وقال الأخيار كلمتهم
آثرت أن لا أخط كلمة خلال الشهور القليلة الماضية حول الأحداث المحيطة بجماعة الإخوان المسلمين وما لازمها من لغط هنا وهناك ، لأننى كنت على يقين أن المشهد سينتهى إلى ماانتهى إليه اليوم من إظهار للعظمة والشموخ فى المواقف والمبادئ.
لقد انتظرتُ حتى اكتمال الصورة وتمام المشهد باختيار الدكتور محمد بديع مرشدا ثامنا للجماعة المباركة ، وقائدا لمسيرة الجماعة فى الإصلاح الشامل والمتدرج خلال الفترة القادمة ، هذه الصورة الجميلة التى اكتملت وهذا المشهد العظيم الذى تم أثلج الصدور ، وأراح النفوس المحبة للخير والصلاح والإصلاح ، لاأقول من أبناء هذه الدعوة بل من أبناء هذه الأمة العظيمة . ولا نبالى بالمتربصين والكائدين الذين تمنوا أن تُشَق الأرض وتبتلعهم ولا يرون هذا المشهد العظيم الذى برز أمام وسائل الإعلام حين قَبَّل المرشد الجديد رأس المرشد السابق الأستاذ العظيم محمد عاكف ولسان حاله يقول له : لقد وفيت فنعم الوفاء ، وأديت فأحسنت الأداء ، وسرت فأكملت البناء ، وأرشدت فتحقق النماء ، فلك الشكر والثناء، ونحن قد حملنا اللواء ،إرضاء لرب الأرض والسماء ، فبدعواتك لى سيدى يسير الركب ويتحقق الرجاء ، فشكرا لك ثم شكرا ولك من الله عظيم الجزاء .
أقول لا علينا بهؤلاء الذين لايروق لهم أن يرون هذه العظمة ، فهؤلاء وأمثالهم حالهم كما قال ربنا سبحانه (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران:120)
والمتأمل فى دقائق وتفاصيل المشهد كله والذى بدأ بما أُشيع - زورا وبهتان- ا عن استقالة الأستاذ العظيم / محمد مهدى عاكف ، وانتهى باختيار العالم والمربى العظيم الدكتور بديع ، يخلص إلى نقاط عدة من أبرزها :
أولا : أن جماعة الإخوان المسلمين أعظم من أن يهزها قلم أصابه عَطَنٌ ، أو تُعوِّق مسيرتها كلمة بها دَخَنٌ ،أو أن يُشَوِّه سمعتها موقف يعلوه غُبَارٌ ، أو أن يتأثر صَفُّها بحملة فيها أََفْنٌ ( بسكون الفاء أي نقص) وأفَن (بفتح الفاء أي ضعف الرأي والعقل ) يقودها مأفونون ، وقد صدق العظيم إذ قال (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) (الرعد:17)
ثانيا : أن سُمو المبادئ وعِظَم المنهج لا يلازمه حتما تخلى الفرد ، المتحلى بهذه المبادئ والمتمسك بهذا المنهج ،عن بشريته التى من شأنها الخطأ والصواب .فالصحابة الأخيار الأطهار الذين تربوا على يد أعظم مرب فى الوجود ، بأبى هو وأمى صلى الله عليه وسلم ، قد حدث بينهم مواقف ومشاهد لو صدرت من الأخيار اليوم لبرز المتربصون بالدعوة من الخارج يُهيلون التراب على هذا الصرح العظيم، وتعالت أصوات المتشائمين من الداخل هلعا وخوفا ، بدافع الحرص والغيرة على دعوتهم لا شك فى ذلك . ولكن أقول لهؤلاء وهؤلاء :
* من كان يتصور أن يفعل حاطب بن أبى بلتعة مافعل وهو من مشاهير المهاجرين ،وكان من الرماة الموصوفين وشهد بدرا والمشاهد ؟!
