما هم فيه، وأغمد سيفه مطمئناً لجانبهم، بل ربما أصاب بسهامهم ما لم يصبه هو بسهمه.
ماذا جرَّت الصوفية ـ مثلاً ـ على بلاد المسلمين لما ضلت في الاعتقاد، وصنعت لأتباعها إيماناً مشوهاً مشوشاً لا يصنع العز في النفوس، بل يرسِّخ فيها الذل والهوان كما يصف صنيعهم محمد الغزالي رحمه الله بقوله: (تمارين على الذل)، ومما قاله أيضاً: (إن الدجالين من رجال الطرق الصوفية كانوا يربون أتباعهم على التواضع بشتى الطرق المهينة؛ فإذا رأوا أنفة من مسلك أحدهم، أو دلائل عزة وترفع، جعلوا عليه مهمة حمل أحذية الجماعة، والمحافظة عليها، حتى تنكسر نفسه، وينخفض رأسه، وبذلك يكون مرشحاً لعبادة الله كما يحب! ولم يَدْرِ المغفلون أنهم يرشحونه أيضاً ليكون عبداً للناس جميعاً، وأن مثل هذا الكائن الممسوخ هو أمل المستعمرين الذين يقيمون وجودهم على إذلال الأمم وقتل الشعور بالكرامة في نفوس بنيها)(3).
وصدق (توينبي) وهو كذوب حيث يقول: «لقد ظللنا نُخرج المسلم التركي حتى يتخلى عن إسلامه ويقلدنا؛ فلما فعل ذلك احتقرناه؛ لأنه لم يعد عنده ما يعطيه» اهـ.
أمــا حـين يرجـع المؤمن إلـى دينـه ويتـمسـك بثـوابتـه فــإنـه سـيجد فـي كتـاب ربـه مـا يغـنيه، وفـي سنـة نبيه -صلى الله عليه وسلم- مـا يرويـه، وفـي عقـيدته ما يكفـيه، ولـن يكون بحاجة إلى مخلفات الحضارة الغربية. ورحم الله محمد إقبال حـين قال: إن بريق المدنية الغربية لم يُغْشِ بصري؛ لأني اكتحلت بإثمد المدينة النبوية.
2 ـ تحقيق تقوى الله ـ تعالى ـ بلزوم الطاعة واجتناب المعصية:
قــال ابـن القــيم وهــو يعدد آثـار الذنـوب والمعـاصـي: (إن المعصية تورث الذل ولا بد؛ فإن العز كل العز في طاعة الله. قال ـ تعـالـى ـ: {مَـن كَــانَ يُرِيـدُ الْعِــزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِـزَّةُ جَمِيعًا} [فـاطـــر: 10] أي فليطلبها بطاعة الله؛ فإنه لا يجدها إلا في طاعته. وكان من دعاء بعض السلف: اللهم أعزّني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك)(4)، ويعلِّق ابن القيم على قوله ـ تعالى ـ: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس: 9 - 10] فيقول: (والمعنى: قد أفلح من كبّرها وأعلاها بطاعة الله وأظهرها، وقد خسر من أخفاها وحقّرها وصغّرها بمعصية الله. فما صغّر النفوس مثل معصية الله، وما كبّرها وشرّفها ورفعها مثل طاعة الله)(5). وعن جبير بن نفير قال: (لما فُتحت قبرص فُرِّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، ورأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء! ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ قال: ويحك! ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره، بينما هم أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى)(6). إن المعصية ذل وعار وسواد في الوجه، وظلمة في القلب، وبغضة في قلوب الخلق. قال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا تبايعتم بالعِينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم»(1)، وفي بعض الآثار الإلهية يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ: «أنا العزيز؛ فمن أراد العز فليطع العزيز». وكان عامة دعاء إبراهيم بن أدهم: اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة.
