أي مؤسسة في العالم لها خريجون ينالون شهادات للتخرج منها، قد تكون شهادة بدرجة علمية حقيقية أو شهادة معنوية.
فخرِّيجو المعاهد والجامعات ينالون شهادةً من معاهدهم أو جامعاتهم التي تخرَّجوا منها، وتعتمد قيمة هذه الشهادة على اسم المعهد أو الجامعة والدرجة العلمية التي حصلوا عليها، وقد يحصل بعض المشاهير على درجات علمية فخرية من جامعة ما؛ نتيجة موقف ما أو لمجرد التكريم، وهي شهادة معنوية فخرية، وكذلك خريجو السجون والإصلاحيات، ينالون شهادات بأنهم قضوا فترة عقوبة ما، وتصحبهم شهادة معنوية بأنهم من خرِّيجي هذه الإصلاحية، وقد يتفاخر أحدهم بأنه خرِّيج إصلاحية كذا وكذا، وأن حصيلة جرائمه هي كذا من القتلى أو الجرحى أو قد يتفاخر بعدد ما سرقه من الفيلات والبيوت أو ببنك من البنوك.. وهكذا.
وهذه السجون قد يدخلها المتهم بدرجة إجرام، ويتخرَّج منها بدرجة أكبر إجرامًا ومهارات أكثر؛ نتيجةَ اختلاطه بمجرمين من مختلف المهن والنِّحَل وبمهارات مختلفة متبادلة!.
وبالمثل البرلمانات في معظم دول العالم- إن لم يكن كلها- تُخَرِّج سياسيين عظامًا ورجال دولة محترمين ورموزًا يشار إليهم بالبنان؛ لمواقفهم وشرف تمثيلهم لشعبهم الذي اختارهم ليمثلوه ويدافعوا عن مصالحه، ولم أتصور في أية لحظة أن يتخرَّج من برلمان بلادي لصوصٌ ومجرمون بمختلف الدرجات الإجرامية، سواءٌ كانوا تجَّارَ مخدرات ولصوصَ بنوك أو أراضٍ، بل وأيضًا قتلة!.
لقد عاصرت النائب المعارض الأستاذ المرحوم عادل عيد وهو يجلس في آخر صفٍّ بالمجلس وينادي بصوت ضعيف يكاد لا يُسمع: "يا ريس.. يا ريس"، طالبًا الكلمة, ورغم الضوضاء الشديدة التي قد تكون بالمجلس وقتها فإن رئيس المجلس كان يسمعه ويعطيه الكلمة لثقته في أنَّ ما يقوله مهمٌّ ومحترمٌ, بينما الآن نجد نوابًا بالحزب الوطني يسبُّ الواحد منهم "الدين" بصوتٍ عالٍ، يخرق الآذان ولا يسمعه رئيس المجلس، وتُسجِّل كاميراتُ المجلس- بالصوتِ والصورة- هذا السباب العلني الغير محترم، ورغم ذلك فإن رئيس المجلس لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم!.
إن مجلسنا الآن به كاميرات تُسجِّل "دبَّة النملة" ووحدة تصوير على أرقى مستوى، ورغم ذلك فإن التجاوزات التي يقوم بها نواب الحزب الوطني تمرُّ مرور الكرام، ولا يستطيع رئيس المجلس أن يتحرَّك ضدها أو يمنعها أو يُحاسِب مرتكبيها بأية صورة من صور الحساب!.
وقد طالبنا مرارًا وتكرارًا بأن يتم توزيع مضابط الجلسات على إسطوانات رقمية أو شرائط فيديو بالصوت والصورة، بالإضافة إلى المضابط الورقية حتى يعلم الجميع مواقف جميع الأطراف وأداءهم بالجلسة، إلا أنه لم يتم الاستجابة لهذه الطلبات للأسف الشديد ولأسباب ندركها جميعًا بالتأكيد.
تخرَّج من مجلسنا الموقر نوابُ المخدرات؛ حيث تمَّ اتهامهم، وثبتت عليهم التهم، وتمَّ إخراجهم من المجلس.
وتخرَّج أيضًا "نواب القروض"، وهم النواب الذين اقترضوا أموالاً طائلةً من البنوك، واستولوا عليها، ولم يسدِّدوا ما عليهم من استحقاقات.