- حاطب الذى بُشِّر بالنجاة من النار وهوحى، فكما روى مسلم بسنده عن جابر رضي الله عنه أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية"
- حاطب هذا يبلغ أهل مكة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحين يسأله الرسول : ما حملك ؟ قال : كان بمكة قرابتي وولدي ، وكنت غريباً فيكم معشر قريش.( هكذا فكر وقدر الموقف وهكذا كانت حساباته ) فقال عمر: ائذن لي يا رسول الله في قتله.( أي أن الموقف لم يكن عاديا ولا مألوفا فى ذلك الوقت) فقال الحبيب: ( لا ، إنه شهد بدراً ، وإنك لا تدري ، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم ، فإني غافر لكم). فى الصحيحين.
هكذا يتعامل الأخيار جنود وقيادة ، خطأ من هنا وغيرة من هناك ، وسماحة وغفران ثم تقدير للطبيعة البشرية.
* من كان يتصور أن يقول صحابى جليل كأبى ذر لأخيه بلال "حتى أنت ياابن السوداء تخطئني "..، وذلك حين لم يرض بلال برأي اقترحه أبو ذر، فقام بلال غضبان أسفا .. واشتكى لرسول الله، فلما عاتب الرسول صلى الله عليه وسلم أباذر قائلا: "يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية" فبكى أبو ذر .. وقال يارسول الله استغفر لي .. ثم خرج باكيا من المسجد … وأقبل بلال ماشيا .. فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب .. وقال: والله يا بلال لا ارفع خدي عن التراب حتى تطأه برجلك .. أنت الكريم وأنا المهان …..،،
فأخذ بلال يبكي .. واقترب وقبل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا .
موقف لا يحتاج لتعليق، فأين نحن من هذا؟
* وهل كان يخطر ببال أحد أن يأمر القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم فى غزوة أحد ولا ينفذ الصحابة؟! فقال الله تعالى : {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }آل عمران152
حتى قال ابن مسعود : " ما كنت أرى أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد الدنيا حتى نزل فينا يوم أحد ) مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ( " أي أن كل شيء وارد ، فلم التهويل والتضخيم للأخطاء التى لا تدانى واحدة مما ذكرتُ؟ والأمثلة كثيرة لمن قرأ وتدبر.
ثالثا : أن الحكمة والتؤدة التى لازمت التعامل مع الأحداث من جانب القيادة أكسبت الدعوة الكثير والكثير ،وانتقلت بها إلى الأمام ، وخطت بها خطوات واسعة على الصعيد الداخلى والخارجى.
* فهل كان يدور بخلد أحد أن تقوم الجماعة (المحظورة )– حسب زعمهم وبهتانهم طبعا – بإعلان اسم مرشدها الثامن فى مؤتمر صحفى عالمى يشهده القاصى والدانى وتتناقله وسائل إعلام عدة فى العالم كله؟
* هل كان بالإمكان إظهار عظمة البناء فى هذه الجماعة ومتانة تماسكها الداخلى حين ظهر عظماء فى هذه الدعوة لهم باع وتاريخ كالشيخ الخطيب والدكتور أبو الفتوح والأستاذ عرفة والأستاذ لاشين وغيرهم فى أكثر من موقف ومناسبة يعلنون ولاءهم وانتماءهم واعتزازهم بهذه الدعوة ،رغم خروجهم من مكتب الإرشاد ، وحتى من بدا منه موقف ما اتجاه إجراء ما ، فهو موقف يُحسبُ له لا عليه لأنه كان يهدف – من وجهة نظره قطعا – إلى تحسين البناء وصالح الدعوة ، وكلٌّ موكول إلى نيته ، ولكننا تربينا على حسن الظن بالآخرين فكيف بإخواننا وأساتذتنا؟
أقول لولا حكمة القيادة وتمسكها باستكمال إجراءات الشورى فى هدوء ورَوِيَّة مابرز للكافة هذه العظمة وهذا الشموخ.
رابعا : أن الكثيرين من المتابعين والمراقبين للعمل الإخوانى يبدوا أنهم لا يعرفون الكثير عن هذه الدعوة ولا عن طبيعة منهاجها ، ولا كيف يتخذ القرار فيها ، ولا أدل على ذلك مما أطلقوه من أوصاف لا تليق بأن هناك محافظون وإصلاحيون ، ومتشددون ومعتدلون ونحو ذلك من نعوت لا أصل ولا ظل لها داخل الجماعة ، فلقد حدَّد الإمام البنا- رحمه الله- في رسالته "هل نحن قوم عمليون" منهج الإخوان مبينا أن الأجيال متواصلة فى البناء ، كل يبدأ من حيث انتهى من سبقه ، فالجميع أصحاب مشروع نهضوى واحد فيقول: "أنت إذا راجعتَ تاريخ النهضات في الأمم المختلفة شرقيةً وغربيةً، قديمًا وحديثًا, رأيتَ أن القائمين بكل نهضةٍ موفَّقةٍ نجحت وأثمرت كان لهم منهاجٌ محدودٌ عليه يعملون، وهدفٌ محدودٌ إليه يقصدون.. وضعه الداعون إلى النهوض، وعملوا على تحقيقه ما امتد بهم الأجل، وأمكنهم العمل, حتى إذا حيل بينهم وبينه، وانتهت بهم تلك الفترة القصيرة: فترة الحياة في هذه الدنيا, خَلَفَهم من قومِهم غيرُهم، يعملون على منهاجهم، ويبدءون من حيث انتهى أولئك، لا يقطعون ما وصل، ولا يهدمون ما بنَوا، ولا ينقضون ما أسسوا وشادوا، ولا يخرِّبون ما عَمَّروا، فإما زادوا عمل أسلافهم تحسينًا، أو مكَّنوا نتائجه تمكينًا، وإما تبعوهم على آثارهم، فزادوا البناء طبقةً، وساروا بالأمة شَوْطًا إلى الغاية؛ حيث يصلون بها إلى ما تبتغي، أو ينصرفون راشدين، ويَخلُفُهم غيرهم. وهكذا دواليك حتى تحققَ الآمال، وتصدقَ الأحلام، ويتمَّ النهوض، ويثمرَ الجهاد، وتصلَ الأمة إلى ما إليه قصدت، وله عملت، ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾ (الزلزلة:7." وهكذا ينطلق الإخوان فى نهضتهم ، فلا تأتى قيادة بسياسة تنقض تماما سياسة من سبقه ولا نحو ذلك ، فالهدف واضح والكل يجتهد حسب وسعه فى الوصول إليه.
ومن ثم وجب على حملة الأمانة وأصحاب الرسالة من أبناء هذه الدعوة المباركة أن يمضوا فى طريقهم ولا يلتفتوا وراءهم فهم أدرى بشئون دعوتهم من غيرهم.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ دعوتنا وأن يبارك فيه أخوتنا وأن يوفق بالحق قادتنا ، وأن يلهمنا رشدنا ويتولى أمرنا وأن يُصلح أوطاننا، ويرد الفتن عنا... اللهم آمين.
هناك تعليقان (2):
الاساتذة الافاضل والمفكرين
السلام عليكم
هذه رسالتى اليكم
ان الاوان ان نغير ونتغير
ارجو من حضرتكم
تفعيل قضية الحصار والجدار
ارجوا عمل مقالات ومواضيع
تبث فى الناس الامل
تخرج الناس من حالة اليائس والاحباط
الى روح المقاومة والعمل
لا نريد مقالات ترد عن ما تهاجم به الحكومة
لتشغلنا بما تريد
نريد ايقاظ الامة
نريد حديث وخطاب جديد
يبث فى روحهم ويقظهم
يقظهم من غفلتهم
ورب همة ايقظت امة
فكونوا انتم الهمة لتيقظوا الامة
جزاكم الله خيرا يا saheda.com على التا المقال مقال عن الجدار بعنوان مصر التى فى خاطرى
إرسال تعليق