ألا إنما التقوى هي العز والكرم وحبك للدنيــا هو الذل والسقم
وليس على عبد تقي نقيصـة إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم
3 ـ التعالي على مطامع الدنيا وشهواتها ولذائذها:
إن النفس حين ترتفع عن المطامع الدنيوية، والشهوات الدنية، فإنها يوماً ما لن تكون أسيرة لها أو ذليلة لوطأتها، بل سترتفع إلى مكان أرقى وجوٍّ أنقى.
إني جواد عصي لا يطوعــه بوح العناقيد أو عطر الهنيهـات
أتيت أركض والصحراء تتبعني وأحرُف الرمل تجري بين خطواتي
أتيت أنتعل الآفاق.. أمنحهـا جرحي وأبحث فيها عن بدايـاتي
إن المسلم حين يتعامل مع الدنيا على حذر، ويأخذها على أنها متاع زائل وبُلْغة مسافر؛ فإنه لن يقع عبداً لها، ولن يبيع عزته ومكانته فداءً لها ، بل سيتخلى عن دنياه أسهل ما يكون حين تتعارض مع مبادئه وقيمه وثوابته، وحين يساوم على شيء من دينه. وقع عبد الله بن حذافة السهمي ـ رضي الله عنه ـ أسيراً في يد الروم، فلجؤوا معه إلى الإغراء فلم يستجب، عرض عليه ملك الروم إن هو ترك دينه أن يعطيه نصف ملكه، فقال: لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ملك العرب ما رجعت عن دين محمد -صلى الله عليه وسلم- طرفة عين، وفي بعض الروايات: ثم جعلوا له في بيتٍ معه الخمرَ ولحم الخنزير ثلاثاً لا يأكل، فاطلعوا عليه، فقالوا للملك: قد انثنى عنقه، فإن أخرجته وإلا مات، فأخرجه، وقال: ما منعك أن تأكل و تشرب؟ فقال: أما إن الضرورة قد أحلتها لي، ولكن كرهت أن أشمِّتك بالإسلام(2).
أيُّ ثبات هذا الثبات؟! وأيُّ عزة تلك التي امتلأت بها نفس ابن حذافة؟! إنها النفوس حين تتعالى عن مطامع الدنيا، وترتفع عن شهواتها.
4 ـ النظر إلى الكافر نظرة احتقار مشوبة برحمة:
هكذا ينبغي أن يكون نظرنا للكافر، لا أن ننظر له نظرة اعتزاز وإكبار، حتى ولو بلغ من الحضارة كل مبلغ، فقد صغَّر الله شـأنهم، وحقَّـر أمـرهـم، فلا يصـح أن نرفـع منـهم، قـال ـ تعالى ـ: {إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22] وفي الحديث الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه»(3)، وإن ذل المعصية لا يفارق جباههم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه، كما يقول الحسن البصري رحمه الله: (إنهم وإن هملجت بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال إلا أن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه)(4).
إن الذي يعلم حقيقة ما عليه الغرب الكافر اليوم، يرى أنه ليس حقيقاً بالإكبار، بل يرى أنه مجتمع متساقط متهالك، ليس لديـه مـن مقـومات البـقاء شـيء. يقول الرئيس الأمريكي السابق (جـون كنيدي): إن الشـباب الأمريكي مائع منحل، غـارق في الـشهوات، وإنـه من بين سبعة شبان يتقدمون للتجـنيد يوجـد ستـة غيــر صــالحين ـ كل ذلك بسـبب انهماكهم في الشهوات ـ. وتقـول الإحصائيات: إنه في لندن وخـلال (24) ساعـة يحدث 332 اعـتداء، و314 حادث سـطــو منـزلي، و 530 حادث مرور، وتـتم سـرقة 116 سـيـارة و 273 حادث سـرقـه و 34 اعتـداءً جـنـسياً، وعلى هـذا يكـون مـعـدل الجرائم في اليوم الواحد في لندن 1599 جريمة!! {فَـأَيُّ الْفَرِيقَـيْنِ أَحَـقُّ بِالأَمْـنِ إن كُنتُـمْ تَعْلَـمُـونَ} [الأنعام: 81].
كيف نرجو من السجين معيناً وهو في القيد ينشد الإفراجا
سبل الغرب كلها جحر ضبٍّ وسبيل الإسلام كانت فجاجا
5 ـ التعلق بالآخرة وطلب ثوابها:
إن الذي يتعلق بالآخرة تهون الدنيا في عينه، وتهون عليه نفسه فيقدمها رخيصة لله.
تقول ابنة السعدي وهي تلومني أما لك عن دار الهوان رحيـل
فان عناء المستقيـم على الأذى بحيث يذل الأكرمون طويــل
وعندك محبــوك السراة مُطَهَّم وفي الكف مطرور الشباة صقيل
نادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أصحابه: «قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض» ففعلت هذه الكلمات في نفوس أهل الآخرة فعلها، فقام عمير بن الحُمَام «وقال: يا رسول الله! جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم! قال: بَخٍ بَخٍ! فأخرج تمراتٍ من قَرنِهِ فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة. قال: فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قُتل»(5). لقد رأى أن هذه التمرات ـ والتي كان يتقوّى بها على الجهاد ـ قد تعيقه وتؤخر وصوله إلى الجنة فألقى بها وهو يقول: «إنها لحياة طويلة إن أنا بقيت حتى آكل هذه التمرات». وهذا جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ لما سمع رجلاً يقول للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد: «أرأيت إن قتلت؛ فأين أنا؟ قال: «في الجنة». ألقى تمرات في يده، ثم قاتل حتى قتل»(1).
6 ـ التربية على الاعتزاز بالدين وغرس ذلك في النفوس:
لا بد من التربية على الاعتزاز بالدين وغرس ذلك في نفوس الأطفال من صغرهم، وأن يحدَّثوا بأمجادهم وتاريخ أسلافهم، قُلْ له: أنت ابن الإسلام، أنت حفيد أبي بكر، ووارث عمر، وصاحب عثمان، وخليفة علي، حدِّثْه عن نور الدين وصلاحه، أعدْ عليه ذكرى بدر، وأخبار القادسية واليرموك وأحداث حطين ونهاوند وبلاط الشهداء.
من أنت؟ فانتفضت حروفي وانتشت في كبريـــاء
وتطامنت حولي الـرؤوس وهب يعليـني الإبــاء
حتى علوت على السُّهى وشربت من مـاء السماء
وتساءلت حولي النجـوم فضج فيَّ الانتمـــاء
من أنت؟ أي رســالة جعلتك ملتهب الدمـاء
الشمس تشرق في يديـك البيض ما هذا السنــاء؟
والنـاس في درب الدجى هلكى وأنت مع الضيـاء
من أنت؟ أسئلة تراودني الصبـاحَ مع المســـاء
تعبت من الأسفار أرجلهم فنـــاموا في العـــراء
ومضوا يعبُّـون السراب ويرشفون الكبريــــاء
لا تسأليني من أنـــا؟ «أنا واحد من هــؤلاء»
جسدي (بأرضي) ها هنا لكن روحي في السمـاء
0 عوِّدْ من تقوم على تربيته أن لا يستجدي الناس شيئاً، وأن يستغني بما عنده عما في أيدي الناس، وقد قيل: استغن عمن شئت تكن نظيره، وأفضل على من شئت تكن أميره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره.
0 عوِّدْه ردَّ الضيم وعدم قبول الذل؛ فإن ذلك ليس من سجـية المؤمـن ولا من خلقه، بل هو عزيز أبيٌّ. يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: (إذا أردت أن تعرف الديك من الدجاجة وقت خروجه من البيضة فعلِّقه بمنقاره فإن تحرك فديك، وإلا فدجاجة)(2).
0 عـوِّده أن يرفع رأسه دائماً إلى السماء، وأن لا يطأطئ إلى الأرض. روى العسكري: (أن رجلاً مرّ على عمر ـ رضي الله عنه ـ «وقد تخشع وتذلل وبالغ في الخضوع، فقال عمر: ألستَ مسلماً؟ قال: بلى! قال: فارفع رأسك، وامدد عنقك؛ فإن الإسلام عزيز منيع»(3) ورأت الشفاء بنت عبد الله بعض الفتيان يمشون متماوتين فقالت: مَنْ هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء النسّاك. فقالت: لقد كان عمر إذا مشى أسرع، وإذا تكلم أسمع، وإذ ضرب أوجع؛ وكان هو الناسك حقاً(4).
(إن اعتزاز المسلم بنفسه ودينه وربه هو كبرياء إيمانه، وكبرياء الإيمان غير كبرياء الطغيان، إنها أنفة المؤمن أن يصغر لسلطان، أو يتَّضع في مكان، أو يكون ذَنَباً لإنسان. هي كبرياء فيها من التمرد بقدر ما فيها من الاستكانة، وفيها من التعالي بقدر ما فيها من التطامن(5) فيها الترفع على مغريات الأرض ومزاعم الناس وأباطيل الحياة، وفيها من الانخفاض إلى خدمة المسلمين والتبسط معهم، واحترام الحق الذي يجمعه بهم، فيها إتيان البيوت من أبوابها، وطِلاب العظمة من أصدق سبلها... والعز والإباء والكرامة من أبرز الخلال التي نادى الإسلام بها، وغرسها في أنحاء المجتمع وتعهد نماءها بما شرع من عقائد وسـنَّ مـن تعـاليم. وإليـها يشير عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بقوله: أحِبُّ الرجل إذا سِيمَ خطةَ خسفٍ أن يقول بملء فيه: لا. .. «جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: لا تعطه مالك! قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله! قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد! قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار»(6)، نعم! فمن عزة المؤمن أن لا يكون مستباحاً لكل طامع، أو غرضاً لكل هاجم. بل عليه أنت يستميت دون نفسه وعرضه، وماله وأهله، وإن أريقت في ذلك دماء؛ فإن هذا رخيص لصيانة الشرف الرفيع... أمَّا تهيُّب الموت وتحمّل العار طلباً للبقاء في الدنيا على أية صورة فذلك حمق؛ فإن الفرار لا يطيل أجَلاً، والإقدام لا ينقص عمراً. كيف؟ {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34] إن القضاء يصيب العزيز وله أجره، ويصيب الذليل وعليه وزره؛ فكن عزيزاً ما دام لن يفلت من محتوم القضاء إنسان)(7).
وإذا لم يكن من الموت بدٌّ فمن العار أن تموت جبـانا
اللهم أعزنا بالإسلام قائمين وقاعدين، ولا تشمت بنا الأعداء
________________________________________
(1) العولمة والعالم الإسلامي أرقام وحقائق، ص 236.
(2) طه حسين حياته وفكره في ميزان الإسلام، أنور الجندي، ص 31.
(3) صلاح الأمة، للعفاني: 7/267.
(5) صلاح الأمة، للعفاني: 7/267.
(1) البخاري (7320)، مسلم (2669).
(2) الإيمان والحياة، القرضاوي، ص 240.
(3) تأملات في الدين والحياة، الغزالي، ص 173.
(4) الجواب الكافي، ص 63 ط، مكتبة المؤيد.
(5) الجواب الكافي، ص 85 ط، مكتبة المؤيد.
(6) حلية الأولياء: 1/216.
(1) أخرجه أبو داود (3462).
(2) سير أعلام النبلاء، رقم الترجمة (3192).
(3) الترمذي (2700).
(4) الجواب الكافي، ص 63.
(5) مسلم (1901)، وأحمد (3/136ـ137).
(1) البخاري (4046)، ومسلم (1899).
(2) بدائع الفوائد: 3/ 1201، ط عالم الفوائد.
(3) فيض القدير: 7/3885، ط. الباز.
(4) الإيمان والحياة، القرضاوي، ص 241.
(5) قد وصفهم الله ـ تعالى ـ بقوله: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
(6) مسلم (140).
(7) خلق المسلم، الغزالي، ص (215ـ 223)، ط دار الكتب الحديثة 1394هـ.


