غزة غزة! ومَالَنَا وغزة
أقدم عذرا ثم عذرا للأحرار الشرفاء وللرجال الأوفياء، لأصحاب الضمائر الحية والأقلام الحرة الذين قد ينتابهم ولو لبرهة من الزمن غبار حزن أو لفحة غضب عند قراءاتهم لهذا العنوان ، وهم محقون فى لك كل الحق ، فهذه طبيعة الأحرار الذين لا يقبلون الخسف ولا الضيم ولا يرضون بالدون ولا الهوان شعارهم :
همتي همة الملوك ونفسي **نفس حر ترى المذلة كفرا
واقعنا المرير:
ولكنني أردت بهذا العنوان أن أعبر عن حال البعض من أقوامنا ومن حكامنا ومن علمائنا الذين يرون مايحدث من أهوال عظام وأحداث جسام لإخواننا فى غزة الأبية ، غزة الصمود ، غزة الممانعة ثم يصمتون صمت القبور وليتهم يصمتون بل أحيانا عندما ينطقون ينطقون كفرا ، "يسكت دهرا ثم ينطق كفرا" كما تقول الأدبيات . نعم يرون الأطفال يموتون والمرضى يعذَّبون والشيوخ يئِنون ثم هم بعد ذلك يضحكون ويلعبون وكأنهم لأحداث مباراة كرة للقدم يشاهدون أو لأخبار النشرة الجوية يستمعون ، وحتى إن أصابتهم فى غفلة من أنفسهم لأْوَاء مما يحدث فلا يعدو الأمر عندهم إلا مص للشفاة أو ضرب للكف على الأخرى ثم سرعان ماينسون ويظلون فى غيِّهم يعمهون .
أذكر حكامنا
هذا هو حال البعض من الفئات الثلاث التي إليها أشرت ، أما حكامنا فماذا عساي أن أقول لهم ؟ أقول سامحهم الله !! لا أستطيع . أقول هداهم الله !! لا أستطيع .!! ...... ماذا أقول ؟ ما يمكن أن أقوله هو أن التاريخ هو القاضي وهو الشاهد فى نفس الوقت ، التاريخ يلقى فى مذبلته كل المتآمرين على أممهم. فعل ذلك فى الماضي لأناس أصبح ذكرهم بالخيبة واللعنة على كل لسان وصار ذمهم فاكهةَ الآذان...تُذكرُ سيرتُهم فيقوم المرء بعدها ليغسل فاه وأذناه سبعا قد يكون إحداهن بـــ.... ثم يتوضأ بعد ذلك زيادة فى الطهر والنظافة . أقول فعل التاريخ ذلك مع المتخاذلين والمتآمرين وسيفعل اليوم أو غدا مع حكامنا إن لم يكن لهم موقف يبيض وجوههم مع إخواننا المنكوبين فى غزة.
إنني أقول لحكامنا إن لم تتحركوا بدافع الواجب الشرعي ، أو بدافع الرجولة العربية ، أو بدافع النخوة الإنسانية ، فالمنى كل المنى ، وغاية المراد من رب العباد أن تصمتوا وتتركوا الشعوب تتكلم ، أن تَتَنَحَّوْا جانبا وتَذَرُوا شعوبكم تقوم بدوركم وكل ذلك سيكتب فى مآثركم ، لا أن تقوموا أنتم بدور العدو اليهودي ، وقد أظلِم اليهود أحيانا إن شبهت دوركم بدورهم ، لأنكم أحيانا تفعلون مالا يفعله اليهود ،وإلا فبماذا نفسر سماح اليهود لسفن تأتى من أقاصي الدنيا عابرة إلى غزة لإظهار تعاطف العالم الحر معهم وأنتم تمنعون على الحدود ، بماذا نفسر موقفكم من شعوبكم التي تحاول التعبير عن غضبها لما يحدث لإخوانهم فى غزة ويريدون نجدتهم ،وإذ بكم بدلا من شكرهم وتقديم التسهيلات لهم وإبراز دورهم القومي والإنساني فى وسائل إعلامكم تعتقلون وتصادرون وتطاردون وتحاكمون . لصالح من يحدث هذا ؟ لصالح أمْنِنا القومي ؟ كلا والله .هل يحقق هذا رضا اليهود والأمريكان عنكم ؟ لا والله . لأني أصدِّق الله ولا أصدق فعالكم ، فالله تعالى يقول {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120 وقال سبحانه { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ }البقرة217 ولا أظنكم أبدا تريدون شيئا من ذلك الذي يريدون فلماذا تسعون لإرضائهم وتغضبون ربكم ؟ لماذا تصرون على موالاتهم ومعاداة شعوبكم وأمتكم والله تعالى يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51
ماذا أقول لعلمائنا وشيوخنا؟
أما شيوخنا وعلماؤنا فأشعر بالخجل وأنا أذَكِّرُهم ، ماذا أقول لشيوخ يقيمون الدنيا ولا يقعدونها للحديث عن حكم دم البرغوث الذي يصيب ثوب المصلي مثلا ولا ينطقون بكلمة واحدة عن حكم الدماء الذكية للمسلمين التي تسال علي أرض فلسطين ليل نهار ، والذين لايحركهم أنين الشيوخ أواّهات المرضي الذين يعذبون بفعل الحصار الظالم الذي يفرضه اليهود والمسلمون على حد سواء عليهم، بل الأدهى وأمر أنهم قد يخَطِّئُون من يفعل ذلك!!.
ماذا أقول لشيوخ يقيمون الدنيا ولا يقعدونها للحديث عن 70 خطأ فى الوضوء و120 خطأ فى الصلاة و...و...و... ولكن مايحدث من جرائم إبادة بأيدينا وأيدي أعدائنا لإخواننا المسلمين الذين ينطقون بالشهادتين ويصُلون إلى قبلتنا لا يمثل خطأ ولا خطيئة ولا عيباً ولا ذنباً وبالتالي لا يستحق منهم كلمة واحدة يضيعون معها وقتهم ووقت مشاهديهم الغالي والنفيس !!
يا أيها الشيوخ والعلماء : لماذا تأخذون المسلمين بعيدا بعيدا عن قضاياهم الحقيقية ؟ لماذا تقومون بتخديرهم ؟ لماذا تغرقونهم فى التفصيلات والجزئيات وتضيِّعون الكليات ؟ أو ليست نصرة المسلم لأخيه من واجبات العقيدة ومقتضياتها ؟ أو ليس تذكير الحكام فى هذا الوقت للقيام بدورهم هو من أفضل الجهاد ؟ أو ليس السعي فى حاجة المسلم أعظم أجرا من قيام الليل وصيام النهار ؟ فما ظنكم بإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم وإنقاذ إنسان من الموت؟
إن لي فتوى يا فضيلة الشيخ أرجو أن ترد عليها ، سائل يسأل: كنت أصلى جماعة بالمسجد مع أهل المسجد فلما ذهبت إلى البيت وأغلقت دارى سمعت جارى المسلم الذي كان يصلى معي منذ قليل يصرخ بي : أغثني أغثني أموت من الجوع وأحتاج الغذاء!! أغثني أغثنى ابني يتألم من شدة المرض ويحتاج الدواء!! أغثنى أغثنى زوجتي تموت من البرد وتحتاج الكساء!! ، أغثني أغثني بيتي يحترق. أغثنى أغثنى باب دارى قدأُغلق على فافتحه لى،أغثنى أغثنى الظلام حل بداري، أغثنى أغثنى .....ولكنني يافضيلة الشيخ تركته يتألم حتى مات وينزف حتى صعدت روحه إلى الله ، نعم يافضيلة الشيخ سمعت هذه الصراخات وتلك الأنات ولم ألتفت مع قدرتي على ذلك ، فما الحكم ؟ هل علىَّ من إثم ؟ هل كان من الواجب على نصرته ؟ هل كان من حقه على كمسلم أن أخاطب وأستغيث وأصرخ فيمن بيده المساعدة فى حال عجزي؟ سائلنا يسأل وأنا معه من السائلين ،أليس هذا هو حال مليون ونصف المليون فى غزة؟! فماذا أنتم قائلون؟ نعم صمت الشيوخ وما تكلموا فماذا أقول لهم.
لقد فجعت عندما قرأت أن شيخ الأزهر بجلالة قدره قام بمصافحة "شمعون بيريز" رئيس الكيان الصهيوني بكلتا يديه في المؤتمر الذي عُقد مؤخرًا في الأمم المتحدة حول حوار الأديان، وهذه المصافحة الحميمة جاءت في الوقت الذي يحاصر فيه أهلونا بقطاع بغزة، وجاءت المصافحة مصحوبةً بابتسامة مودة لا تخفى على أحد؛ مما سبَّب لي وللأحرار جميعا حالةً من الذهول والاشمئزاز؛ حيث كان من المنتظر من فضيلته أن يهُبَّ لنصرة المسلمين المُحاصَرين في غزة، وأن يقف على منبر الأزهر يحثُّ المسلمين على نصرة أهاليهم وإخوانهم في فلسطين، ويُشرف بنفسه على جمع التبرعات المادية والعينية، وأن يُسيِّر قوافل إغاثية يُشرف عليها بنفسه فإنا لله وإنا إليه راجعون..
غزة تستغيث ...هل من نصير!!
أخاطب كل واحد فيكم : - تخيل نفسك فى هذه الأيام الباردة فى دار خربة أقفلت عليك أبوابها , وزوجتك تصرخ من الألم وتذهب نحو الأبواب لتخرج للطبيب فلا تستطيع , وأولادك يستغيثون بك : ياأبتاه أطعمنا , يا أبتاه ..ياأبتاه ! ياأبتاه ..وأنت تنظر إليهم وقد انعقد لسانك فلا تستطيع جوابا ... الجميع يرتعش من البرد , فذهبت لكى تضيء المصباح لعلهم يستأنسون فوجدت الكهرباء قد انقطعت , فقالوا لك يا أبتاه اسقنا فذهبت تحضر المياه , فوجدت الماء قد انقطع , يا ألله ماهذا , فذهب ولدك للحمام لقضاء حاجته فوجدها قد فاضت وعمت المكان رائحتها النتنة , تخيل أولادك وقد عادوا من مدارسهم , ويطرقون على الأبواب , ياأمى! يأبى !افتحوا الأبواب , فلا تملك لهم إلا البكاء والعويل وانقطعت بك وبهم السبيل .... وضاقت عليكم الأرض بما رحبت , تخيل نفسك , وقد ذهبت زوجتك لتعد لكم الإفطار فقالت لك ليس عندنا خبز , ليس عندنا طعام , ليس عندنا ! ليس عندنا ! ليس عندنا !
فنظر بعضكم إلى بعض تدور أعينكم كالذى يغشى عليه من الموت .....
لاشك أن تخيل هذ كفيل بأن يكدر حياتك ويصيبك بالأسى والحزن والغم , فإذا كدرك الخيال فما ظنك بمن يعيش هذه المأساة أمرا واقعا علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين , هذا واقع الاّن فى غزة , هذا هو حال إخوانكم المحاصرين فى غزة , مليون ونصف مليون مسلم , يموتون يستغيثون يصرخون فماذا نحن فاعلون؟
لماذا التذكير بهذه المأساة ؟
إن عرض هذه المأساة ليس من باب الاستعطاف ولكن من باب:
1- التذكير بالواجب الذي تقتضيه الأخوة الإسلامية فلم لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم
2- التذكير بأن الغفلة واللا مبالاة عن نصرة المسلم لأخيه قد تسبب عقوبة تحل بالغافلين والمتفرج على كربة أخيه , قد يدفع العقوبة ضعفين عندما يستطيع ذلك ولو بالدعاء
3- حين نذكر بحال إخواننا المسلمين ونقوم بالواجب المطلوب من لنصرة فهذا يرهب الأعداء. فإن فعلوا مافعلوا من جرائم ولا يجدوا حراكا طمعوا أكثر وأكثر فمن البدهيات أنه إذا أغار عدو على بيت جار لك واحتله وتمكن فيه، فسوف ينظر إلى البيت الذي بجواره، طالما أنه لم يجد من يردعه، أو يوقفه، أو يقاومه، حتى يصل إلى بيتك، وما لم تقدم النصرة اليوم لإخوانك فستقول حينها: "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".
النصرة واجب شرعى لاخيار لنا فيه:
إن ديننا السمح علمنا نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف والتفريج عن المكروب؛ أيً كان دينه ومهما كان فكره، ناهيك عن جنسه ولونه ووطنه، وأمرنا بالسعي على تفريج كربات المسلمين، ورفع المعاناة عنهم أينما كانوا ..
- يقول تعالى: "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر" (الأنفال: 72) وما هذه النصرة إلا واجب من واجبات آصرة الدين كما قال سبحانه: "وإنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" (الأنبياء: 92)، فالمسلمون أمة واحدة دون الناس يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم .
وتلك النصرة أيضاً من واجبات الإخوة الإيمانية، قال تعالى: "إنما المؤمنون إخوة" (الحجرات: 10(
- وقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (مسلم، عن النعمان بن بشير )
- وقال – صلى الله عليه وسلم - : "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" ( مسلم، عن أبي مسلم).
- ولعظيمِ أَمرِ الأخوة كان مِن أوَّل أعمالِ النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد هجرته للمدينة - أنّه آخَى بين المسلِمينَ، فآخى بين المهاجرِين والأنصارِ أُخوّةً عامّة شاملة، ثم آخَى بَينَهم أخوّةً خاصّة دقيقة، فآخى بَين كلِّ مهاجرٍ وأَنصَاريّ، فجَعَل كلَّ اثنين أَخَوين؛ يتعاونان ويتكافلان ويتوَاسَيَان ..
- وفي الصحيحين ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ( فما ظنكم بمليون ونصف قد حبسوا فى سجن كبير مفاتيحه بأيدينا .
-وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - محذرًا من التخاذل في نصرة أهل الحاجة والمعاناة: " ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه ، ثم جعل من حوائج الناس إليه، فتبرم، فقد عرض تلك النعمة للزوال " (حسن، الطبراني، ابن عباس(
- وتحذرنا السنة النبوية من التقاعس عن مدِّ يد النصرة إلى مسلم ونحن قادرون، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ مسلم يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه؛ إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته, وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه, وتنتهك فيه حرمته؛ إلا نصره الله في موضع يحب فيه نصرته" (رواه أبو داود من حديث جابر وأبي طلحة.
- إنّ المسلم إذا تخاذل عن نجدة إخوانه في الواقعة الواحدة، والحادثة الفذة فإنّ ربه له بالمرصاد ويخذله في أحلك ما سيلقى، ويدعه إلى نفسه الضعيفة تستغيث ولات حين مغيث، فعن أبي أمامة عن سهيل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أُذل عنده مؤمن فلم ينصره، وهو يقدر على أن ينصره، أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة" (أخرجه الإمام أحمد).
هل بعد هذا تحتاج إلى بيان يا من لا تقنع بأن نصرة إخوانك واجبة، ولا تردد كلام المنافقين " ونا مالى "والله إنها لواجبة إن كنت لا تقنع إلا بقسم.
وامعتصماه :
روى المؤرخ الكبير ابن الأثير في "الكامل" أن المعتصم بلغه أن امرأة هاشمية صاحت وهي أسيرة في أيدي الروم: "وامعتصماه" فأجابها وهو جالس على سريره: لبيك، لبيك، ونهض من ساعته، وصاح في قصره: النفير النفير! وأشهد القضاة والشهود على ما وقف من الضياع، وغزا "عمورية" وأمر بها فهدمت وأحرقت.
رب وامعتصماه انطلقت ملأ افواه الصبايا اليتم
لامست اسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
- لو جارى حرقت شقته وهى مقفولة عليه ماذا ننتظر؟ نكسر عليه الباب وننقذه ! فما ظنكم لو معى نسخة من مفتاح شقته؟ هل وصلت الرسالة؟
- أرأيت رجلاً أحاط المرض بابنه من كل جانب، أيتركه ولا يبالي بما به؟ أم يسهر على راحته ويدعو له في قيام الليل من القلب و يعمل بجد ليأتي له بالدواء، و يتقرّب إلى الله في السر والعلن حتى يشفى فلذة كبده...
أفيعجز المسلمون عن فعل ذاك لأجل إخواننا في غزة؟!
التاريخ لايرحم الجبناء :
فالتاريخ حاكم عدل وشاهد صدق، لا يعرف الكذب ولا التجمل، وأحداثه تدور وتُتداول مع اختلاف الزمان والمكان.هذه رسالة أرسلها أهل مدينة سرقسطة لإخوانهم المسلمين بالأندلس يطلبون منهم النصرة والعون ضد عدوهم الصليبي وذلك سنة 512 هـ ، وعلى وجه الخصوص إلى الأمير تميم قائد جيوش المرابطين بالأندلس والذي خاف من لقاء العدو واستضخم قوته، فجبن عن لقائه وترك إخوانه نهبًا للكلاب والذئاب من أعداء الإسلام، وهي رسالة تعبر عن واقع المسلمين الآن، وقد جاء في هذه الرسالة ما يلي:
(.......ونحن نأمل منك }يعني الأمير تميم{ بحول الله أسباب النصرة بتلك العساكر التي أقر العيونَ بهاؤها وسرَّ النفوسَ زهاؤها، فسرعان ما انثنيت وما انتهيت، وارعويت وما أدنيت، خائبًا عن اللقاء، ناكصًا على عقبيك عن الأعداء، فما أوليتنا غناء، بل زدتنا بلاء، وعلى الداء داء بل أدواء، وتناهت بنا الحال جهدًا والتواءً، بل أذللت الإسلام والمسلمين واجترأت فضيحة الدنيا والدين، فيالله ويا للإسلام، فما هذا الجبن والفزع وما هذا الهلع والجزع، بل ما هذا العار والضياع!!.
أتحسبون يا معشر المرابطين وإخواننا في الله المؤمنين إن سبق على سرقسطة القدر بما يتوقع من المكروه والحذر أنكم تبلعون بعدها ريقًا، وتجدون في سائر بلاد الأندلس - عصمها الله - مسلكًا من النجاة أو طريقًا.. كلا، والله ليسومنكم الكفار عنها جلاءً وفرارًا، وليخرجنكم منها دارًا فدارًا، فسرقسطة حرسها الله هذا السد الذي إن فُتق فتقت بعده أسداد، والبلد الذي إن استُبيح لأعداء الله استبيحت له أقطار وبلاد.
فالآن أيها الأمير الأجلّ.. هذه أبواب الجنة قد فتحت، وأعلام الفتح قد طلعت، فالمنية لا الدنية، والنار لا العار، فأين النفوس الأبية، وأين الأنفة والحمية، ولن يسعك عند الله ولا عند مؤمن عذر في التأخر والارعواء من مناجزة الكفار والأعداء، وكتابنا هذا أيها الأمير الأجلّ اعتذار تقوم لنا به الحجة في جميع البلاد، وعند سائر العباد في إسلامكم إيانا إلى أهل الكفر والإلحاد ونحن مؤمنون....، ومهما تأخرتم عن نصرتنا فالله ولي الثأر منكم ورب الانتقام، ويغنينا الله عنكم وهو الغني الحميد".
-- هذه الرسالة التي تقطر دمًا وحزنًا وكمدًا على تخاذل المسلمين عن نصرة إخوانهم
-- أليس بمثل هذا الخطاب يخاطبنا أهلنا في غزة وفلسطين ويستصرخوننا لنهبَّ لنجدتهم ونصرتهم؟
أَوَليست فلسطين كسرقسطة، السد الذي إن فُتق فتقت بعده سدود، والبلد الذي إن استُبيح لأعداء الله استبيحت بعده أقطار وبلاد؟.
وعندما تخلى قادة المسلمين عن نصرة سرقسطة انهزمت واستبيحت، واستبيحت معها بلاد الأندلس وأُخرج المسلمون منها بعد أن كانوا فيها أعزة لثمانية قرون.
افعل وإلا:
فأخبروني: ماذا تقولون لربكم.. غدًا إذا وقفتم بين يديه للسؤال؟
هل تدرون ما سيقول أهل فلسطين عنكم بين يدي ربكم؟
أتخيلهم وهم واقفون بين يدي الله تعالى ويشكوننا إليه:
يا رب قد استنصرناهم فما نصرونا.. يا رب استعنا بهم فما أعانونا..يا رب كنا بحاجتهم فخذلونا وخانونا..يا رب احكم وأنت العدل..فهل أعددنا إجابة لهذه المحاكمة؟؟
حسبي الله علي كل كافر , حسبي الله علي كل ظالم,حسبي الله علي كل مفتر,حسبي الله علي كل من قتل وكل من اّذي مسلما ،حسبي الله علي كل منافق مروج للفتن,حسبي الله ونعم الوكيل,فلنعمل على مساندتهم ولو بالقليل.
قف وقفة وفاء وولاء , وقفة عزة وإباء وقفة نصرة وإخاء ، قف اليوم وقفة لترضى الله وتشهد التاريخ أنك مع الحق ماحييت وأنك للباطل بالمرصاد مهما كلفك ، قف اليوم وقفة نصرة للمقاومة في فلسطين ......نصرة للمجاهدين
( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(يوسف: من الآية21) ( وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً)(الاسراء: من الآية51)..
فاللهم أطعم عبادك من جوع وآمنهم من خوف، وفك حصارهم، واشف مرضاهم، وداو جرحاهم، واشدد وطأتك على الصهاينة المجرمين. اللهم آمين.