ومن الخرِّيجين أيضًا نوابٌ أُطلق عليهم نواب الأراضي، منهم من أُسقطت عضويته، ومنهم من لايزال عضوًا بالمجلس، حاصلين على ملايين الأمتار من الأراضي بشبهات قانونية مؤكدة، متهمين بالمصطلح المعروف "تسقيع الأراضي"، ولم يؤدوا حتى ما عليهم من أقساط مستحَقة.
ومنهم من أُطلق عليه "نواب التأشيرات"؛ حيث قاموا ببيع تأشيرات للحج حصلوا عليها بطريقة أو أخرى وتاجروا فيها بالمخالفة للقانون.
ومن الخرِّيجين نواب قتلة مجرمون، منهم عبد العظيم حمزاوي، اتُّهم بالقتل، وتمَّ إسقاط عضويته بعد تحويل أوراقه إلى فضيلة المفتي؛ حتى لا يصدر عليه حكم الإعدام بصفته نائبًا بمجلس الشعب.
ومنهم هشام طلعت مصطفى، عضو لجنة السياسات، تمَّ نقض حكم الإعدام الصادر ضده من إحدى محاكم الجنايات، وجارٍ إعادة محاكمته، ورغم ذلك ما زال عضوًا بالبرلمان "مجلس الشورى"، ولم يتم إسقاط عضويته حتى الآن؛ لأن أحدًا لم يبلغ رئيس مجلس الشورى، الأمين العام للحزب الوطني، بحكم المحكمة حتى الآن، ولأن سيادته لا يعتمد على كلام الجرائد، وأيضًا لاعتزازه بالسيد العضو المهم!.
ومنهم ممدوح إسماعيل، عضو لجنة السياسات، صاحب العبَّارة الشهيرة والتي غرقت بـ1300 مواطن، وتم رفع الحصانة عنه وتوجيه الاتهام له بعد حوالي 40 يومًا من الحادث؛ لإعطائه الفرصة والوقت لتوفيق أوضاعه وتهريب أمواله للخارج، وهو الذي كان يسيطر بالكامل تقريبًا على حركة الملاحة والسفن في البحر الأحمر.
ومنهم عماد الجلدة، الذي اتُّهِم بسرقة خرائط الاكتشافات البترولية بعد أن دفع رشىً لكبار المسئولين؛ كي يتربَّح بدون وجه حق من ثروات الشعب الذي يمثله تحت قبة البرلمان وصدرت ضده أحكام بالسجن.
ومنهم نواب شغلوا منصب الوزارة، فرَّطوا في ثروة الوطن العقارية، وأهدروا أراضيَ الدولة لأبنائهم وأقربائهم، ومارسوا السلطة فسادًا وإفسادًا؛ حيث سهَّلوا لآخرين الحصول على أراضٍ وفيلات دون وجه حق، ويتم إجراء تحقيقات موسعة معهم، مثل: محمد إبراهيم سليمان، غير أن التحقيقات توقَّفت فجأةً، وأصبح الرأي العام يتساءل: لماذا توقفت التحقيقات؟! وهل تمَّ التهديد بفتح الملفات لآخرين من أصحاب السلطة، يمتلك هو الأدلة ضدهم كما نشرت الصحف؟!
ومنهم نواب حصلوا على قرارات علاج على نفقة الدولة لموتى وأشخاص وهميين، واستخرجوا هذه القرارات مقابل نسبة من إجمالي مبلغ القرارات، وتعاملوا مع مستشفيات خاصة، دون وجه حق، واستولوا على ملايين الجنيهات الخاصة بعلاج الفقراء والأرامل واليتامى؛ دون خوف من ضمير أو وازع من دين!.
ومنهم من استغلَّ وظيفته كضابط أمن دولة سابق مسئول عن ملف ممتلكات اليهود في مصر، وفقًا لما نُشر، وأراد أن يتلاعب بها مستغلاًّ موقعه وحصانته، ووفقًا للمثَل أو الحكمة المعروفة "إذا اختلف اللصان ظهر المسروق"؛ فكان أن اختلف النواب المستفيدون من هذا الفساد فظهر الموضوع، وهو جدٌّ من أخطر المخالفات.