07‏/11‏/2008

شارك في الحملة الشعبية للقيد بالجداول الانتخابية


1/11/2008 وحتي 31/1/2009

-------------------------------------------------------------
-- هى دعوة الي الزملاء المدونين للمشاركة في الحملة الشعبية للقيد بالجداول الانتخابية
--------------------------
-- تقوم وزارة الداخلية بفتح باب القيد بالجداول الانتخابية في اول شهر نوفمبر من كل عام ولمدة ثلاثة شهور تنتهي في 31 من شهر يناير
- والكثير منا لايهتم بقيد اسمه لفقدانه للثقة في العملية الانتخابية وهذا صحيح نعم ......



ولكننا يجب ان لانستسلم لهذا الواقع المر فتزوير إرادتنا يبدأ بإحجامنا عن ممارسة حقنا الأنتخابي والذي يبدأ بالقيد في الجداول الانتخابية لذا يجب عليك اخي المواطن ان تكون إيجابيا.

*** حتي تكون ايجابيا بادر بالآتي -

*** سجل نفسك في جداول الناخبين او صحح أي خطأ في اسمك أو غير موطنك الإنتخابي حسب اقامتك.

*** استخرج بطاقة انتخابيه لزوجتك واولادك الذين بلغوا الثامنة عشر علما بأن مواليد 1982 وما بعدها يسجلون تلقائيا.

*** ادعو اهلك واصدقائك وشجعهم ثم ساعدهم في استخرج البطاقة الانتخابية.

*** لماذا يجب أن تكون ايجابيا ؟




*** حتي لا نكتم الشهادة التي سوف نُسأل عنها امام الله.


---------------------

*** حتي لانترك من زوروا إرادتنا أن يزوروها مرة اخري.







*** حتي لاندع قراراتنا في يد من باعوا الوطن وسرقوا مقدراته.




*** حتي لايحكمنا اللصوص وقُطاع الطرق.




*** حتي لانترك من هتكوا الستر وداسوا العِرض .








*** حتي نتنسم عبير الحرية يوما ما.

***و حتي لايصبح الوطن في مهب الريح.

اخْتَرْالموضوعَ الذى تَوَدُّ قِرَاءَتَهُ

مائة خصلة انفرد بها صلى الله عليه وسلم*** مناجاة*** الشاعر أحمد مطر يكتب: تحية إلى غزة*** هل تتقى ربك فى معاملاتك المالية ؟ *** صلاة الفجر : درر ونفائس فمن يفوز بها؟ *** شاب فلسطيني يروي وقائع 30 يوماً من التعذيب الشديد في السجون المصرية*** سفراء الكيان الصهيوني من الكتاب العرب*** سِرْتُم على بصيرَة ... فأتِمُّوا المسيرَة*** اّيات الرحمن فى معركة الفرقان*** فُزْتِ ياغَزَّة ورَبِّ العِزَّة * بيان علماء الأمة في مظاهرة اليهود على المسلمين في غزة* شبهات حول قضية "غزة" والرد عليها * أين تقف مما يحدث فى غزة؟* القيادي نزار ريان .. شهيد الكرامة والصمود* القائد العالم ريان * ياعلماء الأمة : ماذا أقول لكم ؟! * حكاية عباس .. لأحمد مطر * سَيْرٌ بِلاَ الْتِفَاتْ ووفاءٌ بِلا غَدَرَات * أرجوك يا"بوش" لاتعفو عن " المنتظر" * هل فرحت بالعيد؟ * فى ظل المحن علمتني دعوتي * عشر ذي الحجة محطة سفر إلى الجنة * عشر ذى الحجة من مواسم الخير * غزة تحتضر * غزة غزة !! وما لنا وغزة * وعجلت إليك رب لترضى1 * وعجلت إليك رب لترضى2 * الحج فى فكر الشيخ الغزالى * ماذا تعرف عن عز الدين القسام؟ * اقرأ هذه الأبيات * هنيئا لك ياحافظا لكتاب الله * طريقك إلى العزة * شارك في الحملة الشعبية للقيد بالجداول الانتخابية * ضياء رشوان : جمال مبارك الأقل فرصة للوصول لحكم مصر * بيان تحذيري من جبهة علماء الأزهر * شعر أعجبنى * ,وصـف الـجـنـة * رسالة إلى من لم يغض البصر * نص الرسالة المفتوحة التى وجهها الشيخ القرضاوى للرد على أحمد كمال أبو المجد * هذي بلاد. . لم تعد كبلادى * سلام عليكم أيها الإخوان * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ... الأيام من 27-30 * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السادس والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الخامس والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الرابع والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثالث والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثانى والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الحادى والعشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم العشرون * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم التاسع عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثاامن عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السابع عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السادس عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الخامس عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الرابع عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثالث عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثانى عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الحادى عشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم العاشر * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم التاسع * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثامن * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السابع * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم السادس * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الخامس * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الرابع * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثالث * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الثانى * دلائل الخيرات فى أيام الرحمات ...اليوم الأول * وأقبل رمضان الخير * كيف تستعد لشهر رمضان ؟ 2 * كيف تستعد لشهر رمضان ؟ 1 * إن الله ليطلع على عباده في هذه الليلة * كن نافعا أينما كنت 2 * كن نافعا أينما كنت 1 * البيت الرباني ...فيض إلهى * الثقة بالنفس * من يشارك في حصار غزة مرتد عن الإسلام * هل أنت متفائل ؟ * أتدرى ما يفوتك من الأجر بترك صلاة الجماعة؟(5) * سبع نصائح لحفظ كتاب الله (5) * هل أنت رجل ؟ (5) * هل أنت رجل ؟ (4) * هل أنت رجل ؟ (3 ) * هل أنت رجل ؟ (2) * هل أنت رجل ؟ (1) * إياك أن تجحد نِعَمَ رَبِّكَ * الصبر خلق الأقوياء ودرب الأوفياء * اقرأ قبل أن تقرأ * مواقف غضب فيها النبى صلى الله عليه وسلم * رائعة حافظ إبراهيم في عمر بن الخطاب * أرقام وإحصائيات ومعلومات متفرقة في القرآن الكريم * كف عليك هذا * واعجبى من دعاة السلفية * أَلاَ لعنةُ اللهِ على الطُّغاة البُغاة وحيَّا اللهُ الهُداة التَّقَاة * هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أكله وشربه * دُرَرٌ وَنَفَائِسٌ من الأقوال * كيف تتنزل علينا البركة ؟ * كيف يؤدي المسلم مناسك العمرة ؟ * من شرفاء مصر : أ. د. محمد علي بشر * من شرفاء مصر : م. خيرت الشاطر * من شرفاء مصر : حسن عز الدين يوسف مالك * من شرفاء مصر : الدكتور / عصام عبد الحليم حشيش * من شرفاء مصر : الدكتور / خالد عبد القادر عودة * فى ظل المحن ...علمتنى دعوتى * يوم أسود فى تاريخ مصر فى عهد الفرعون * يا مصر * الأدلة الشرعية على جواز المظاهرات * كلمات شعرية عن الوطن وحكامه في العهد الأسود * إخراج القيمة فى الزكاة * الإسبال * 1 اللحية * ورحل عنا فارس الكلمة * لماذا تحملون اوزار الفاسدين والظالمين ؟؟ * المرشد العام والكتلة البرلمانية ينعيان النائب ماهرعقل * وفاة الشيخ ماهر عقل * توقي أسباب الفتن * لكم الله يا أهل غزّة * كيف تعرف أن الله يحبك؟ * سين وجيم * • أيـن الـسـعـادة ؟؟؟!!! * صلاة الفجر هي مقياس حبك لله ا * حقائق مزعجة * من ننتخب من المرشحين؟ * هم العدو فاحذرهم * سبع تفيد العبد بعد موته * المقاطعة الاقتصادية :حقيقتها و حكمها * بيان في الحث على المقاطعة الاقتصادية * فتوى بوجوب المقاطعة * * أين أنت يا بلادي؟ * المنهج الإسلامي لعلاج مشكلة البطالة * عبد الرحمن : شهيد السيادة والكرامة * وقفة الوفاء والولاء * نصرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم * منتخب الساجدين : دروس وعبر * فى عهد فرعون اليوم : محلك سر * أه ثم أه * "جوجل" يخضع للضغوط الإسرائيلية * محمد أبو تريكة هداف المنتخب المصري * تنظيم المظاهرات في الإسلام * آداب وأحكام المطر والرعد والبرق والريح * غزة !!غزة!! "وأنا مالى" * حول غزة : يحيا أبو تريكة * غزة تستغيث ...هل من نصير * الزهار حاملاً بندقية نجله * فى ذكرى عاشوراء.....لكل فرعون نهاية * اّه يافلسطين ...الجرح النازف * فرعون الأمس........ وفرعون اليوم * هذي بلاد. . لم تعد كبلادى * الهجرة النبوية ..... وقفات تأملية * عام هجري جديد.. جدد العهد مع ربك * وقفة احتجاجية أمام "أبو حصيرة" بدمنهور ... * بشرى للمصريين : مدد ياسيدى أبو حصيرة * منافقوا اليوم.... ويل لهم * تهنئة بالعيد المبارك * أهمية الصلاة في حياة المسلم * حكم فقهى هام (صلاة النافلة جماعة) * الثبات.. صور ومعينات

هذه ليست بلادى

احسب وزنك

   

الجنس : ذكر انثى
الوزن :
الطول :
النتائج :
مساحة سطح الجسم : م2
الوزن بدون شحوم : رطل = كجم
الوزن المثالي لك هو : رطل = كجم
نسبة وزنك لمسطح الجسم : كجم/م2