ومنهم من صدرت ضده إسطوانات مدمجة، تحتوي على سقوط أخلاقي ينافي المروءة والشرف، وما زال عضوًا بالحزب والمجلس.
ومنهم من تاجر في دماء المصريين، ويُعرف بنائب أكياس الدم.
ومنهم نائب القمار، والذي تمَّ ضبطه متلبسًا بتهريب التليفونات المحمولة، وما زال عضوا بالمجلس الموقر!.
أما جديد نواب الحزب الوطني فهو دعوة بعضهم، وتحريض الشرطة بشكل واضح وصريح، لضرب المتظاهرين من أبناء شعبهم بالرصاص الحي، متهمين وزير داخلية حكومتهم بالتخاذل والضعف والرعونة مع المتظاهرين، وتسهيل وتسويغ ذلك له بأن عدد المصريين الآن 80 مليونًا ولن يَضُرَّ مصر أبدَا أن يصبحوا 79 مليونًا- مليون مصري يطالب نواب الوطني بقتلهم بالرصاص!!- وفيما يبدو أن مشكلة الحزب ونوابه فيمن يدبِّر تكاليف المليون رصاصة المطلوبة وتبعاتها، ويبدو أنهم سيطلبون إدراجها في مشروع الموازنة القادمة، أو سيتم جمعها من أحد رجال الأعمال الذي يعمل في صناعة الحديد، علمًا أن الرصاص مصنوعٌ من النحاس، مش مهم حديد, نحاس, المهم نصل إلى الهدف المطلوب.. مليون مواطن بمليون رصاصة.. الجودة والدقة مطلوبة يا جماعة.
السؤال: أين سيتم دفنهم؟
الجواب: سيتم تخصيص أراضٍ كمقابر جماعية بالتأكيد، واهي فرصة نستفيد من كام مليون متر تحت الترابيزة! شيء لزوم الشيء!.
وممكن أيضًا نبلطها بالسيراميك؛ لتبدو في أبهى صورة، والسيراميك موجود وجاهز ومخلوط بالفياجرا لزوم المزاج.
وممكن أيضًا نفرشها بالسجاد المحترم زيادةً في التكريم، وكله من خيرك يا فندم، وهو موجود وجاهز، إضافةً إلى أننا سنقوم بإنارتها بأرقى أنواع الكابلات والإضاءة، وكله من فضلة خيرك يا باشا، وسنقوم بنشر نعي لكل أسرة منهم في الجرائد "القومية طبعًا" الميت ميتنا والجرائد بتاعتنا يا باشا.
وسنقوم باستضافة بعض الأهالي في برنامج "مصر النهاردة" للتدليل على ديمقراطية الحزب، رغم أن البرنامج لا يستضيف المعارضين، لكن لا بأس أن نستضيف الموتى منهم.
سؤال: وكل هذه المصاريف تبرعات منِّي ولا من بقية رجال أعمال الحزب؟!
تبرعات مين يا باشا!! هناك أموال تبرعات السيول, ممكن نستفيد بيها بس محتاجة تعليمات وأهو كله بفايدة يا فندم!
لي سؤال يا فندم: هل سنقوم بحذف أسماء المليون مواطن من الكشوف الانتخابية أم سنتركها؟ وهل ممكن نختار المليون قتيل من دوائر محددة لتسهيل نجاح قادة الحزب المرشحين والمطلوب إنجاحهم؟!
الجواب: أرى أن ندعو إلى اجتماع عاجل للأمانة العامة لبحث الموضوع بشكل مؤسسي، ثمَّ عرضه على لجنة السياسات.. اتعلّموا الديمقراطية بقى، نحن ندعم المؤسسية!.
النتيجة: المقابر التي تمَّ إقامتها حاجة مشرِّفة للوطن، وقد أُقيمت بطريقة صحية مناسبة؛ بمعنى أنها "تردّ الروح"، وبالتالي رأينا عدم حذف أسماء الموتى في انتظار "عودة الروح" في أي وقت، خاصةً أننا "قاعدين لغاية آخر نفس".
خبر عاجل بالتلفزيون: جائزة الدولة التقديرية لنائب الرصاص!.
لا تتعجب.. إنها أكاديمية الشر.
د. حمدي حسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق